قال مسؤول مطلع في حكومة السيسي إن العلاقات بين مصر والإمارات بلغت درجة "التململ" من جانب القاهرة، وأن سببه "الضغوط المتزايدة التي بدأت أبوظبي في وضعها على كاهل سلطات الان في الآونة الأخيرة" ونشر موقع "افريكا انتليجنيس" تململا في الجيش من استحواذات الإمارات وأيدها تقرير مماثل من موقع "ميدل إيست آي" البريطاني.


وأكد مسؤول بجهاز سيادي رفيع في تصريح لموقع "عربي بوست"، الذي ينطلق من اسطنبول نفس الأمر، مضيفاً أن الرغبة الإماراتية في الاستحواذ على حصص غير قليلة في شركات بعينها تعمل في قطاعات معينة أمر أثار تدريجياً ريبة جهات سيادية بالفعل.


وأضاف الموقع أن "جهات أمنية رفيعة حذرت من أن استمرار هذا النهج يمكن أن يدفع الحكومة المصرية إلى مواجهة وضع تجد نفسها فيه غير قادرة على التحكم في قطاعات هامة داخل مصر، مثل قطاع الدواء والمستشفيات الذي تتزايد الاستثمارات الإماراتية فيه بشكل يصعب معه الاعتقاد ببراءة نوايا أبوظبي".


وأشار "المسؤول" للموقع، إلى أن "ما زاد من ضيق النظام العسكري من تغير سياسة أبوظبي، أن ذلك التغير تزامن مع تفاقم الأزمة الاقتصادية في مصر نتيجة تداعيات أزمة كورونا ثم الحرب الروسية الأوكرانية، وتناقص احتياطي النقد الأجنبي في البنك المركزي".


وفي تحليل للتصريحات، نبه (الموقع) إلى أن "من كانوا يظنون أنهم إخوة في السراء والضراء يستغلون الظروف الصعبة للضغط على النظام العسكري من أجل الاستحواذ على قطاعات مهمة في مفاصل الاقتصاد".


واعتبرت ضمن تحليلها أن "الإمارات تريد توسعة مساحة استثماراتها في قطاع العقارات والموانئ في مصر التي تحتاج لتدفقات استثمارية سريعة نتيجة الوضع المالي والاقتصادي المعقد".


أما الظاهر من سطح المشهد، كان تقدم نائب ببرلمان السيسي، بطلب إحاطة إلى رئيس حكومة السيسي؛ لإيقاف الاستحواذات الخليجية على مرافق القطاع الصحي في مصر، بدعوى أن ما يحدث يبدو أقرب لمحاولة الاحتكار والسيطرة الكاملة على هذا السوق، ما يؤدي للسيطرة على ما تبقى من كفاءات طبية داخل مصر في هذه المستشفيات.


واعتبر "النائب" أن الاحتكار يمثّل خطراً داهماً على منظومة التأمين الصحي الشامل المزمع تطبيقها تدريجياً في محافظات مصر؛ لأنه يقلص من قدرة صندوق التأمين الصحي التفاوضية على أسعار الخدمات الطبية.


ولفت الموقع أيضا ضمن سطح المشهد مطالبة (جهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية) في مصر ببيان أصدره في يناير 2021، بوقف صفقات الاستحواذ في القطاع الطبي، باعتبارها تؤدي إلى خلق كيان احتكاري في سوق الرعاية الصحية، بتعزيز هيمنة مجموعة كليوباترا على المستشفيات الخاصة في القاهرة والجيزة.


تأثير الاستحواذات


وسبق لموقع "ميدل إيست آي" البريطاني، أن أهد تقريرا يحذر من بيع حكومة الانقلاب لممتلكات الدولة لصناديق السيادة السعودية والإماراتية، وتأثير ذلك داخليا وعلى الرأي العام.


وأوضح التقرير وجود حالة ارتياب بشأن الدوافع التي تقف وراء قرار المسؤولين في مصر بيع ممتلكات الدولة إلى دول خليجية.


وأشار إلى مخاوف من أن الدول العربية قد تستغل حاليا الأحوال الاقتصادية المتردية في مصر للاستحواذ على الممتلكات العامة بأسعار أدنى بكثير من قيمتها السوقية وأن إيرادات البيع سوف تستخدم لسداد الديون المتراكمة على البلد.


واعتبر أن شراء بعض الدول العربية  لممتلكات محلية أودعت مليارات الدولارات في البنك المركزي المصري لتعزيز احتياطي العملات الأجنبية والمساعدة في بقاء العملة الوطنية طافية على السطح مقابل العملات الأجنبية.


وأوضح أن القلق أسفر كان لشيوع اجراءات "مقايضة مصر الإيداعات بممتلكات محلية أوقد تستخدم العائدات لسداد الديون"، مضيفا أن "الدول العربية تقوم بالاستحواذ على شركات ناجحة تدر الكثير من الأرباح، كما يقول الاقتصادي المستقل ممدوح الولي".


ونقلت "ميدل إيست آي"  عن الولي قوله: "لا تؤدي عمليات الاستحواذ هذه إلى توسيع الشركات التي يتم استحواذها، وإنما يؤسفني أن أقول إن بلدنا يمر بأوضاع قاسية جدا، ولا يملك حرية اختيار نمط الاستثمار الذي يمكن أن يقبل علية أوينأى بنفسه عنه".


ودخلت مصر خلال الأيام الماضية جولة مفاوضات للحصول على قرض جديد من الصندوق، لمعالجة تداعيات الزيادة الحادة في الأسعار، التي كان لها آثار مدمرة على الحقوق الاقتصادية للمواطنين.


وناشد السيسي الشهر الماضي خلال زيارته إلى ألمانيا الأصدقاء في أوروبا طالبا دعمه في الإيعاز للمؤسسات المالية الدولية، بما فيها صندوق النقد، أن “الواقع الموجود في بلادنا لا يتحمل المعايير المعمول بها خلال هذه المرحلة”.


وفي 4 أبريل الماضي، طالبت سبع منظمات من الصندوق ضمان أن أي برنامج قروض جديد لمصر سيوسع الحماية الاجتماعية، ويعزز استقلالية القضاء، ويتصدى للفساد ويعزز الشفافية بما يشمل شركات الجيش.


القطاع الطبي


تقرير "عربي بوست" كشف أن ما تسبب في الضيق والتململ من استحواذات الإمارات، هو إصرارها على شراء حصص في شركات معينة في مجالات معينة، وهو أمر حذرت تقارير لجهات سيادية مصرية من استمراره بدعوى أنه يمثل خطراً على السيادة المصرية على المدى البعيد.


ومن ذلك امتلاك شركات الإمارات 15 مستشفى، ونحو 100 معمل تحاليل ومركز أشعة، فيما تتحكم في إنتاج الأدوية في سوق تقدر قيمتها بحوالي 45 مليار دولار، بحسب تقارير منشورة.


ومن المعلن، ضخ مجموعة "ألاميدا" للرعاية الصحية الشريك مع مجموعة "الإمارات للرعاية الصحية"، 5 مليارات جنيه بالقطاع الطبي المصري لمدة 5 سنوات مقبلة، علماً بأن المجموعة استحوذت عليها في ديسمبر 2021 مجموعة مستشفيات "كليوباترا" المملوكة بدورها لشركة "أبراج كابيتال" الإماراتية، وتوجهها للاستحواذ على 5 مستشفيات حكومية، هي المستشفى القبطي، وهليوبوليس، وشيراتون، العجوزة، ومستشفى الجلالة التي أعلنت الحكومة المصرية الشهر الماضي طرحها للبيع.


وقال التقرير إنه منذ عام 2019، تحول الدعم المطلق الذي وفرته الإمارات للسفيه السيسي ونظامه منذ صيف 2013، إلى دعم مشروط بشروط صعبة تكلف النظام السياسي المصري فقدان بعض من هيبته السياسية أمام الشعب والمعارضين، حيث على القاهرة بيع حصص تمتلكها لشركات ناجحة في قطاعات معينة لشركات إماراتية تمثل في أغلب الأحوال ستاراً لصندوق الاستثمار الإماراتي الذي يعد الذراع الاقتصادية لحكومة أبوظبي.