تتواصل قوارب الموت في حصد أرواح المصريين الهاربين من الغلاء وسوء إدارة مغتصب السلطة عبد الفتاح السيسي، حتى أصبحوا بين خيارين إما الموت أو النجاة وبدء حياة جديدة في بلد يحترم حقوق الإنسان، وجاءت الفاجعة الأخيرة التي طالت أبناء قرية "كوم زمران" بمحافظة البحيرة في مصر والتي فقدت 17 من أبناء القرية كانوا على متن قارب قبالة السواحل اليونانية في رحلة للهجرة غير الشرعية خرجت من تركيا باتجاه إيطاليا.


غرق ونجاة


لا تزال السلطات اليونانية تواصل جهود الإنقاذ لانتشال ضحايا غرق المركب الذي كان يحمل مهاجرين غير شرعيين، أمام السواحل اليونانية.


ووفقا للسلطات اليونانية في أثينا "فإنه حتى الآن تم العثور على 38 شخصا، 12 منهم على قيد الحياة بينهم 7 مصريين و5 من جنسيات أخرى، كما تم انتشال 26 جثمانا ولا يزال هناك 30 شخصا في عداد المفقودين، بينهم 17 مصريا.


البحث عن جثث 17 مصريا


ورغم مرور أكثر من أسبوع إلا أن جثث 17 مصريا مازالوا مفقودين، ولم يتم التوصل لانتشالهم رأفة بأهاليهم الذين يودون إلقاء النظرة الأخيرة ودفنهم وتوديعهم، ولم تحرك الحكومة المصرية لهم ساكنا، للبحث عن جثثهم، بل اكتفت بتصريح للسفير المصري، الذي تلي البيان اليوناني، ثم اكتفى بقوله أنه يراقب الموقف عن قرب.


لا سترات للنجاة


وكشف خفر السواحل اليوناني عن عثوره على 12 شخصاً فقط على قيد الحياة جميعهم رجال، موضحاً أن من بين الجثامين المنتشلة خمسة أطفال على الأقل، فيما أجريت عملية الإنقاذ الأولية في خضم أمواج عاتية في مضيق كافيريس بين الجزيرتين، وهي منطقة تشتهر بشدة الأمواج.


واشتركت في عمليات البحث طائرة هليكوبتر وسفينتان وسط ظروف مناخية صعبة، فيما أوضحت السلطات اليونانية أن جميع من كانوا على متن المركب وعددهم حوالى 68 شخصاً لم يمتلكوا أي سترات للنجاة، وفق ما قاله الناجون.


فيما وأوضح جمال وهو أحد أقارب الغرقى أن المركب الغارق كان على عكس ما توقعه، فهو غير مؤهل لاستقبال هذا الكم من الركاب، وسط غياب وسائل الأمان والحماية، مع غياب أي من أطواق النجاة التي قد يستخدمها في حالة غرق المركب، وهو السبب الأساسي لوفاة أغلب الركاب.


أهالي الغرقى أبنائنا فضلوا الموت على الحياة بمصر


وقال أحد أهالي قرية "كوم زمران" بمحافظة البحيرة في مصر إن "هناك 17 مفقودا من القرية كانوا على متن المركب الذي غرق، ينتمون إلى 17 عائلة وأن القرية كلها تتشح بالسواد بسبب الحادث الذي راح ضحيته أطفال كانوا على متن المركب، أرادوا الوصول للسواحل الإيطالية لكن المركب غرق بهم في اليونان.


وأوضح أن "هناك حالات سابقة لشباب من القرية هاجروا عن طريق مراكب الهجرة غير الشرعية وأنهم يفضلون المخاطرة بالسفر بهذه الطريقة للوصول إلى أوروبا والاستقرار فيها".


وأضاف أن "السمسار وأعوانه يخدعون الشباب بأوهام الثراء السريع في أوروبا مستغلين الأوضاع الاقتصادية الحالية وارتفاع قيمة الدولار مقابل الجنيه، وهما السبب الرئيسي في بيع الشباب والعائلات لكل ما يملكون من أجل وصول أبنائهم إلى إيطاليا".


وأوضح "أنهم استغلوا أننا عائلة متوسطة الحال، ليخدعوا شقيقي ويزرعوا هذا الوهم بين أفكاره ليبيع كل ما يمتلك وما نمتلكه على دفع الأموال ليستقل رحلة الموت".


واختتم "أخي تعذب في كل خطوة"، مؤكداً أنه يتمنى لو عاش شقيقه بجانبه، حتى لو وصل الدولار 50 جنيهاً، وأشار إلى أنه تلقى اتصالاً هاتفياً مساء الثلاثاء الماضي من أحد المقربين للوسيط أو السمسار ليبلغه بغرق المركب، ولم تمر أكثر من 30 ساعة قبل أن يستقبل هاتفه صورة لشقيقه بعد استخراج جثمانه من المياه على أحد مراكب الإنقاذ اليونانية، موضحاً أن جثامين 25 شخصاً مساء الجمعة استخرجت، لكن من دون ملامح نهائياً.


صعوبة التعرف على الجثث


وذكرت السلطات اليونانية في بيان أن "هناك صعوبة في التعرف على هويات وجنسيات الجثامين التي تم انتشالها، الأمر الذي يتطلب تطبيق تحليل الحمض النووي (دي أن أيه) خلال الأيام المقبلة لتحديد هويتها بعد مطابقتها بالبيانات والصور التي سيقدمها الأهالي".


وكالعادة اكتفت السفارة المصرية في أثينا بإرسال الصور، ولم تطالب بتحليل الحمض النووي، ليسدل الستار على الموقف إكلينيكيا، ليتم وضع الجثث في مشرحتي رافينا وخالكيدا ثم سيتم نقلها للمشرحة المركزية في أثينا.


فيما تلقت السلطات المصرية أسماء مواطنين مصريين مفقودين كانوا على متن المركب الغارق وعددهم 24، وتم التعرف بصورة غير رسمية على ثلاثة مصريين في مشرحة رافينا بناء على الصور التي أرسلها الأهالي، وهم كلا من " أدهم جمال أمين عمر، ومحمد رضا عبد الدايم موسى، ومحمد حسن غنيم".


تزايد أعداد المهاجرين المصريين


ارتفع عدد المصريين العابرين من المتوسط إلى إيطاليا من 22 في يناير 2021 إلى 1893 في نوفمبر من العام ذاته، وانخفض العدد إلى 238 في مارس الماضي ليعاود الارتفاع إلى 1188 في مايو وفق التقرير الأممي المستند إلى أرقام وزارة الداخلية الإيطالية.


وأشار تقرير وكالة اللجوء التابعة للاتحاد الأوروبي الصادر في يوليو الماضي إلى أنه على رغم انخفاض عدد المهاجرين المصريين في إيطاليا مطلع العام الحالي عن فترة الذروة بين أغسطس ونوفمبر 2021 حين كان العدد أكبر من 1200 مصري شهرياً، لكن نسبة المصريين من بين الواصلين في فبراير الماضي كانت كبيرة، إذ كان واحد من بين كل ثلاثة مهاجرين يحمل الجنسية المصرية.


إجمالاً، بلغ عدد المصريين الذين وصلوا إلى السواحل الإيطالية في الفترة بين بداية العام الحالي و13 يونيو الماضي 3935 مصرياً مع الإشارة إلى زيادة ملحوظة في نسبة المهاجرين منذ أغسطس 2021.


وبحسب أرقام الوكالة الأوروبية لحرس الحدود والسواحل ألقي القبض على 3292 مصرياً حاولوا دخول الأراضي الأوروبية عبر البحر المتوسط في الفترة بين يناير ومايو الماضيين، وبذلك تسجل الجنسية المصرية النسبة الأعلى من بين الموقوفين على الطريق الخاص في وسط البحر المتوسط، بما يعادل 20 في المئة ممن ألقي القبض عليهم في الأشهر الخمسة الأولى من العام الحالي.


وأشارت وثيقة المفوضية الأوروبية إلى أنه من المرجح أن تشهد مصر "تدفقات كثيفة" من المهاجرين على المدى المتوسط إلى الطويل بسبب عدم الاستقرار الإقليمي وتغير المناخ والتحولات الديموغرافية وتراجع الفرص الاقتصادية.