اقتحم، صباح اليوم، وزير "الأمن القومي" المتطرف إيتمار بن غفير، بحماية المئات من جنود الاحتلال، المسجد الأقصى المبارك تحت حراسة أمنية مشددة.

ومارس الإعلام العبري، مساء أمس، الخداع حول خطط اقتحام بن غفير المسجد الأقصى، وأعلن عن تأجيله، إلا أن بن غفير نفّذ اقتحامه الأول للمسجد الأقصى المبارك، بعد توليه حقيبة الأمن القومي في الحكومة الصهيوينة الجديدة، واستمرت عملية الاقتحام 13 دقيقة.

ويُعرف بن غفير، بأنه أحد أبرز غُلاة المتطرفين بين الساسة الإسرائيليين، وقد اعتاد اقتحام المسجد الأقصى حين كان عضوا في الكنيست خلال الأعوام الأخيرة، وآخرها في أثناء عيد العرش اليهودي يوم 12 أكتوبر الماضي، وفقًا لـ"الجزيرة".

وكان رئيس الشاباك الصهيوني رونان بار، قد أكد، أمس الاثنين، لـ بن غفير أنه لا يوجد أي عائق أمني أمام الاقتحام. وفي مساء اليوم نفسه، وافق بن غفير على الخطة العملياتية التي قدمتها الشرطة لتأمين اقتحامه.

ونددت دول عربية وخليجية، بشدة، باقتحام وزير "الأمن القومي" المتطرف إيتمار بن غفير صباح الثلاثاء، المسجد الأقصى المبارك تحت حراسة أمنية مشددة.

 

عوامل أسهمت في تنفيذ الافتحام

ونفذ بن غفير الاقتحام في وقت مبكر وفي وسط الأسبوع (يوم الثلاثاء)، في وقت ينشغل فيه الفلسطينيون بأعمالهم ووظائفهم، إلى جانب أنه جرى بشكل سريع ولم يتجاوز 13 دقيقة، وهو ما منع تدارك الأمر من قبل المصلين، أو توجههم إلى المسجد بعد سماع وفقًا لرئيس الهيئة المقدسية لمقاومة التهويد، ناصر هدمي.

كما أن جدار الفصل العنصري منع مئات آلاف الفلسطينيين من دخول القدس والمسجد الأقصى، الأمر الذي قلل أعداد القادرين على الوصول إليه، حتى خلا الأقصى منهم أغلب أيام العام.

كما أن شرطة الاحتلال حوّلت البلدة القديمة في القدس منذ فجر اليوم الثلاثاء إلى ثكنة عسكرية، وفرضت تضييقات على دخول المصلين لصلاة الفجر، ومنعت دخول الرجال دون سن 50 عامًا.

وأسهمت تضييقات الاحتلال غير المسبوقة على رواد المسجد الأقصى، خاصة أهالي القدس والداخل المحتل (فلسطينيو 48)، في تقليص أعداد المصلين لا سيما خلال أوقات الاقتحام

 

مرحلة جديدة من مراحل تهويد الأقصى

وعلى الرغم من كافة التحذيرات التي وُجهت للإرهابي بن غفير إلا أنه ضرب بها جميعًا عُرض الحائط، كما يقول الكاتب الصحفي عبد الله المجالي، ويؤكد أنه "وضع سابقة خطيرة إذا مرت دون رد فعل قوي حازم، فستؤسس لمرحلة جديدة من مراحل تهويد المسجد الأقصى، وهي التي وصلت للأسف لمراحل متقدمة نتيجة الاكتفاء بسياسة الإدانات الكلامية دون أي موقف حقيقي على الأرض".

ويتابع المجالي في مقاله " ألم يحن وقت القرارات الحازمة" بصحيفة السبيل: "صحيح أن خطوة الإرهابي بن غفير جلبت تنديدًا عربيًا وإسلاميًا نادرًا، لكن ذلك لا يجب أن يطمئننا، فهي تبقى مجرد إدانات لفظية، وبدون مواجهة جادة ومواقف حاسمة، سيتكرر الفعل ويتسع وتبقى الإدانات تراوح مكانها.

ويؤكد أن "خطوة بن غفير الاستفزازية اليوم محسوبة من قبل المستوى السياسي الصهيونية بعناية؛ فهي مجرد بالون اختبار، حتى إذا مرت دون أي اتخاذ أي مواقف حقيقية على الأرض، فسيتبعها خطوات أكثر وقاحة".

 

مقدمة لما هو أخطر

ومن جهته، قال الشيخ عكرمة صبري، خطيب المسجد الأقصى، إن اقتحام وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير المسجد الأقصى "مقدمة لما هو أخطر".

وقال صبري في حديث للأناضول: "ما جرى هو تمويه وغدر، ولذا فإن علينا أن لا نطمئن لأي تصريح يصدر عن هذه الحكومة الإسرائيلية أو أي إجراء يقوم به الاحتلال، علينا أن نكون متيقظين باستمرار".

وحذر الشيخ من أن يكون الاقتحام بداية لتنفيذ مطالب جماعات اليمين الإسرائيلي المتطرف بالسماح لمتطرفين بالصلاة في المسجد واقتحامه من كل أبوابه وكل أيام الأسبوع.

ووصف المتحدث باسم حركة المقاومة الإسلامية (حماس) حازم قاسم، جريمة اقتحام الوزير الإسرائيلي المتطرف "إيتمار بن غفير" المسجد الأقصى، بانها "استمرار لعدوان الاحتلال على مقدساتنا وحربه على هويتنا العربية"، مؤكدًا أن "المسجد الأقصى كان وسيبقى فلسطينيًا عربيًا إسلاميًا، ولا يمكن لأي قوة أو شخص فاشي أن يُغيّر هذه الحقيقة". وذكر أن "هذه المعركة لن تتوقف إلا بانتصار شعبنا النهائي وطرد المحتل عن كامل أرضنا".

 

العناصر الخمسة لردع المستوطنين

ويقول الباحث في شؤون القدس، زياد ابحيص، إن هناك عملية تضليل واضحة تكررت مع اقتحام اليوم، بينما أسهم الإعلام وتصريحات الفصائل الفلسطينية "في تخدير الحالة الشعبية، ضمن تحليل مسهب عن معادلات الردع وعودتها للعمل".

ونبّه ابحيص إلى اقتحام موسع يخطط الاحتلال لتنفيذه أبريل المقبل، وسيوافق الأسبوع الثالث من شهر رمضان. ونصح بالتزام -ما سمّاها- "العناصر الخمس" لردع المستوطنين، التي فصلها بقوله:

أولها - وأهمها الرباط والفعل الشعبي.

وثانيها - عمليات المبادرة الفردية من كل فلسطيني.

وثالثها - التفاعل الشعبي الخارجي.

ورابعها - فعل المقاومة المنظمة من قطاع غزة.

وخامسها - عنصر المقاومة المنظمة في حواضن محدودة بالضفة الغربية "أفلتت من قبضة التنسيق الأمني".

وكانت الشرطة الصهيوينة قد سمحت أحاديًا في العام 2003 لمتطرفين باقتحام المسجد الأقصى لعدة ساعات يوميًا ما عدا يومي الجمعة والسبت. ومنذ ذلك الحين ازدادت أعداد المقتحمين رغم الاعتراضات المستمرة من قبل دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس ومطالباتها المستمرة بوقف الاقتحامات.