أكد العديد من الخبراء الاقتصاديين أن الجنيه سيخضع خلال الأيام القليلة القادمة لتعويم كامل مقابل الدولار من قبل حكومة الانقلاب، ولكن في إطار ما يسمى التعويم المدار أو التعويم التدريجي، وهو ما يعني أن الخفض الكبير في قيمة الجنيه لم يتم، خاصة أن البنك المركزي يستهدف سياسة صرف مرن ولكن بشكل تدريجي.

 

تعويم كامل للجنيه خلال أيام قليلة

وأكد الخبير الاقتصادي هاني جنينة، أن مصر تتجه خلال الفترة المقبلة نحو تعويم كامل للجنيه، وطالب بإنهاء الاتفاق مع صندوق النقد الدولي. وقال عبر قناة "المحور" إن "مصر ستشهد تعويمًا كاملًا خلال أيام قليلة.

وأضاف أن "الدولار لم يتوافر بعد التعويم الأخير، نتيجة عدم اتخاذ كثير من الإجراءات قبل اتخاذ قرار التعويم المتمثلة في إلغاء مبادرات البنك المركزي، وإقرار وثيقة ملكية الدولة"، وأشار إلى أن الدولار لم يكن ليرتفع بتلك الصورة لو اتخذت تلك الإجراءات قبل قرار التعويم، وفقًا لـ"روسيا اليوم".

وأضاف أن استثمارات القطاع الخاص تمثل 2% من الناتج المحلي، وأن تلك النسبة كانت 15% منذ 15 عامًا، وأشار إلى أن "إنهاء اتفاق صندوق النقد الدولي أصبح ضرورة ملحة في الفترة الحالية، خاصة بعد تحرير سعر الصرف وإلغاء المبادرات، وإقرار وثيقة مليكة الدولة".

وقال إن الدولة المصرية تتخارج من بعض القطاعات بشكل كلي على مدار 3 سنوات لصالح القطاع الخاص، وإنها ستدخل في شراكة مع القطاع الخاص مثل قطاع البترول والغاز، وتحافظ على مليكتها في بعض القطاعات.

 

بلومبيرج: الجنيه سيشهد مزيدًا من الانخفاض العام القادم

وقالت “بلومبيرج”، إن مصر ستتجه إلى مزيد من خفض سعر صرف الجنيه مقابل الدولار قبل أن تحصل على قرض صندوق النقد الدولي المقرر خلال ديسمبر الجاري، متوقعة في الوقت ذاته مزيدًا من الانخفاض خلال الـ12 شهرًا المقبلة.

وأشارت الوكالة إلى ضعف مرونة سعر الصرف في مصر مقارنة بأوضاع السوق الذي من المتوقع أن يشهد مزيدًا من الاضطراب خلال الأشهر المقبلة.

وأضافت أنه على الرغم من أن مصر خلال الربع الحالي من العام سمحت للجنيه بالهبوط بمعدل أكبر من كل العملات الأخرى تقريبًا في العالم، إلا أن المستثمرين يتساءلون عما إذا كانت السلطات ستخفف قبضتها تمامًا عن العملة إذا تعرضت لمزيد من الضغط، مشيرة إلى أن الإجابة عن تساؤلاتهم لن تتأخر طويلًا.

 

هبوط متسارع للجنيه

وفقًا لتحليل بنوك عالمية كبيرة، فإن مصر تُعدّ، بين أقرانها من الدول النامية، صاحبة الاقتصاد الأكثر عرضة لأزمة عملة خلال الاثني عشر شهرًا المقبلة، وفقًا لبنك "نومورا هولدينغز"، والذي توقع في وقت سابق موجات بيع العملة. أما "إتش إس بي سي"، فقد توقع أن يستقر الجنيه حول 24 للدولار، إلا أنه يتصور مبدئيًا الآن أنه يتحرك تجاه 26 جنيهًا للدولار، وهو ما ينطوي على هبوط يناهز 5.5% عن المستويات الحالية.

ويرى غوردن باورز، محلل مقيم في لندن لدى "كولومبيا ثريد نيدل إنفستمنتس"، أنه في الوقت الحالي، يبدو أن مصر ستسمح "ببعض الهبوط المتسارع" قبل الموافقة المتوقعة الشهر الجاري على قرض بقيمة 3 مليارات دولار من صندوق النقد الدولي الذي يفضل سعر صرف أكثر مرونة كشرط للدعم المالي. وتواجه مصر مستقبلًا العديد من نقاط الضغط، وفقًا لـ"اقتصاد الشرق مع بلومبرج".

وقال سايمون ويليامز، كبير الاقتصاديين في "إتش إس بي سي" لمنطقة وسط وشرق أوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا، في تقرير: "بعد تحرك حاد مبدئي في وقت إتمام صفقة صندوق النقد الدولي، استقر الجنيه تقريبًا أمام الدولار بينما كانت عملات الأسواق الناشئة الأخرى أكثر تقلبًا".

وتابع "ويليامز": "إذا استمر الوضع الحالي وكافحت سوق سعر الصرف للاستقرار، سيزداد احتمال التحول الهبوطي الأعمق في قيمة الجنيه".

وتؤكد كارلا سليم، وهي اقتصادية في "ستاندرد تشارترد"، أن الجنيه سيظل تحت الضغط حتى تظهر المزيد من التدفقات الدولارية من الحلفاء الخليجيين الذين سارعوا إلى مساعدة مصر وتعهدوا بودائع واستثمارات.

 

أزمة عملة خلال الأشهر المقبلة

وكشف بنك "نومورا" الياباني، في مذكرة بحثية حديثة، أن مصر هي الدولة الأكثر عرضة لأزمة عملة بين الأسواق الناشئة خلال الأشهر الـ12 المقبلة. وتصدرت مصر القائمة بين الـ32 سوقًا ناشئة المدرجة على مؤشر "داموكليس" التابع لبنك "نومورا" الياباني، مما يعد مؤشرًا على فرصة قوية بأن البلاد ستتعرض لأزمة في سعر الصرف خلال الأشهر المقبلة، وفقًا لـ"إندبندنت عربية".

وكان البنك المركزي قد أعلن في بداية نوفمبر 2016، أول تعويم للجنيه مقابل الدولار الأمريكي، وذلك في إطار تنفيذ المرحلة الأولى من برنامج الإصلاح الاقتصادي التي نفذتها حكومة الانقلاب تحت إشراف عدة مؤسسات دولية يتصدرها البنك الدولي وصندوق النقد الدولي. وعلى خلفية القرار، فقد أعلن البنك المركزي وقتها، خفض قيمة العملة من مستوى 8.80 جنيه إلى مستوى 13 جنيهًا. وواصل سعر صرف الدولار ليسجل بنهاية عام 2016 أعلى مستوى مقابل الجنيه عندما بلغ نحو 19.60 جنيه.

وشهد العام الحالي عودة البنك المركزي إلى التعويم من جديد، حيث أعلن خلال اجتماع استثنائي عقده في مارس الماضي، رفع سعر صرف الدولار من مستوى 15.74 جنيه، إلى نحو 19.60 جنيه. ومجددًا عاد مرة ثالثة ليقوم بالتعويم الثالث في نهاية أكتوبر الماضي، حيث تقرر خفض قيمة الجنيه من مستوى 19.60 جنيه إلى مستوى 24.62 جنيه في الوقت الحالي.