يبدو ان مالكي شركة "النساجون الشرقيون"، التي تحتل قمة صناعة السجاد والموكيت في مصر، تعلموا الدرس من المستثمرون الأجانب الذين هربوا من مصر في بدايات عام 2022؛ وبدأوا في لملمة أوراقهم ولكن بطريقة ذكية.

و"النساجون الشرقيون"، أسسها رجل الأعمال الراحل محمد فريد خميس، (توفي 2020) بمدينة العاشر من رمضان، عام 1981، لإنتاج وبيع وتصدير السجاد الميكانيكي والألياف.

وتعد النساجون الشرقيون، أحد أكبر مصنعي السجاد في العالم، وتعمل في سوق المفروشات الأرضية منذ ما يزيد عن 30 سنة، وتمتلك النساجون الشرقيون مصانع في كل من أمريكا والصين، وتبيع منتجاتها لأكثر من 130 دولة.

 

دومتى تسبق النساجون

أعلنت إدارة البورصة المصرية في سبتمبر 2022 تنفيذ عرض الاستحواذ على شركة الصناعات الغذائية العربية (دومتي) بقيمة إجمالية قدرها 511.5 مليون جنيه تقريبًا، لصالح تحالف شركة «Expedition Investment ” التي قررت رفع السعر من 5 إلى 5.5 جنيه للسهم قبل انتهاء العرض بأيام قليلة، وفقًا لموقع "المال".

ويبلغ عدد أسهم دومتي الإجمالي 282.6 مليون سهم، واستهدف مقدمو العرض 34% من الأسهم تمكنهم من إتمام السيطرة شبه الكاملة على الشركة بنسبة 90% باعتبار ما يستحوذون عليه بالفعل قبل العرض (56.6% تقريبًا)، وفقًا للمستهدف بنشرة الطرح.

 

علامات استفهام

وأثارت بالفعل شركة FYK Limited البريطانية، لغزًا في مصر خلال الأيام القليلة الماضية، بعد الإعلان عن استحواذها على 24% من أسهم شركة "النساجون الشرقيون"، والمقدرة بـ1.4 مليار جنيه مصري.

وكثرت الأقوال وقتها عن سبب استحواذ الشركة في هذا التوقيت على هذه النسبة؟ وهل هي شركة إنجليزية بالفعل، أم أن ياسمين وفريدة محمد فريد خميس تمتلكان هذه الشركة؟

وزاد الإثارة بيان شركة "النساجون الشرقيون"، الذي أوضح أن ياسمين وفريدة، مالكتا الحصة التي اشترتها FYK Limited لازالتا تحتفظان بملكية نفس الحصة.

الأمر الذي أدى إلى تداول أخبار تفيد ملكية فريدة وياسمين لشركة FYK Limited، وأنهما باعا لأنفسهما بشكل غير مباشر.

وتكهن البعض وقال إن اسم FYK Limited يرمز إلى أول حرف من اسم كلا من فريدة F وياسمين y ويرمز حرف K إلى اسم عائلتهما خميس، وفقًا لـ" أريبيان بيزنس".

وتعتبر شركة FYK LIMITED أو FYK شركة خاصة محدودة، تأسست في مدينة مانشستر ببريطانيا منذ ما يقرب من 5 سنوات، وتحديدا في 24 يناير 2018، كما أن نشاطها في تجارة البن والشاي والكاكاو والبهارات، ومواد غذائية أخرى، بالإضافة للإنشاءات، ولاسيما المواد الإنشاءات التجارية.

 

أسرار خطيرة

وقالت المحللة الاقتصادية حنان رمسيس إنها ليست المرة الأولى التي يتم فيها بيع شركات مملوكة داخل مصر لنفس مالكيها خارج مصر تحت شعار إعادة هيكلة.

وأوضحت في تصريحات لـ"روسيا اليوم" أنه سبق النساجون الشرقيون، عائلة ساويرس في 2007 فياسمين وفريدة محمد خميس باعو 25% من أسهمهم في شركة النساجون بقيمة 1.6 مليار جنية لشركة تابعة لهم في الخارج يملكون 100% من أسهمها.

وتابعت: "السبب وراء ذلك هو الهروب من الاجراءات القانونية الطويلة التي تفرضها الجهات الرقابية على صفقات البيع كالفحص النافي للجهالة، وإجراءات القيمة العادلة للسهم والذي لا بد أن تقوم به جهة من جهات التقييم وتحصل على مبلغ كبير من المال".

وأشارت إلى أنه ذلك يعطي ياسمين وفريدة خميس القدرة على البيع دون تأخير ودون إجراءات طويلة، كما سيتم إعفائهم من الضرائب لأن هذه الشركات والصناديق معفية لزيادة قيم الاستثمار، إلى جانب حماية استثماراتهم من خلال إخراج الصفقة للخارج وستكون مقيمة بالدولار، وهذا هدفه الخروج بالدولار وتجنب عدم استقرار سعر الصرف.

ونوهت رمسيس أنه لا بد أن تعلم الدولة أن هذا السلوك يضر بالاقتصاد الوطني في مصر مهما كانت ملكية الشركة ومالكيها.

كما أشار بعض المحللين أن بيع حصة 25% من الشركة ربما يكون خوفًا من مصير رجال أعمال طمع النظام بشركاتهم، كمؤسس شركة "جهينة" صفوان ثابت، ومالك محلات "التوحيد والنور" سيد السويركي، ورجل الأعمال حسن مالك، وحبسهم، وغيرهم.

 

هروب رؤوس الأموال والمستثمرين

ويرى السياسي المصري مجدي حمدان موسى، أن هذا الوضع هو "نتاج طبيعي لحالة التخبط التي تسود الأسواق المصرية، والقرارات العكسية، وعدم تفهم الحكومة وإدارة البلاد أن الوقت الحالي ليس وقت فرض الضرائب وارتفاع تكاليف الإنتاج".

وأكد موسى لـ"عربي 21" أن "الدول التي تهتم بالتنمية وتحاول تدارك الوقت الراهن مع حالة التضخم والركود، هي الدولة التي تبغي التنمية الفعلية، وهي من تخفف الضرائب وتكاليف الإنتاج على المنتج والمستثمر".

ويرى أن "البلاد الآن بها تخبط وغياب للحلول، والإدارة غير مدركة أن البلد تنهار اقتصاديًا، وأن هناك تسربًا كبيرًا لرؤس الأموال والمستثمرين، لعدم الإحساس بالأمان والخوف من تأميم شركاتهم"، مؤكدًا أن "البديل للمستثمر هو السعي كما فعلت ابنتا فريد خميس، لأن يكون لديهم مؤسسة بالخارج لتأمين الأموال في حالة الاستيلاء على شركتهم بمصر".

 

دراسة الفرص المتاحة بالسوق المصري

ويعتقد المستشار السياسي والاقتصادي الدكتور حسام الشاذلي، أننا سنرى في المستقبل القريب "عدة أنواع من الاتفاقيات الدولية في مصر، منها نموذج (النساجون الشرقيون)، وهو الأيسر والأقل خطرًا، ولكن سوف نرى نموذجًا آخر وهو لشركات أجنبية معروفة وقائمة تستولي على حصص بمؤسسات عريقة ناجحة".

وأكد أن هناك العديد من المؤسسات العملاقة المتخصصة "بدأت في اتفاقيات الاستحواذ بدراسة الفرص المتاحة بالسوق المصري منذ شهور، مع تأكد انهيار المنظومة الاقتصادية".

ومن وجهة نظر الشاذلي، أن "نموذج (النساجون الشرقيون)، سيحتاج كثيرًا من الجهد لإنجاحه؛ ولذلك لا ترى النظام يُلقي بالًا له، وذلك كون الأصول موجودة بمصر، وتحويلات الدولار محكومة تماما بالبنك المركزي".

 

مصادرة الشركات والممتلكات لصالح الانقلاب

ومارس نظام قائد الانقلاب في مصر مصادرة بعض شركات كبار المستثمرين ورجال الأعمال المصريين تحت ذرائع وحجج مختلفة لا تمت للحقيقة بصلة.

 وشهدت نهاية العام 2020 ثم العام 2021، توقيف رجال أعمال بينهم صاحب محلات "التوحيد والنور" سيد السويركي، ومؤسس شركة "جهينة" صفوان ثابت ونجله، ومؤسس صحيفة "المصري اليوم" صلاح دياب، ومن قبلهم رجل الأعمال أحمد بهجت وحسن مالك.

وتعرض حسن مالك، وصفوان ثابت، وسيد السويركي، وصلاح دياب، وغيرهم للحبس لأسباب مختلفة وبتهم مشتركة أغلبها تمويل جماعة إرهابية والانتماء إلى تنظيم محظور بهدف قلب نظام الحكم، ما تبعه قرارات من النظام بالسيطرة على ممتلكاتهم وشركاتهم، وفقًا لـ"عربي 21".

وأيضًا، وبتعليمات من النظام، سلّم رجل الأعمال أحمد أبو هشيمة، حصته في شركات حديد وصلب "المصريين" لرجل أعمال عهد حسني مبارك أحمد عز، في صفقة مثيرة للجدل.

كما أنه جرى توقيف رجل الصناعة والمال حسن راتب بتهمة الاتجار في الآثار، فيما أكد راتب، قبل القبض عليه لطلاب جامعة سيناء التي كان يمتلكها بأنه يتعرض لضغوط من قبل النظام لتسليم الجامعة لأحد المقربين من النظام، وفق ما أكده أحد الطلاب.