تعد مصر المستورد الأكبر للقمح في دول الشرق الأوسط، حيث تستورد من روسيا وأوكرانيا نحو 5 ملايين طن ما يعادل 80% من احتياجاتها عام 2021، كما أنها الأولى عالميًا في استيراد الذرة من أوكرانيا خلال الموسم الزراعي 2020-2021.

وتشتري حكومة الانقلاب القمح عبر مناقصات دولية منتظمة، والتي طالما هيمنت عليها الإمدادات منخفضة التكلفة من روسيا وأوكرانيا.

 

هيمنة روسية وأوكرانية

وأظهرت بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، أن قيمة واردات مصر من القمح سجلت 2.4 مليار دولار خلال الـ 11 شهر الأولى من عام 2021، مقابل 2.9 مليار دولار خلال الفترة نفسها من عام 2020 بنسبة انخفاض قدرها 16.2%.

وبلغت كمية واردات مصر من القمح 6.1 مليون طن خلال الـ 11 شهر الأولى من عام 2021 مقابل 11.8 مليون طن خلال الفترة نفسها من عام 2020 بنسبة انخفاض قدرها 48.4%.

وتصدرت روسيا قائمة أعلى عشر دول استوردت مصر منها القمح خلال الـ 11 شهر الأولى من عام 2021، حيث سجلت قيمة واردات مصر منها 1.2 مليار دولار وبكمية بلغت 4.2 مليون طن بنسبة 69.4% من إجمالي كمية واردات مصر من القمح، وجاءت أوكرانيا في المرتبة الثانية بقيمة 649,4 مليون دولار، وبكمية 651,4 ألف طن بنسبة 10,7%، وهو ما يعني أن 80% من واردات مصر من القمح تأتي من روسيا وأوكرانيا.

وتستورد مصر القمح من رومانيا بقيمة 407,7 مليون دولار، وبكمية 387,2 ألف طن بنسبة 6,2%، ثم أستراليا بقيمة 105,5 مليون دولار، وبكمية 190,2 ألف طن بنسبة 3,1%، ثم فرنسا 63,8 مليون دولار، وبكمية 63 ألف طن بنسبة 1%، ثم ليتوانيا بقيمة 16,9 مليون دولار، وبكمية 61 ألف طن بنسبة 1%، ثم مالديف بقيمة 3,6 مليون دولا، وبكمية 20 طن، ثم كندا بقيمة 1,8 مليون دولار، وبكمية 517 ألف طن بنسبة 8,5%، ثم الصين 843,2 ألف دولار، وبكمية 3 آلاف طن بنسبة 0,05%، وأخيرًا كوريا الجنوبية 280,6 ألف دولار، وبكمية 100 طن.

 

المخاطر الحالية

تباطؤ حكومة الانقلاب في إنهاء المناقصات الدولية لاستيراد القمح تسبب في انخفاض متزايد بمخزوناته التي أصبحت مؤخرًا تغطي شهرين ونصف الشهر فقط من الاحتياجات.

كما تسبب إغلاق الموانئ الأوكرانية إلى حد كبير منذ غزو روسيا، إلى توقف التجارة البحرية وعدم توريد القمح من أوكرانيا التي تعتمد عليها مصر بنسبة 11% تقريبًا من احتياجاتها.

وتمثل قلة عروض المناقصات التي تحصل عليها مصر مشكلة كبيرة، حيث استقطبت مصر، اليوم الأربعاء، عروضًا من 6 شركات، أي نحو نصف العدد الذي تستقطبه عادةً عند طرح أي مناقصة.

ويعتبر السعر المرتفع للقمح من أكبر المشكلات التي تواجه مصر؛ إذ ناهز معظمها مبلغ 500 دولار للطن عند أخذ الشحن في الاعتبار. حتى إن سعر القمح الروسي البالغ 460 دولارًا - والأرخص إلى حدٍّ بعيد من باقي العروض - كان أعلى بكثير من سعر 338.55 دولار، الذي دفعته مصر قبل اندلاع الحرب مباشرة، والذي كان حينها قريبًا من أعلى مستوياته على مدى عدّة سنوات.

ومن شأن هذه الأسعار أن تقلب اقتصاد مصر رأسًا على عقب؛ فقد ارتفع سعر الطن بعد الحرب الروسية الأوكرانية بأكثر من 160 دولارًا، مما يشكل عبئًا كبيرًا على موازنة مصر التي تعرضت مؤخرًا لخروج رءوس الأموال الأجنبية، حيث خرجت تدفقات تبلغ 15 مليار دولار من استثمارات الأجانب في أدوات الدين الحكومية، وهو ما يشكل مزيدًا من الضغط على الدولار.

وأوصل ارتفاع تكاليف الغذاء قدرة الناس على التحمّل إلى "حافة الانهيار"، وفقًا لبرنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة. ويأتي ذلك في الوقت الذي يحتفل فيه العالم الإسلامي بشهر رمضان المبارك.

 

مصادر بديلة للاستيراد

تدرس وزارة التموين هذا الشهر إضافة الهند إلى 16 منشًا آخر لاستيراد القمح، وأرسلت الوزارة وفدًا لزيارة الهند للاطلاع على إجراءات الصحة النباتية وفحص الحبوب الهندية تمهيدًا لاعتماد المنشأ الهندي لتصدير الأقماح إلى مصر.

وقال سودهانشو باندي كبير المسؤولين بوزارة الغذاء الهندية لوكالة رويترز: "بما أن الوفد المصري موجود هنا، فمن الواضح جدًا أنهم جادون بشأن شراء القمح من الهند".

ومن بين دول الاتحاد الأوروبي، غالبًا ما تحصل مصر على القمح من رومانيا، وهي مصدرة رئيسية أخرى في البحر الأسود.

وتعمل مصر على تنويع مشترياتها، حيث تُجري محادثات مع فرنسا والأرجنتين والولايات المتحدة.

وتدرس حكومة الانقلاب طرقًا مختلفة لشراء القمح، وفقًا للعديد من التجار، ومنها عن طريق طرح مناقصات تستهدف مناشئ محدودة أو عن طريق الشراء المباشر خارج إطار المناقصات.

وطرحت الهيئة العامة للسلع التموينية، الإثنين الماضي، مناقصة محدودة لشراء قمح من مناشئ أوروبية فقط. وكانت قد ألغت مناقصتين بعد وقت قصير من بدء حرب أوكرانيا.

وتمثّل حكومة الانقلاب حوالي 40% من مشتريات القمح في البلاد، والباقي محجوز من قبل القطاع الخاص، وفقًا لإدارة الخدمات الزراعية الدولية في وزارة الزراعة الأمريكية.