بثت شبكة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" العربية فيلماً وثائقياً مساء الثلاثاء كشفت من خلاله كيف قامت السلطات السعودية باختطاف 3 من الأمراء المعروفين بانتقادهم لسياسة المملكة وإعادتهم إلى السعودية.
وقالت الشبكة إنه خلال السنتين الماضيتين، اختفى ثلاثة أمراء سعوديون يعيشون في أوروبا. وعُرف الثلاثة بانتقاداتهم للحكومة السعودية. وهناك أدلة على أن الأمراء الثلاثة اختطفوا أو رُحِّلوا إلى السعودية، حيث انقطعت أخبارهم ولم يسمع عنهم منذ ذلك الحين.
وقال الكاتب هيو مايلز في تقرير بصحيفة "الجارديان" عن الفيلم الوثائقي: "إن السعودية تتبع برنامجا سعوديا حكوميا ممنهجا لاختطاف المعارضين كجزء من برنامج تديره السلطات السعودية لتكميم أفواه المعارضين لها والمتمردين عليها".
وكانت "الجارديان " قد انفردت في تقريرها الأول عن هذه القصة بشهر مارس 2016، لكن هيئة الإذاعة الريطانية أعدت فيلما وثائقياً عن القصة بالنسخة العربية، وبحسب الفيلم الوثائقي والصحيفة البريطانية، فإن 3 أفراد في العائلة الحاكمة في السعودية، عبروا عن معارضتهم لسياسة الحكومة السعودية من خلال مشاركتهم في نشاطات سلمية، تعرضوا للخطف، وذلك خلال الفترة بين سبتمبر 2015، وفبراير 2016.
اقرأ أيضا: الجارديان تنشر تفاصيل مثيرة حول اختطاف آل سعود لأمراء معارضين
الأمير سلطان بن تركي
عرض الوثائقي كيف تم اختطاف الأمير سلطان بن تركي بن عبدالعزيز في صباح 12 يونيو 2003 والذي ذهب للإفطار في قصر بضواحي مدينة جنيف بسويسرا بدعوة من الأمير عبدالعزيز بن فهد.
وطلب عبدالعزيز من سلطان الذي عرف بانتقاده علانية القيادة السعودية أن يعود إلى المملكة، وبعد رفضه لهذا الطلب داهم ملثمون الغرفة وكبلوه ثم غرزوا إبرة في عنقه ليجد نفسه بعد عدة أيام في أحد مستشفيات الريا.
ويشير الوثائقي إلى أن الأمير وصل قبل سنة إلى أوروبا من أجل العلاج، ثم بدأ يجري مقابلات ينتقد فيها الحكومة السعودية، فأدان سجل بلاده في مجال حقوق الإنسان، واشتكى من تفشي الفساد بين الأمراء والمسؤولين، ودعا إلى ضرورة تبني سلسلة من الإصلاحات.
وتنقل الأمير سلطان، الذي كان من ضمن الأمراء البارزين في الأسرة الحاكمة، بين السجن والإقامة الجبرية.
وبعد أن تدهورت صحته؛ في عام 2010، سمحت له الأسرة الحاكمة بالذهاب إلى مدينة بوسطن في ولاية ماساتشوستس من أجل العلاج.
وأشار الوثائقي إلى أن ما قام به الأمير سلطان من منفاه الأمريكي المتسم بالأمان ربما أصاب السعوديين بالفزع؛ فقد تقدم بشكوى جنائية في المحاكم السويسرية اتهم فيها الأمير عبدالعزيز بن فهد والشيخ صالح آل الشيخ بالمسؤولية عن اختطافه في عام 2003.
وهذه أول مرة يقدم فيها أمير سعودي بارز شكوى جنائية في محكمة غربية ضد عضو في الأسرة الحاكمة.
وفي يناير 2016، كان سلطان مقيماً في فندق خاص بباريس عندما استدرج إلى طائرة نقلته إلى الرياض.
كان ينوي زيارة أبيه المقيم في القاهرة وهو أيضاً أمير معروف بانتقاداته للحكومة السعودية عندما عرضت القنصلية السعودية عليه وعلى مرافقيه أي نحو 18 فرداً بما فيهم طبيب خاص وممرضات وحرس شخصي من الولايات المتحدة وأوروبا استخدام طائرة خاصة.
وبالرغم مما حدث معه في عام 2003، فإنه قبل العرض.
وقالت صحيفة " الجارديان" نقلاً عن أعضاء في الفريق الذي كان يعمل مع أبرز الأمراء المخطوفين، الأمير سلطان بن تركي، عن تغيير مسار رحلة كان يتوجه خلالها إلى مطار القاهرة، ليجد نفسه في مطار الرياض.
وبحسب رجلين من الطاقم المرافق، فإن الأمير لم يستسلم بسهولة، حيث صرخ وتعارك بالأيدي مع مضيفي الطائرة، الذين كشفوا عن حملهم لأسلحة أخفوها من أجل إخضاع الأمير وبقية المسافرين أثناء هبوط الطائرة.
وتوضح الصحيفة أنه مع هبوط الطائرة بشكل كامل فإنه جرى تطويقها من سيارات وعربات عسكرية وجنود مدججين بالسلاح وعناصر شرطة، وتم اقتياد الأمير الذي كان يصرخ ويركل برجليه إلى سيارة مجهولة، ليصرخ الأمير لطاقمه المرافق بأنهم "تعرضوا لعملية اختطاف، وبأن عليهم إخبار سفاراتهم".
وأشارت الصحيفة إلى أن مصير الوفد المرافق للأمير كان مختلفًا، حيف اقتيد الوفد المشكل من نحو 20 شخصًا إلى أحد فنادق العاصمة السعودية، بعد أن تم مصادرة جوازاتهم وأجهزتهم الإلكترونية.
وأوضحت الصحيفة، نقلا عن أشخاص من الوفد المرافق للأمير بن تركي، أنه بعد ثلاثة أيام أعيدت الهواتف والأجهزة الإلكترونية لأعضاء الوفد، غير أن جميع محتويات الأجهزة الإلكترونية حذفت عدا صورة واحدة.
وأجبر الخاطفون في الرياض أعضاء الوفد المرافق للأمير على التوقيع على وثائق ومستندات جميعها باللغة العربية، واعتذر منهم مسؤول كبير قدم نفسه على أنه من المؤسسة العسكرية السعودية، عن الإزعاج الذي ربما قد تعرضوا له، علمًا بأن معظم أفراد الوفد المرافق من دول غربية.
ليتم ترحيلهم لاحقًا، كل إلى المكان الذي اختاره بعد أن أعادوا لهم جوازاتهم قبيل صعودهم على متن الطائرة.
وتبين الصحيفة بأن "الأمير لم ير في العلن منذ هذا الحادث".
الأمير تركي بن بندر
وتطرق الوثائقي أيضاً إلى ما حدث مع الأمير تركي بن بندر آل سعود الذي كان مسؤولاً رفيعاً في جهاز الأمن، وكان مكلفاً بفرض النظام بين أفراد الأسرة المالكة ذاتها. لكن نزاعاً مريراً مع الأسرة على مسائل الإرث انتهى به إلى السجن.
ويضيف الوثائقي أنه عند إطلاق سراحه، فر إلى باريس حيث بدأ في عام 2012 وبث مقاطع فيديو في موقع التواصل الاجتماعي يوتيوب يدعو فيها إلى ضرورة تبني إصلاحات في السعودية.
حاول السعوديون إقناع الأمير تركي بالعودة إلى بلاده مثلما فعلوا مع الأمير سلطان، إلا أنه رفض وظل ينشر مقاطع الفيديو حتى يوليو 2015 ثم اختفى في وقت لاحق من السنة ذاتها.
قال صديق لتركي، وهو مدون وناشط يسمى وائل الخلف، ثم سمعت من ضابط كبير في المملكة أن تركي بن بندر معهم. رحَّلوه إلى السعودية.. اختطفوه".
ويروي الوثائقي تفاصيل اختطافه حيث أشار إلى أن صحيفة مغربية أوردت أنه كان عائداً إلى فرنسا بعد زيارة إلى المغرب عندما اعتقل وسجن هناك. ثم سُلِّم إلى السلطات السعودية بناء على طلب منها بموافقة محكمة مغربية.
ويشير تقرير "الجارديان" إلى أن صحيفة "الصباح" المغربية نشرت في نوفمبر 2015، أنه تم احتجاز الأمير تركي في سجن سلا المغربي، حيث كان يحاول السفر عائداً إلى فرنسا، وتم ترحيله بعد عدة أيام إلى السعودية، بناء على طلب السلطات فيها.
الأمير سعود بن سيف النصر
ويشير الوثائقي إلى أنه في الوقت الذي اختفى فيه الأمير تركي، لقي أمير سعودي آخر، وهو سعود بن سيف النصر المصير ذاته.
فقد بدأ سعود في عام 2014، كتابة تغريدات تنتقد النظام الملكي في السعودية، إذ دعا في تغريداته إلى مقاضاة المسؤولين السعوديين الذين أيدوا عزل الرئيس المصري محمد مرسي بدعم من الجيش.
وذهب في عام 2015 إلى أبعد من ذلك إلى تأييد الدعوة إلى الانقلاب لخلع الملك سلمان.
ويعتقد أمير سعودي آخر انشق عن الأسرة المالكة، وهو الأمير خالد بن فرحان آل سعود الذي ذهب إلى ألمانيا وحصل على اللجوء السياسي فيها عام 2013، ويخشى من مصير الأمراء الثلاثة أن الأمير سعود وقع ضحية فخ لاستدراجه من مدينة ميلانو إلى العاصمة روما لمناقشة مشروع مع شركة روسية إيطالية كانت تسعى لفتح فروع في الخليج.
يقول خالد "طائرة خاصة من الشركة جاءت وأخذت الأمير سعود. لكنها لم تهبط في روما وإنما في الرياض".
وزعم أن "المخابرات السعودية هي التي (فبركت) العملية برمتها".
شاهد الفيلم