أزمات تلو أزمات  يتعرض لها مستشفى السرطان 57357، فبعد صرف إعلانات تكلفت ما يزيد عن ملياري جنيه طيلة 10 سنوات مضت في حين أن إجمالي الأموال التي استفاد منها المرضى خلال تلك الفترة لم يتجاوز المليار ونصف، وسط اتهامات بالرشاوى والفساد في تلك المؤسسة، التي من المفترض أن تخفف العب عن آلاف الأطفال الذين يعانون الآلام.
طوابير انتظار طويلة يقف فيها أطفال يعانون الآلام، في الوقت الذي انتشرت فيه الأنباء عن مجاملات ورشاوى تدفع لدخول مستشفى السرطان، فضلا عن أن هذا المستشفى الذي يعالج فيه الأطفال بالمجان رصد فيه بعض الحالات التي تعود لرجال أعمال وموظفين كبار ومسؤولين بالدولة تكلف علاج ذويهم ملايين الجنيهات على حساب تبرعات الفقراء، في حين أن هؤلاء يستطيعون أن يعالجوا ذويهم على نفقتهم.


نضوب التبرعات
يبدو أن خطة إدارة مستشفى سرطان الأطفال التي استعانت بالعديد من نجوم الفن والمجتمع من خلال إعلانات حتى وإن كان هؤلاء النجوم لم يتقاضوا أجرا، فإن تكلفة تلك الإعلانات كانت باهظة الثمن، قد فشلت في جلب مزيد من التبرعات ليخرجوا بخطة استجداء أخرى، مناشدين المصريين بالتبرع لتعرض مستشفى طنطا لخطر الإغلاق، بسبب ارتفاع التكاليف ونضوب التبرعات.
ويمثل المستشفى الذي مقره في طنطا، الذي تأسس قبل خمسة عشر عاما (ويعرف أيضاً بالرقم 57357، وهو رقم الحساب البنكي الذي يتلقى عليه المستشفى التبرعات)  شعاعاً من أمل للآلاف من الأطفال الذين يعانون من مرض السرطان في دلتا النيل.
ويقول مدير مستشفى السرطان في طنطا الدكتور محمد فوزي، إن توقف العمل بالمستشفى، جاء بسبب ضعف التبرعات، التي كان يتم تلقيها والاعتماد عليها لصرفها في علاج الحالات، وإحجام الكثير من المتبرعين في طنطا ووسط الدلتا عن التبرع، وغياب دور الجمعيات والمؤسسات الخيرية في مواجهة تلك الأزمة.
يحوي مستشفى 57357 في طنطا، والمكون من أربعة طوابق، ستين سريراً لمعالجة الأطفال المصابين بالسرطان، وتتوفر لديها عيادات خارجية تستقبل ما بين عشرين إلى ستين مريضاً كل يوم.

 

ماذا لو تم الغلق؟
يعتبر مستشفى سرطان طنطا، منظمة غير ربحية، يرفض إلزام المرضى بدفع تكاليف العلاج الذي يتلقونه، ولذلك فإن إغلاق المستشفى سيكون بمثابة نكبة تحل بآلاف الأطفال من مرضى السرطان في دلتا النيل.
ومن جهته يرى الدكتور إبراهيم الزيات، عضو مجلس إدارة نقابة الأطباء: "لو أغلقنا مستشفى طنطا فسوف نضطر إلى تحويل جميع هؤلاء المرضى إلى المستشفى الرئيسي في القاهرة"، مضيفا: "سوف يكون ذلك مكلفاً ومرهقاً جداً للمرضى ولعائلاتهم".
وكان المستشفى يحصل على ما يقرب من 25 مليون جنيه مصري  كل عام، ويقدم العلاج لما لا يقل عن 3 آلاف طفل من مرضى السرطان كل عام.
لكن الأمور ساءت قبل عامين مع تفشى جائحة "كوفيد-19" في مصر وحول العالم، أدت إلى زيادات ضخمة في تكاليف الأدوية التي يحتاجها المستشفى لعلاج مرضاه، وجلهم من أطفال الريف ممن عائلاتهم فقيرة ولا تتمكن من دفع تكاليف علاجهم.
 

أزمة تبرعات أم أزمة فساد
رغم أن شبح إغلاق مستشفى 57357 يلوح في الأفق، بالرغم الحملات التي سيطرت على مواقع التواصل الاجتماعي لجذب العديد من التبرعات، إلا أن بعض النشطاء يرون أنه لا توجد أزمة في التبرعات بل توجد أزمة في إدارتها، مطالبين بفتح تحقيق ينشر للرأي العام عن مسار صرف أموال التبرعات التي تلقتها المستشفى.
كما ندد آخرون بسياسة حكومة الانقلاب  باختلال الأولويات لديها ، متسائلين عن سبب عدم تقديم الدعم لمستشفى لسرطان الأطفال، ففي الوقت الذي يحتاج فيه المستشفى إلى 25 مليون جنيه سنويا، تقوم الرئاسة بشراء طائرة خاصة بالمليارات بجانب صرف مليارات الجنيهات على بناء القصور والمشاريع الوهمية.

 

ميزانية علاجية ضئيلة
وخصصت حكومة الانقلاب 3% من ميزانيتها لعام 2023 للقطاع الصحي، وهذا يعادل 128.1 مليار جنيه مقارنة بمبلغ 108.8 مليار جنيه مصري في العام الماضي.
لكن هذه الأموال بحسب عضو مجلس إدارة نقابة الأطباء "إبراهيم الزيات" لم تكن كافية لتلبية احتياجات المستشفيات التي تديرها الدولة، مضيفا أن: "المستشفيات في أمس الحاجة إلى المزيد من المال، حتى تتمكن من شراء الأدوية والمعدات".
كما اعترف الزيات بمعاناة معظم المستشفيات من نقص في العاملين في المهن الطبية، ما يفقد هذه المستشفيات القدرة على القيام بمهامها بشكل سليم
وخلال السنوات الثلاث الماضية، انتقل عشرات الآلاف من الأطباء المصريين للعمل في بلدان أخرى، حيث يتلقون أجوراً أكبر ويتمتعون بظروف عمل أفضل، ما ترك المستشفيات المحلية تعاني من نقص حاد في الموظفين.