اقترب حجم الديون الخارجية الحقيقية على مصر من 291 مليار دولار في نهاية 2022، وهوما يمثل ديونًا كبيرة للغاية لا تستطيع موازنة الدولة تحملها.

وكانت أرقام البنك المركزي تشير إلى أن ديون مصر الخارجية تقدر بـ 157.8 مليار دولار نهاية مارس الماضي، بما يشكل 89% من الناتج المحلي الإجمالي وفقًا لمؤسسة التجارة الخارجية الألمانية للاستثمار والتجارة.

ويعني هذا أن خدمة الدين المصري الذي تزيد سنويًا عن 20 مليار دولار وفاتورة الواردات من السلع الأساسية سترتفعان بشكل كبير فيما تتراجع احتياطات البنك المركزي من العملة الصعبة، وفقًا لـ"BBC".

لكن هذا الرقم (157.8 مليار دولار) كان يخلو من 58 مليار دولار حجم إنفاق حكومة الانقلاب على العاصمة الإدارية الجديدة، و23 مليار دولار لإنشاء شبكة سكك حديدية عالية السرعة، و32 مليار دولار لإنشاء محطة نووية بالضبعة، وديون للبنوك بقيمة 12 مليار دولار، إضافة إلى 8 مليارات دولار للتوسعة الجزئية لقناة السويس، وفقًا لحوار مع أستاذ الاقتصاد ورجل الأعمال المصري محمود وهبة، وهو ما يصل بحجم الديون في النهاية إلى 290.8 مليار دولار في 2022.

 

أزمة حادة لتغطية تكاليف الواردات

وتواجه الدولة في الوقت الراهن أزمة حادة لتغطية تكاليف الواردات المتزايدة من السلع أولها المواد الأولية والأغذية والأدوية. ورغم محاولة حكومة الانقلاب بيع المزيد من مؤسسات القطاع العام أو أسهم منها للقطاع الخاص يستمر النقص بشكل يضعف الثقة بمناخ الأعمال والاستثمارات الأجنبية التي تراجع تدفقها.

وتحتاج مصر الى حوالي 14 مليار دولار إضافية لإعطاء دفعة جديدة لإصلاح الاقتصاد وسد العجز الناتج عن نقص العملة الأجنبية في البلاد. لكن في المقابل تهدد القروض المتزايدة بإغراق مصر بالديون التي أوصلت بلدانًا عدة إلى الإفلاس، خصوصًا وأن واردات مصر من العملة الصعبة لا تفي بمتطلبات خدمة الدين.

 

خسارة ثلث القوة الشرائية

لقد خسرت فئات عريضة من الشعب المصري أكثر من ثلث قوتها الشرائية خلال أقل من سنة، وثمة مخاوف متزايدة من عواقب القروض الجديدة والقروض اللاحقة على المستوى المعيشي للمواطن المصري البسيط، وفقًا لـ"BBC".

 

نصيب المواطن من الدين الخارجي 1414 دولارًا

وفق آخر بيانات البنك المركزي، أصبح متوسط نصيب الفرد من الدين الخارجي 1414 دولارًا.

من جهته، توقع الأكاديمي الاقتصادي، أشرف دوابة، أن تؤدي الديون إلى لجوء الحكومة لمزيد من تعويم العملة المحلية وزيادة الضرائب وزيادة فواتير الخدمات العامة مع تراجع الاهتمام بالبنية التحتية، وفقًا لـ"الجزيرة".

 

نفقات وبطالة وتضخم

ويلفت موقع "بومد" الأمريكي المتخصص بالإحصاءات إلى أن السلطات المصرية أنفقت مليارات الدولارات على مشاريع "معظمها يبدو أنها تضيف قيمة رمزية وليست اقتصادية".

ويورد الموقع أمثلة على ذلك، منها 58 مليار دولار كلفة العاصمة الإدارية الجديدة في الصحراء خارج القاهرة، ومحطة نووية بقيمة 32 مليار دولار لإنتاج الطاقة في بلد به فائض في الكهرباء، وتوسيع قدرة قناة السويس بقيمة 8 مليارات دولار، والتي لم تحقق بعد زيادة ملحوظة في رسوم العبور، حيث ارتفعت إلى 7 مليارات دولار فقط في عام 2021/2022، من 5.6 مليارات دولار في عام 2017، بحسب موقع هيئة الاستعلامات الحكومي.

تأتي هذه النفقات فيما معدل بطالة الشباب يتجاوز 25%، وبمعدل مشاركة القوى العاملة، انخفضت إلى 42% في عام 2021 من 49% قبل عقد، بحسب منظمة العمل الدولية.

ووفقًا للبنك الدولي، فإن معدل مشاركة القوى العاملة في مصر أقل من المتوسط ​​العالمي البالغ 59%، ومتوسط ​​منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا البالغ 46%، ومتوسط ​​الدول منخفضة ومتوسطة الدخل 58%، وفقًا لـ"العربي الجديد".

أما التضخم، فقد عرف ارتفاعات كبيرة خلال السنة الحالية خصوصًا، حيث صعد من 5.4% في ديسمبر 2020، إلى 5.89% في 2021، ليسجل 18.7% في نوفمبر 2022، بحسب الإحصاءات الرسمية. ويأتي ذلك بموازاة فقدان الجنيه 34% من قيمته منذ بداية 2022.

 

انخفاض نمو الاقتصاد وارتفاع معدل الفقر

خفض البنك الدولي توقعاته لنمو الاقتصاد، إلى 4.5% في السنة المالية 2022/2023، مشيرًا إلى أن معدل الفقر قد يرتفع، إذ سجل آخر مستوى له عند 29.7% خلال الفترة من أكتوبر 2019 إلى مارس 2020، ووفقًا للبنك الدولي فإن 60% من سكان مصر إما فقراء أو ضعفاء.

وأضاف تقرير البنك الدولي “وسط تداعيات الصراع الروسي-الأوكراني، والاختناقات المستمرة في سلاسل الإمداد، وتشديد الأوضاع المالية العالمية، تشهد مصر ارتفاعًا في التضخم، وتدفقات إلى الخارج من استثمارات المحفظة، ما أضاف إلى الضغوط على حسابات المالية العامة وحسابات المعاملات الخارجية”، وفقًا لـ"رصد".

وتابع: “في حين أن المؤشرات الرئيسية (بما في ذلك وضع صافي الأصول الأجنبية للبنوك) كانت تشير إلى تزايد الضغوط على حسابات المعاملات الخارجية على مدار العامين الماضيين (منذ السنة المالية 2020/2021)، انخفضت الاحتياطيات من النقد الأجنبي بشكل حاد منذ مارس 2022، مع تداخل الصدمات العالمية”.

 

ارتفاع الأسعار واختفاء السلع من الأسواق

وازدادت معاناة المواطن بعد تعويم الجنيه مرتين خلال 2022، وهو ما ترتب عليه ارتفاع أسعار السلع الأساسية كالأرز والسكر والقمح بصورة لا تحتملها جيوبه الممتلئة بعلامات الاستفهام والخالية من الأموال، وفقًا لـ"الشرق الأوسيط"، بل إن كثيرًا من السلع غير متاحة بشكل كافٍ أصلًا، إما نتيجة تعثر الاستيراد (مع شح الدولار وآليات الموافقات الاستيرادية التي طالب الصندوق بإيقافها)، أو نقص في الإنتاج (للسبب السابق نفسه الذي يقلص مدخلات الإنتاج)، أو حتى نتيجة جشع التجار وتخزينهم البضائع ترقبًا لاستقرار أسعارها أو مزيد من الغلاء.