أثار قانون العمل الجديد في مصر العديد من الجدل خاصة مع إقراره، وسط تحذيرات من أحزاب ومنظمات حقوقية من أن الخطوة «تهدد الاستقرار المجتمعي».

وتم  طرح  مشروع قانون العمل الجديد بمجلس النواب استعداداً لمناقشته، وسط تحذيرات من منظمات حقوقية مهتمة بشؤون العمال وأحزاب سياسية وشخصيات عامة، من تمرير هذا القانون مطالبين بإجراء حوار مجتمعي واسع، حول مشروع قانون العمل الجديد المقدم من الحكومة والاستماع لممثلي الطرف الرئيسي صاحب المصلحة فيه، وهم العمال باعتبار هذا القانون أهم وأخطر التشريعات الاجتماعية في أي مجتمع.

 

مناقشة قانون العمل الجديد

وشرعت لجنة القوى العاملة بمجلس النواب، قبل نحو أسبوع، في مناقشة مشروع القانون المقدم من الحكومة، الذي خرج من لجنة القوى العاملة بالبرلمان عام 2017 بعدما نظمت بشأنه جلسات استماع محدودة العدد والمشاركة، وأدخلت عليه بعض التعديلات قليلة الأثر، متجاهلةً الكثير من الملاحظات التي رفعها خبراء ونقابيون ومهتمون بالشأن العمالي، فضلاً عن تجاهل بعض ملاحظات قسم التشريع بمجلس الدولة التي أرسلها المجلس القومي لحقوق الإنسان بشأن القانون، وبعض ملاحظات منظمة العمل الدولية. 

وكانت الجلسة التي عقدتها لجنة القوى العاملة في مجلس النواب للاستماع إلى آراء ممثلي العمال اقتصرت على الاتحاد الرسمي، وشهدت غياب ممثلين للنقابات المستقلة أو المنظمات الحقوقية المهتمة بشؤون العمال.

 

رفض واسع لقانون العمل الجديد

ورفض خبراء ونقابيون ومهتمون بالشأن العمالي قانون العمل الجديد معتبرينه إعادة استنساخ لقانون مضى عليه أكثر من عشرين عاماً، مؤكدين أن التشريعات الاجتماعية يجب أن تكون متماشية مع المتغيرات الاقتصادية والاجتماعية الطارئة مع مضي السنوات، فضلاً عن قدرتها على فض النزاعات بشكل عملي وواقعي نتيجة التغيرات الاقتصادية والاجتماعية والتشريعية المحيطة. 

واتهم الخبراء الحكومة بتقديم مشروع قانون يتضمن رأي أصحاب الأعمال، ويغفل رأي الغالبية الساحقة من المجتمع المصري، وفي مقدمتها العاملون بأجر، البالغون نحو 27 مليوناً
واعتبر الخبراء  إصرار الحكومة على عدم إجراء حوار مجتمعي بشأنه، وعدم الاستماع لرأي الطرف الرئيسي في علاقات العمل، وهم العمال، وتجاهل طلبات المنظمات النقابية المستقلة التي أنشأها العمال طبقاً لقانون الحرية النقابية وحق التنظيم بعقد جلسات استماع لها، عند مناقشة المشروع في مجلس الشيوخ، ثم في مجلس النواب، سيؤدي بالضرورة إلى تزايد التوترات في بيئة العمل، التي يشكل استقرارها أهم عوامل الاستقرار الاجتماعي.

 

قانون يخالف مواد الدستور

ويرى مراقبون وخبراء في الشأن العمالي ونقابيون أن مشروع القانون الجديد يحتوي على نصوص تناقض الدستور والاتفاقيات الدولية، وعلى نصوص أخرى تتعارض مع مثيلاتها في قانون الخدمة المدنية، الأمر الذي يعد تمييزاً غير دستوري بين المواطنين، بخلاف أنه يكاد يكون هو نفس القانون الحالي مع تعديلات تضيف امتيازات جديدة لأصحاب الأعمال، وخصوصاً بشأن الأجور والعلاوات والتوظيف، بالإضافة إلى السلطات الواسعة في تسريح العمالة.

 كما نوه الخبراء أن مشروع القانون الجديد لم يواكب التغيرات الكبيرة والجذرية في سوق العمل خلال الأعوام العشرين الماضية، منذ صدور قانون العمل الحالي عام 2003، من تقلص عمال القطاع العام إلى 250 ألفاً فقط، ويجري التعامل معهم بآليات القطاع الخاص، واكتساح العمالة غير المنتظمة لكل قطاعات العمل، حتى داخل القطاعين العام والحكومي، بإسناد أعمال دائمة بطبيعتها لعمالة بعقود مؤقتة تُجلب عبر شركات توظيف لتسهيل سلب حقوق هؤلاء العمال، والتخلص منهم عند اللزوم، ناهيك عن العمالة غير المنتظمة في القطاع الخاص بكافة مستوياته، والبالغة أكثر من 14 مليون عامل.

 

قانون يهدد الاستقرار الاجتماعي

ويقول الخبراء إن تجاهل الاستماع للعمال بشأن قانون العمل الذي "يهدد الاستقرار الاجتماعي"، وهو ما جعل العديد من منظمات حقوقية ومجتمع مدني، ولجان عمالية في أحزاب سياسية ونقابيون، من بينهم "حملة الدفاع عن الحرية النقابية وحقوق العمال، ودار الخدمات النقابية والعمالية، والحزب الشيوعي المصري يصدروا  بياناً موحداً طالبوا فيه بـ"حق الغالبية الساحقة من المجتمع المصري، وفي مقدمتها العاملين بأجر، البالغين نحو 27 مليوناً، في إجراء حوار مجتمعي واسع، حول مشروع قانون العمل الجديد، المقدم من الحكومة دون الاستماع لممثلي الطرف الرئيسي صاحب المصلحة فيه، باعتباره أهم وأخطر التشريعات الاجتماعية في أي مجتمع.