بدلا من أن تكون مصر، كعادتها، متصدرة للمشهد السياسي الإقليمي والعربي والإسلامي لما لها من ثقل وتمتعها بالعديد من المؤهلات الجيواستراتيجة، باتت القاهرة كأن لا دور لها في ملفات الشرق الأوسط من جهة، وإفريقيا من جهة أخرى، حيث أصبحت تغيب عن الاتفاقات الدولية، خاصة التي تخص جيرانها وأمنها القومي، فتقزيم دور مصر الدولي والإقليمي سياسة اتبعها نظام المغتصب عبدالفتاح السيسي منذ انقلابه العسكري، ولخص ذلك العديد من المشاهد والمواقف التي اتخذها نظام السيسي منذ عام 2014 وحتى الآن.

وبحسب مراقبين فإن عبدالفتاح السيسي منذ 2014 تسبب في تقهقر البلاد وغياب مصر عن لعب أدوار مهمة في عدد من الملفات؛ فبعدما فرط في نهر النيل مقابل الكرسي، بجانب فقدان دور الوساطة في ملف من صميم أمنها القومي وهو الملف الليبي الذي انتقل إلى "إمارة أبوظبي"، واستعانة حكومة طرابلس بالدولة التركية لإنقاذها من طغيان الانقلابي حفتر، غابت مصر عن مشهد توقيع "الاتفاق الإطاري" لحل أزمة السودان.

 

في السودان حضر الجميع عدا مصر

لم يتوقع الكثيرون أن اتفاقا مهما ومحوريا يرتبط بالأمن القومي لمصر، لا يمثل فيه مصر أحد في الوقت شارك في مراسم توقيع  الاتفاق الإثيوبي السوداني على حل سلمي لملفي الحدود و"سد النهضة" بطريقة سلمية وفقا لآليات مشتركة بين البلدين، كلا من "الآلية الثلاثية" الدولية التي تضم الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي ومنظمة "إيقاد"، بجانب "الآلية الرباعية" التي تضم السعودية والولايات المتحدة ودولة الإمارات وبريطانيا، بالإضافة إلى ممثلين عن دول الاتحاد الأوروبي والبعثات الدبلوماسية المعتمدة لدى الخرطوم، يغيب المثل الذي كان أهم سابقا وهو القاهرة.

وفي الوقت الذي انشغل فيه عبدالفتاح السيسي بفتح أحد الكباري" محور التعمير"، تم توقيع "الاتفاق الإطاري" السوداني الذي يحدد دور العسكر بالسودان خلال الفترة المقبلة، وبحسب مراقبين فإن غياب القاهرة عن المشهد الإقليمي الحالي إيذان بطي صفحة الريادة لتبدأ صفحة جديدة من التهميش الدولي.

ويأتي تراجع دور مصر الإقليمي في الوقت الذي تفرض فيه السعودية والإمارات سطوتهما ونفوذهما على دول الجوار، وتعملان، في الوقت ذاته، على تهميش دور القاهرة التي غرقت في الديون، خاصة من هاتين الدولتين.

حيث تركز اهتمام السيسي خلال مشاركته في أية فعالية في "الشحاتة" وتسول أي حجم من القروض والهبات، لإنقاذ مشاريعه التي أغرقت مصر في الديون.

 

استهجان غياب دور مصر

أثار غياب مصر عن إتمام الاتفاق السوداني وحضور ممثلي الاتحاد الإفريقي والسعودية والإمارات غضب وسخرية العديد من رواد مواقع التواصل الاجتماعي. 

 فكتب "أحمد": "هي مصر مش ناقصة تهميش يا بلحة.. مصر بتفقد رصيدها الدولي من ساعة ما انت شرفت".

وغردت "ميرفت" قائلة: "مصر أصبحت ملطشة النظام الكاذب والسيسي الخائن معدش بيفكر غير في افتتاح الكباري".

بينما سخرت "إسراء" بقولها: "الحمد لله على نعمة رئيس ساب الغلا والفقر وراح يعملنا كباري وطرق، ومش شاطر غير في الهري". 

وأضاف "فؤاد": "السيسي ساب اتفاق السودان وراح يحتفل بالإنجازات التي زادت أضعاف مضاعفة بافتتاح محور جديد، وهذا أكبر دليل على أن السيسي مطمن على إن السعودية والإمارات هيعملوا اللازم".

وأضاف صاحب حساب "الهكر": "من شروط البنك الدولي إن مش ليا إني يكون ليا كلمة في منطقتي، وكفاية إني افتتح الكباري،  وأزود الضرايب على الشعب".

 

ثمن باهظ

من جانبها أكدت رئيسة المجلس الثوري المصري، الدكتورة مها عزام أن الأخطاء التي يرتكبها السيسي تراكمية، والثمن الذي يدفعه الشعب المصري نتيجة لهذه الأخطاء باهظ للغاية.

وتابعت في تصريحات صحفية أنه مع كل فشل لسياساته، ومع كل خيانة يرتكبها بحق الوطن؛ تتقلص فترة سطوته وتتزايد الأعداد المناهضة لمنظومته، وفشله الذريع أصبح واضحا للجميع.

وقالت إن نفوذ مصر سيستمر في التقلص، لأن تحالفها مع الكيان الصهيوني وانسياقها وراء مصالح هذا الكيان ومصالح الإمارات التي تنفذ أيضا أجندة الكيان أصبح واضحا.