في الوقت الذي تأثرت فيه الأسواق والمزارع بتأخر ضخ الأعلاف وإضافتها بالأسواق بدعوى وجود أزمة في الدولار، قالت الحكومة إنها اقتربت من استيراد كميات كبيرة من الدواجن المجمدة لسد حاجة الأسواق المحلية بلغت 12 ألف طن لصالح وزارة التموين بحكومة الانقلاب.

وأثار هذا القرار موجة من الغضب العارم بين العاملين في صناعة الدواجن والعاملين بها، المقدر عددهم بنحو 3.5 ملايين عامل بخلاف استثمارت تعدت الـ 100 مليار جنيه، ما جعل الحكومة تتراجع عن هذا القرار، الذي أثار أيضا معه العديد من التساؤلات عن لماذا غاب الدولار لاستيراد الأعلاف وظهر للدواجن المجمدة.

تضارب في الأقوال

بعد ضغوط من شعبة منتجي الدواجن، ألغت الشركة القابضة للصناعات الغذائية، مناقصة دولية لاستيراد 12 ألف طن من الدواجن كانت قد أعلنت عنها الأسبوع الماضي، وأعلنت عن أخرى محلية، بعد انتقادات لاذعة وجهت إلى وزارة التموين، وفي ظل استمرار أزمة وقف استيراد الأعلاف.

وألغى وزير التموين بحكومة الانقلاب على المصيلحي قرار الاستيراد معللا ذلك بأنه لدينا اكتفاء ذاتي من الدواجن الحية، واحتياطي 7 أشهر من المجمدة.

وتساءل مراقبون طالما هناك هذا الكم الهائل من الاحتياطي، لماذا فتح من الأساس مبدأ المناقصة، وظهرت الدولارات، لشراء تلك المجمدات في حين أن الصورة الواقعية، تفيد بوقوع كارثة تهدد الاكتفاء الذاتي من الدواجن نتيجة إعدام الكتاكيت بسبب نقص الأعلاف، وارتفاع أسعار البيض والدواجن لدرجة عكوف المصريين عن شرائها بسبب الفقر المقدح الذي يعيشون فيه بسبب غلاء المعيشة؟

وقال الخبير د.عبد التواب بركات إن "إعلان المتحدث باسم وزارة الزراعة بحديث متلفز بأن الوزارة تضخ كميات من الدجاج المجمد لمواجهة قلة الإنتاج بسبب أزمة الأعلاف يثير العجب لعدة أسباب"، وهي:

أولا: وزارة الزراعة ليست شركة استيراد ولا سوبر ماركت لتسويق المنتجات الأجنبية، وتسويق الدواجن المجمدة، جريمة إغراق لا تكون إلا بأمر من جهة أعلى.

ثانيا: اتخاذ قرار استيراد الدواجن المجمدة ليس من صلاحيات وزير الزراعة أو التموين، ولا يكون إلا بقرار من رئيس مجلس الوزراء

ثالثا: شحنة الدواجن المجمدة التي وصلت إلى مصر قبل 10 أيام تحتاج 40 يوما هي مدة الشحن البحري المباشر من أمريكا، وقبلها عدة أيام للاتفاق على الشحنة وتجهيزها، بفرض أنها مجهزة خصيصا للمستورد المصري ، وليست قديمة أو فضلات مخازن أو قريبة الصلاحية من على أرفف المحلات.

رابعا: امتناع البنك المركزي عن توفير الدولارات لدخول الذرة والصويا الموجودة في الميناء منذ عدة شهور رغم إلحاح ومناشدة وتحذير من اتحاد منتجي الدواجن  لرئيس الجمهورية ، هي مؤامرة لإحداث الأزمة والتربح على حساب المال العام ومصلحة المواطن المصري.

خامسا: استهلاك الدواجن المجمدة قد يضر بصحة المستهلك ، ولكن من المؤكد أنه يدمر الاقتصاد المصري ويخرب بيت أصحاب المزارع ويقتل صناعة الدواجن المصرية التي يعيش منها 3.5 مليون أسرة.

سادسا: مقاطعة الدواجن المجمدة واجب وطني يحتاج فتوى من الأزهر والإفتاء لبيان حكم الشرع في هذه الجريمة المنظمة.

نقص الأعلاف وتشريد 3.5 مليون عامل

تعاني صناعة الدواجن في مصر من عدة أزمات؛ كان آخرها احتجاز الأعلاف في الموانئ بسبب أزمة العملة الأجنبية وتعقيدات الإفراجات البنكية، وسط صمت حكومي لحل هذه الأزمات التي باتت تهدد صناعة يعمل بها أكثر من 3.5 ملايين عامل بإجمالي استثمارات يبلغ 100 مليار جنيه، يبلغ إجمالي عدد المنشآت الداجنة نحو 38 ألف منشأة، تشمل: "المزارع ومصانع الأعلاف والمجازر ومنافذ بيع الأدوية البيطرية واللقاحات".

فيما يصل إجمالي حجم إنتاج القطاع التجاري من الدواجن في مصر رسميا إلى نحو 1.4 مليار طائر، و13 مليار من بيض المائدة سنويا.

وتستورد  مصر نحو 75% من الأعلاف والمواد الخام لصناعة الدواجن مقابل نحو 25% فقط من الإنتاج المحلي، مما أدى إلى توقف 25 ألف مزرعة دواجن عن العمل لنفاد الأعلاف.

ويحتاج هذا القطاع إلى 25 ألف طن من الذرة والصويا يوميا حتى تستطيع كل مزرعة إطعام الدواجن لديها، في حين ارتفعت خامات الإنتاج خلال الفترة الماضية بنسبة 20%، وفق تقديرات غير رسمية.

ويرى رئيس إحدى الشركات البارزة في مجال إنتاج الدواجن بمصر المهندس طوني فريجي أن الحل المؤقت يبدأ بإطلاق سراح شحنات خامات الأعلاف والمطهرات واللقاحات والأدوية المكدسة في الموانئ لعدم تدبير العملة، منعا لانهيار صناعة الدواجن في مصر.

ويضيف في تصريحات متلفزة أن مصانع الأعلاف لا تجد خامات التشغيل، الأمر الذي جعل سعر كيلو اللحوم من الدواجن لا يغطى التكلفة، موضحا أن الاستيراد ليس حلا ينعش الصناعة بل على العكس يزيد أزمة القطاع الداجني في مصر.