عزوف المصريين عن تلبية دعوات التظاهر في 11 نوفمبر، أثار مجموعة من التساؤلات حول أسباب إحجام المصريين عن التظاهر، وهل إن هذا الإحجام يعد نهاية للوضع الثوري أم هو بداية لصراع ثوري طويل الأجل؟،  فبحسب مراقبين ووفق ما ذكر في التاريخ حول أسباب اندلاع الثورات الشعبية، فإن معظم الهبات الشعبية، لا يحدد لها موعدًا ولا تنتظر دعوات، ولكن تنفجر تلقائيا، فلا توجد ثورة اليوم الواحد، ولكن يوجد صمود، ومن ثم يكتسب الثوار زخما حول مطالبهم، وتزداد قوتهم حتى يحققون انتصارًا تاريخيا ويصنعون غدا جديدا.

 

الهبات الشعبية في تاريخ مصر الحديث

اندلعت العديد من الهبات الشعبية في تاريخ مصر الحديث، ما يبرهن على أن الثورات والمطالب الشعبية، كانت وليدة اللحظة، والأحداث هي من كانت تفجرها، فباستثناء ثورة 25 يناير، التي دعا الناشطون للمشاركة بها، ومع ذلك فقد استغرقت 17 يوما للوصول إلى أهدافها، فيما اندلعت باقي الثورات والاحتجاجات نتيجة انفجارات شعبية نذكر منها على سبيل المثال:

ثورة عام 1919

تعتبر ثورة 1919 أحد الثورات التي انفجرت بشكل تلقائي والتي انطلقت شرارتها من جامعة القاهرة في 8 مارس 1919 وانتقلت إلى الأزهر, ثم انتشرت لتعم كل أرجاء مصر خلال يومين.

ورغم أن السبب المباشر للثورة تمثل في اعتقال سلطة الاستعمار البريطاني للزعيم سعد زغلول ونفيه إلى مالطة بسبب مطالبته بالسماح لوفد مصري بالسفر إلى باريس للمشاركة في مؤتمر الصلح الذي أعقب انتهاء الحرب العالمية الأولى الذي تحدد فيه مصير كل البلدان المستعمرة وبينها مصر.

لكن السبب الحقيقي للثورة التي شاركت فيها كل فئات الشعب كان مصدره الظلم والاستغلال الذي مارسه الاستعمار في سنوات الحرب العالمية الأربع. حيث كانت بريطانيا تصادر محاصيل الفلاحين وتجبر الشبان قسرا على الانخراط في القتال على جبهات فلسطين والعراق وبلجيكا وفرنسا فيما أسمي "فرقة العمل المصرية" إضافة إلى تدهور الأوضاع المعيشية للسكان جراء ممارسات الاستعمار.

انتفاضة الخبز عام 1977

اندلع بمصر في 18 و19 يناير 1977 انتفاضة شعبية على نظام الرئيس أنور السادات في جميع المدن الرئيسية تقريبا من الإسكندرية إلى أسوان مرورا بالقاهرة بسبب مضاعفة أسعار مواد غذائية أساسية بينها الخبز.

السبب المباشر لقيام الانتفاضة هو استيقاظ الشعب المصري في صباح 18 يناير على قرار حكومي يقضي برفع أسعار سلع أساسية مثل الخبز والشاي والأرز والسكر واللحوم والمنسوجات وغيرها من السلع الضرورية بنسبة تصل إلى الضعف.

وفرض حظر التجوال ونزل الجيش إلى المدن للسيطرة على المظاهرات وأعمال التخريب التي استهدفت المباني الحكومية والمحلات التجارية واعتقل الآلاف من المتظاهرين من العمال والطلبة.

ورغم اضطرار الحكومة للتراجع عن قرار رفع الأسعار, واصل السادات وصف الانتفاضة في خطبه بـ"انتفاضة الحرامية" بسبب أعمال سلب استهدفت المجمعات الاستهلاكية خلال الأحداث.

 

الثورة لا تأتي بميعاد بل تأتي مفاجأة

وفي هذا الشأن قال المفكر الاقتصادي، والوزير المصري السابق، جودة عبدالخالق "إن آلية التغيير تكون عادة عبر صناديق الاقتراع. لكن في الأنظمة المختلفة، أو بمعنى أصح، المخالفة، لا تتوفر هذه الآلية، وبالتالي لا يستطيع الناس تغيير الوضع الراهن من خلال الاقتراع."

وقد كان شح المواد الغذائية أو ارتفاع أسعارها المحرك الرئيس للهبات الشعبية في العالم العربي خلال العقود الأخيرة، وما سطره "الربيع العربي" لم يكن استثناء.

ولفت إلى عبدالخالق إلى ما حدث في أكثر من بلد عربي في السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي. ويشير إلى أمثلة من بينها "انتفاضة الخبز في مصر في يناير 1977، وكذلك في السودان، تونس والمغرب وكذلك الأردن".

بينما يرى الكاتب محمد القدوسي " الطغيان قوت المستبدين ووهم العبيد. هكذا يحسبون. لكنه في الحقيقة هلاكهما معا، ولا يبقى على الطريق إلا بصمات الأقدام الدامية تسجل رحلتها إلى حرية لا بد منها وإن طال السفر".

 

لحظة الانفجار باتت في الأفق

ورغم عدم نزول المصريين للشارع، للتعبير عن حقهم في حرية الرأي والعيشة الكريمة، فإن ذلك لا يدل على خوف أو عدم رغبة، بل يدل عن أن هناك لحظة انفجار باتت في الأفق، لكنها أصبحت قريبة جدا ، حيث  يقول رئيس تيار الأمة، محمود فتحي، أحد الداعين والمؤيدين للنزول في 11/11:، أن "الشعوب لا تبدأ شرارة الثورة، ولكنها القاعدة الشعبية التي تعتمد عليها وتزيدها زخما؛ لأن شرارة الثورة يصنعها التيار الشعبي والقيادة الجماعية والرؤية والخطة ولجان العمل والمجموعات الثورية على الأرض؛ ثم تنضم الشعوب لتنتصر الثورة".

بدوره، اعتبر الإعلامي معتز مطر أن يوم 11/11 كان فرصة سانحة للمصريين لاستغلال حالة الغضب الشعبي ضد النظام بالتزامن مع حضور قيادات العالم قمة المناخ، مشيرا إلى أن هذا الغضب سوف يصل إلى مرحلة حتمية في ظل حالة الغليان تحت أقدام النظام.

وأضاف في حلقة خاصة على قناته الشخصية على موقع "يوتيوب" أن "النظام يحاول ويواصل زرع الإحباط لدى المصريين بالخوف والتخويف، مؤكدا أن الرعب والخوف والألم سوف يزداد يوما تلو الآخر لدى الجانبين مع اقتراب لحظة الانفجار الوشيك الذي لا مفر منه".

فيما قال الإعلامي أسامة: «الناس كلها على آخرها الناس كلها على لحظة وهتتحرك وفي لحظة الشعب هيتحرك فيها من غير دعوة لا من برة ولا من جوة”.