مع بداية عام 2023 وأزمة تكدس البضائع في الموانيء المصرية تتزايد وسط فشل مغتصب السلطة في مصر في الوفاء بتعهداته، بشأن حلها خلال أسبوعين، لتضاف لوعوده الكاذبة.

ومع تراجع احتياطات  الدولار ورفض البنوك تمويل المستوردين، انتاب القلق معظمهم  انتظارا لمعرفة ما إذا كان باستطاعتهم  توفير الدولارات اللازمة لتمويل استكمال الشحنات التي اتفقوا عليها حيث  لم تكن الأموال التي يحتاجونها متوفرة بعد، لتنحصر وارداتهم في عام 2022، عند عشر الكمية فقط، مقارنة بالسنوات الماضية.

 

ظروف كارثية

ويصف العديد من المستوردين ما تمر به تجارتهم بالظروف الكارثية، فهم غير قادرين على الحصول على الدولار وليس لديهم أي فكرة أو حلول عن كيفية حل المشاكل، مضيفين أن عندهم آلاف الموظفين يتحملون تكاليف رواتبهم من مدخراتهم الشخصية التي اقتربت على النفاذ.

ومن جهته قالت صحيفة "فايننشال تايمز" أن المستوردون يعيشون في مأزق بسبب نقص العملة الصعبة يشمل الكثير من الأعمال، حيث تمخضت أول ثلاثة أسابيع من الغزو الروسي الشامل لأوكرانيا في شهر فبراير، عن خروج ما يقرب من عشرين مليار دولار من هذا البلد العربي الأكثر كثافة من حيث السكان، وذلك لدى مسارعة المستثمرين الأجانب بالهرب إلى ملاذات آمنة، خارج مصر.

 

وعود كاذبة

وكعادته تنصل عبدالفتاح السيسي من وعوده والتي أكد فيها أن البنوك ستؤمن العملة الأجنبية اللازمة لتصفية الواردات المتراكمة في غضون أربعة أيام، دون الخوض في التفاصيل، حيث كذبه رئيس وزرائه مصطفى مدبولي، أنه لا تزال هناك بضائع بقيمة 9.5 مليار دولار محتجزة في موانئ الدولة، ولن تحل قبل نهاية عام 2023.

وأدى ارتفاع معدلات التضخم بعد الحرب الروسية بأوكرانيا، إلى ارتفاع مواز في أسعار السلع الأساسية مثل القمح الذي تعد مصر أكبر مستورديه في العالم، مما زاد من الضغوط على موارد العملة الأجنبية في البلاد، وأجبر البنك المركزي المصري على خفض سعر صرف الجنيه مرتين، في مارس ثم أكتوبر.

وبلغ معدل التضخم في نوفمبر، 18.7 في المائة، وهو أعلى معدل في خمس سنوات الأخيرة.

وللمرة الرابعة خلال ست سنوات، اضطرت مصر اللجوء إلى صندوق النقد الدولي، الذي وافق الشهر الماضي على قرض بقيمة 3 مليارات دولار على مدى أربع سنوات.

ويكمن جوهر الاتفاقية مع المؤسسة الدولية المانحة، حسب فاينانشال تايمز، في التزام القاهرة بالانتقال إلى نظام سعر صرف مرن تحدد فيه قوى السوق قيمة العملة، وهو أمر طالما قاومته الحكومات المصرية.

 

تضرر الأعمال الاستثمارية

ونتيجة لشح الدولار تضررت الأعمال التجارية من مزارع الدواجن ومصنعي السيارات بشدة في مصر التي تستورد معظم حاجياته الغذائية والعديد من المدخلات الأساسية لصناعاته، وبينما يفكر صانعو السياسات في موعد وكيفية الانتقال إلى نظام سعر صرف مرن، يشكو رواد الأعمال من عدم وضوح المستقبل.

فاشتكى رئيس شركة تعمل في قطاع تربية الدواجن، من أن شحنات الحبوب، وخاصة فول الصويا والذرة المستخدمة في العلف، عالقة في الموانئ بسبب نقص الدولار، مضيفا "كل يوم علينا أن نجد علفا، وأحيانا ينفد منا ولا تتغذى الطيور".

وقال إن بعض المنتجين العاملين في القطاع، اضطروا إلى التخلي عن بعض أعمالهم عن طريق بيع الطيور بخسارة، قبل بلوغها السن الذي عادة ما يتم فيه إرسالها إلى الأسواق.

وتابع المتحدث ذاته لصحيفة "فايننشال تايمز"، أن "السعر كان أقل بكثير من تكلفة الإنتاج، وأوضح أن "بعض المنافسين اضطروا لقتل الكتاكيت"، مضيفا أن الانخفاض "الكبير" في المعروض من الدجاج المباع للحوم، أدى إلى زيادة الأسعار بأكثر من 50 بالمئة.

وأضاف أن الانخفاض "الكبير" في العرض على الدجاج الموجه للحوم أدى إلى زيادة الأسعار بأكثر من 50 بالمئة.

من جانبه، قال محمد أبو باشا، رئيس قسم تحليل الاقتصاد الكلي في البنك الاستثماري EFG-Hermes ، صحيفة "فايننشال تايمز"الذي يتخذ من القاهرة مقرا له، إن التحول إلى سعر صرف مرن لا يمكن أن يحدث "بين عشية وضحاها"، مبرزا أن السلطات بحاجة إلى " أولا، إلى بناء احتياطي من العملة الأجنبية للمساعدة في التخلص من الطلبات المتراكمة".

 

من يتحمل تكاليف تخزين البضائع العالقة بالموانئ؟

تبلغ حجم البضائع العالقة في الموانئ نحو 9.5 مليارات دولار، منها بضائع صب (بضائع غير معبأة مثل الحبوب وخلافه) تقدر بنحو 3.4 مليارات دولار. ولم يستطع المستوردون  الإفراج عن سلعهم بسبب نقص الدولار الذي تتعامل به السلطات المصرية عند الإفراج الجمركي، ما أدى إلى تراكم الكثير من البضائع وعدم وصولها إلى الأسواق المحلية، ما يكلفهم أعباء إضافية بسبب تحملهم زيادات مالية أخرى بسبب استئجار الموانئ والمخازن.

وقال أحد المصادر في شعبة المستوردين، إن احتجاز البضائع في الموانئ يُحمّل المصنعين والتجار تكاليف إضافية يدفعونها لتخزين البضائع في الموانئ بالعملة الصعبة، وهو ما يعني استمرار غلاء الأسعار في الأسواق، مشيرا إلى أن نحو ربع الواردات المصرية فقط هي منتجات استهلاكية.