التنقيب عن الآثار والاتجار في المخدرات ملفات خفية في مصر تظهر وتختفي من آن لآخر؛ ليحمل للواجهة أسماء كبيرة لسياسيين وبرلمانيين ورجال أعمال، تابعين لحزب "مستقبل وطن"، وسط محاولات احتوائها بعيدا عن أجهزة النيابة والقضاء، بعد أن وصل صداها إلى وسائل الإعلام، عقب كشف تورط العديد منهم في البحث والتنقيب عن الآثار وتهريبها للخارج، بالإضافة لتسترهم على العديد من تجار المخدرات.

 

نواب المخدرات

كانت أحدث جرائم تورط فيها نواب "مستقبل وطن" التي تم التغطية عليها هي قيام النائب التابع لمستقبل وطن عن دائرة حلوان عيد حماد بالتعدي على كمين أمني في منطقة 15 مايو بعد أن تم ضبط سائقه الشخصي وبحوزته كمية كبيرة من مخدر الحشيش وبعض الأسلحة النارية.

حيث تلقت الأجهزة الأمنية بالقاهرة إخطارا من كمين شرطة 15 مايو، يفيد بضبط سائق عضو مجلس نواب الانقلاب بحوزته مخدرات وأسلحة، ومحاولة حماد الاستيلاء على السيارة المحرزة بعد وصوله، وتعديه بألفاظ نابية على أفراد الكمين مستندا إلى حصانته النيابية، ثم الفرار بالسيارة هاربا دون تحريز المضبوطات.

 

نواب البلطجة والرشاوي

لا يخفى على الكثير كم المهازل التي تحدث برعاية العسكر لتمرير انتخابات مجلس نواب الانقلاب بصورة أصحبت فجة، فشهدت انتخابات مجلس نواب الانقلاب الأخيرة تورط الكثير من مرشحي حزب "مستقبل وطن"، المدعوم من قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي، في انتهاكات صارخة، تشمل الاعتداء على المرشحين المنافسين، والتورط في عمليات شراء واسعة لأصوات الناخبين، مقابل مبالغ مالية وصلت إلى 500 جنيه للصوت الواحد، وهو ما وثقته عشرات من مقاطع الفيديو عبر مواقع التواصل الاجتماعي في مصر.

كما أن الانتخابات الماضية، شهدت حصول أحد الوسطاء على مليوني جنيه من كل مرشح زكي اسمه لخوض الانتخابات على قوائم حزب "مستقبل وطن"، بالإضافة إلى عشرين مليونا أخرى يحصل عليها الحزب.

وأصبح شائعا سعي رجال أعمال متورطين في أنشطة غير مشروعة إلى عضوية البرلمان، وانضمامهم إلى حزب موال مقابل سداد ملايين الجنيهات، بغرض التمتع بالحصانة النيابية في مواجهة المساءلة القانونية.

ولا يكتفي هؤلاء النواب على تقديم الرشاوى؛ بل يستخدمون العنف والبلطجة؛ ففي 27 أكتوبر 2020، تقدمت النائبة السابقة في مجلس نواب الانقلاب دينا عبد العزيز، ببلاغ إلى قسم شرطة 15 مايو بمدينة حلوان، تتهم فيه عيد حماد بـ"الاعتداء عليها بالضرب والسحل، وسرقة هاتفها المحمول".

وحسب رواية عبد العزيز، فإن حماد هو أحد أشهر تجار المخدرات في جنوب القاهرة، ورغم ذلك ترشح عن حزب الأغلبية في البرلمان، مشيرة إلى تعديه عليها بالضرب أثناء مشاركتها في تعليق بعض اللافتات الدعائية الخاصة بها، وذلك بعد تورطه، وأنصاره، في تمزيق اللافتات.

 

نواب الآثار

ووردت اسماء خمسة من أعضاء مجلس نواب الانقلاب عن حزب "مستقبل وطن" ضمن بلاغات وتحقيقات متعلقة بالاتجار في الآثار، من بينهم رئيس لجنة النقل والمواصلات ضابط الشرطة السابق والمتهم في قضايا تعذيب والنائب عن دائرة الصف بالجيزة علاء عابد، الذي أبعد عن رئاسة لجنة حقوق الإنسان التي شغلها في الفصل التشريعي السابق.

ويبدو أن تجارة الآثار أصبحت عادية ولا تعتبر جريمة عند مسؤولي العسكر الذين استحلوا ثروات المصريين، ويكفي ما قاله رئيس مجلس نواب الانقلاب السابق علي عبد العالي الذي قال للنائب السابق عن حزب الأغلبية، سيد عبد الوهاب: "خليك في تجارة الآثار عندك في محافظة المنيا"، بسبب تسجيل رفضه تمرير اتفاقية تنازل مصر عن جزيرتي تيران وصنافير للسعودية عام 2017، وهو ما أثار ردود فعل واسعة آنذاك بشأن معرفة رئيس البرلمان أنشطة بعض النواب غير المشروعة، والكشف عنها فقط عند معارضة أي منهم قرارات السلطة الحاكمة.

وقال برلماني سابق، رفض ذكر اسمه لبعض المواقع الصحفية، إن "معظم من نجحوا في الوصول إلى عضوية البرلمان في مصر، نجحوا بفضل الأجهزة الأمنية التي اختارتهم وحصلت منهم على أموال في مقابل إدراجهم على القوائم، وهذا ليس سراً، وبالتالي فإن الفساد داخل المجلس يأتي من أعلى وقبل حصول النائب على العضوية، ولذلك، فإنه من الطبيعي أن نسمع عن نواب يتاجرون في المخدرات والآثار من وقت لآخر".

وأضاف أنه "في الأغلب، عندما يُتهم نائب بجريمة مثل هذه، وتُفضح في وسائل الإعلام، فهذا يكون نتيجة خلاف بين المسؤولين في الأجهزة والنواب الذين يتعاملون معهم، وهذا حدث أكثر من مرة في السابق".