لا يزال المواطن المصري يرزح تحت ارتفاع الأسعار، وما بين شهر والآخر يُفاجأ المواطنون بارتفاع أسعار عدة أصنف من الطعام أو الكهرباء أو المياه أو الغاز، مرورًا بالبنزين والسولار، وانتهاء بالأدوية التي لا يستغني عنها أي إنسان.

ومنذ تراجع قيمة الجنيه مقابل الدولار خلال الأشهر الستة السابقة، وبدء الحرب الروسية الأوكرانية في 25 من فبراير الماضي، وسوق الدواء تشهد حالة من ارتفاع الأسعار بشكل حاد، كما يؤكد المتخصصون في صناعة الدواء أن عددًا غير قليل من الأصناف الدوائية الحيوية قد ارتفع سعرها بصورة كبيرة.

 

ارتفاعات بنسب تخطت 100%

وتقوم هيئة الدواء بفرض زيادات سعرية منتظمة على الأدوية، جاوزت في الأسبوع الأخير من مايو الماضي 40 صنفاً، بنسب تراوحت ما بين 20% و30%، بناءً على طلب الشركات المصنعة بسبب الارتفاع في سعر صرف الدولار وتكاليف الشحن معاً.

ويرى الدكتور علي عوف، رئيس شعبة الأدوية بغرفة القاهرة التجارية، أن هناك 500 صنف دوائي قد ارتفعت أسعارها منذ إبريل الماضي، بسبب تقدم شركات الدواء بطلبات إلى لجنة التسعير بوزارة الصحة لزيادة أسعار 1200 صنف حتى نهاية العام، من أصل 17 ألف صنف متداول في السوق المصرية، وذلك نظرًا لارتفاع معدلات التضخم العالمية، علاوة على الصعوبات التي تواجههم في عملية استيراد الخامات، بسبب الظروف الاقتصادية العالمية الشهر الماضي، وفقًا لـ"العربي الجديد".

.وسجلت أسعار الأدوية ارتفاعات كبيرة مؤخراً بنسب تخطت 100% في بعضها، حيث ارتفع سعر عقار "زاندروس" من 32.5 جنيهاً إلى 85 جنيهاً، و"ستراك" من 16 جنيهاً إلى 31 جنيهاً، و"ماركال" من 21 جنيهاً إلى 40 جنيهاً، و"بانتاغور" من 85 جنيهاً إلى 130 جنيهاً، و"أوسبان" من 46 جنيهاً إلى 72 جنيهاً، و"تادالوغ" من 40 جنيهاً إلى 60 جنيهاً.

 

أسباب ارتفاع أسعار الأدوية

ويرى العديد من المتخصصين أن ارتفاع أسعار الدواء تأثرت بالعديد من الأزمات الداخلية والخارجية والتي أدت بدورها إلى زيادة الأسعار بهذه الصورة الكبيرة.

 

1 - تراجع قيمة الجنيه مقابل الدولار

ويرى رئيس لجنة الصحة بمجلس النواب، أشرف حاتم، بأن هناك بعض الأصناف الدوائية التي تحركت أسعارها بالفعل. مشيراً إلى أن هذا أمر طبيعي في ظل تراجع قيمة الجنيه مقابل الدولار خلال الفترة الأخيرة، خصوصاً أن أغلب المستحضرات والمستلزمات الطبية يتم استيرادها من خارج البلاد، وفقاً لبيانات صحافية.

 

2 – الحرب الروسية الأوكرانية

ويؤكد المتخصصون في صناعة وتجارة الدواء أن ارتفاع عدد كبير من الأصناف بداية من مطلع العام الحالي، كان بسبب الحرب في أوكرانيا، حيث ارتفع سعر عدد كبير من الأصناف، خصوصاً التي تستخدم في علاج الأمراض المزمنة، مثل أدوية علاج الضغط والسكر والقلب، ارتفعت بنسب تتفاوت بين 20 و60% على أقل تقدير عقب اندلاع النزاع بين موسكو وكييف، وفقًا لـ"إندبندنت عربية".

 

3 – زيادة أسعار الفائدة

وقال رئيس قسم الاقتصاد في صحيفة "العربي الجديد"، مصطفى عبد السلام: إنّ مصر تعد مستوردًا كبيرًا للأدوية في منطقة الشرق الأوسط رغم امتلاكها عدة مصانع كبيرة للأدوية، وهذا ما يفسر الارتفاع في كل أسعار السلع المستوردة مثل الدواء والقمح وغيرها بسبب الزيادة في سعر صرف الدولار، بالإضافة إلى قيام البنوك بزيادة سعر الفائدة لمعدلات قياسية تصل إلى 18%، مشيرًا إلى أن الحكومة تبيع السلع عامة، بسعر السوق، من دون الأخذ في الاعتبار القدرة الشرائية لشريحة كبيرة من المواطنين، لافتًا إلى وجود زيادة كبيرة في الأمراض لعدم قدرة المواطن على شراء الأدوية.

 

4- ارتفاع المواد الخام

بينما يرى الرئيس السابق لشعبة الصيادلة بالاتحاد العام للغرف التجارية المصرية، عادل عبد المقصود، أن ارتفاع الأسعار كان بسبب "ارتفاع المواد الخام ومستلزمات الإنتاج والمستحضرات الطبية على المستوى العالمي"، حيث إن مصانع الأدوية في مصر تستورد نحو 99% من المستلزمات الطبية والمواد الخام من الخارج، "إضافة إلى ارتفاع أسعار الشحن في جميع دول العالم".

 

5 - فوضى وعشوائية

وأضاف عبد المقصود أن السوق المحلية "تشهد منذ نحو عامين فوضى وعشوائية في تسعير المنتجات الدوائية". موضحاً أن وزارة الصحة "تترك التسعير لشركات الإنتاج، بينما الأصناف التي يتم تصنيعها من مواد كيماوية يتم تسجيلها وتسعيرها في هيئة الدواء المصرية في مدة لا تقل عن 6 أشهر". وأكد أن هيئة الدواء "تُسّعر الأصناف وفق معادلة تعتمد على التكلفة الفعلية من دون أن تترك للشركات التسعير بنفسها، وهو ما تسبب في فوضى وعشوائية وظهور منتجات وأصناف دوائية كثيفة".

 

6 – شركات الدواء تطالب بتحريك الأسعار

وأشار رئيس لجنة الصيدليات بنقابة العامة للصيادلة، ثروت حجاج، إلى أن بعض الشركات قللّت من ضخ منتجاتها في الأسواق والصيدليات تحسباً لزيادات جديدة في الأسعار تصدرها هيئة الدواء المصرية على غرار الزيادات الكبيرة التي تمت في عام 2017، وأضاف أن الشركات تراجع كل فترة المصروفات وتكلفة الإنتاج وتحسب الأعباء الجديدة وتتقدم بطلب لتعديل الأسعار للحفاظ على ربحيتها واستمرارها.

وقال رئيس لجنة الصحة باتحاد المستثمرين المصريين، محيي الدين حافظ، إن مصنعي الأدوية "لا يمكنهم تحريك أسعار الأصناف من دون موافقة هيئة الدواء". مؤكداً "أننا كمصنعين نقاسي الأمرين بعد ارتفاع أسعار المواد الخام وتكاليف الشحن عالمياً وارتفاع قيمة الدولار أمام الجنيه".

 

7 - غلق المصانع في الصين

ويرجع بعض المستثمرين من الصيادلة ارتفاع أسعار الدواء إلى تراجع الإنتاج عالميًا بعد غلق عدد كبير من المصانع في الصين، تأثرًا بأزمة كورونا.

الجدير بالذكر أن شركات الأدوية العاملة في مصر حققت مبيعات إجمالية بقيمة 86.4 مليار جنيه خلال عام 2021، بمعدل نمو بلغ 7.3% مقارنة بمبيعات عام 2020، استحوذت منها 10 شركات كبرى على نحو 40% من مبيعات السوق بإجمالي 34.6 مليار جنيه، وهي على الترتيب: "نوفارتس فارما" و"إيفا فارما" و"سانوفي" و"أمون" و"غلاكسو سميثكلاين" و"المصرية الدولية للصناعات الدوائية (إيبيكو)" و"الإسلامية للأدوية والكيماويات (فاركو)" و"فايزر" و"إيبيكس فارما" و"إيه يو جي فارما".