لم تبدأ أحداث اليوم في المسجد الأقصى مع انتشار قوات الاحتلال صباحا عند أبوابه ومنع دخول المسلمين للصلاة؛ بل اندلعت شرارتها مع إطلاق أتباع جماعات الهيكل، مطلع الشهر الحالي، دعوات لاقتحام الأقصى، اليوم الأحد، فيما يسمونه "ذكرى خراب هيكل".
 
وقد طالب أتباع هذه الجماعات بإغلاق المسجد الأقصى أمام المسلمين، والسماح لهم بأداء شعائر تلمودية فيه، كخطوة استباقية لتقسيمه وبناء هيكل مزعوم على أنقاضه.

ووسط تنسيق وتعاون وثيق بين جماعات الهيكل وسلطات الاحتلال، فرضت قوات الاحتلال طوقا أمنيا في محيط المسجد الأقصى، ونصبت الحواجز الحديدية عند مداخله، ومنعت دخول من هم دون سن الخمسين من الرجال وكافة النساء.
 
حواجز لم تصدّ المرابطين
 
وفي تفاصيل ما شهده المسجد الأقصى المبارك اليوم الأحد، بحسب مركز شؤون القدس والأقصى "كيوبرس"، توجه المئات من القدس والداخل الفلسطيني إلى المسجد الأقصى، فجر اليوم، تلبية لدعوات شد الرحال إليه وحمايته من اقتحامات المستوطنين، رغم الحواجز الحديدية التي نشرتها قوات الاحتلال عند مداخل البلدة القديمة مساء أمس.
 
وعند وصولهم أدوا صلاة الفجر عند أبواب المسجد الأقصى، وبقوا مرابطين هناك وسط اعتداء قوات الاحتلال عليهم، إلى أن دخلوا بعد إزالة الحواجز الحديدية الساعة الحادية عشرة ظهرا، بمظاهر احتفالية لانتصار إرادتهم على قوة الاحتلال.
 
وفي ظل التكهّنات، أمس السبت، حول فرض تقييدات عمرية لدخول المسجد الأقصى، اعتكف العشرات من الشبان في المصلى القبلي بعد انتهاء صلاة العشاء أمس، وباتوا ليلتهم فيه، إلى أن اقتحم المئات من عناصر الاحتلال المسجد الأقصى، صباحًا، وقاموا باقتحام المصلى القبلي مرتين وإطلاق وابل من قنابل الصوت والغاز، تسببت بأضرار جسيمة في الممتلكات وإصابة الشبان المعتكفين.
 
وأغلقت قوات الاحتلال عقب خروجها من المصلى القبلي أبوابه بالسلاسل الحديدية، ومنعت من بقي فيه من الخروج، ما أدى إلى حالات اختناق من الغاز المسيل للدموع.
 
وتعرض نحو 16 فلسطينيًّا لإصابات وصفت بعضها بالخطيرة، جراء إلقاء قنابل الصوت والغاز والاعتداء عليهم بقوة مفرطة، وتم اعتقال 6 أشخاص بينما كانت دماء بعضهم تسيل على رؤوسهم وأجسادهم، ولم يسمح لهم بتلقي العلاج.
 
اقتحام أريئيل
 
ولأول مرة منذ انتخاب الحكومة الجديدة في المؤسسة "الإسرائيلية"، اقتحم وزير الزراعة "الإسرائيلي" أوري أريئيل المسجد الأقصى برفقة مجموعة مستوطنين، في حين احتشد المصلون غربي المسجد الأقصى، وقاموا بملاحقته وسط هتافات  للمسجد الأقصى منددة باقتحامه، ما أدى إلى اختصار مسار الاقتحام وخروجه بعد وقت قصير، في ظل أجواء مشحونة سادها التوتر الشديد.
 
وعلت التكبيرات والهتافات المؤيدة للمسجد الأقصى فور اقتحام أولى المجموعات اليهودية وسط حماية مشددة من قوات الاحتلال، التي انتشرت في أرجاء المسجد، ومنعت المصلين من الاقتراب من مسارات الاقتحام.
 
إلا أن المصلين قاموا بملاحقة المستوطنين وتعطيل مسارات اقتحامهم، رغم التواجد الكثيف لقوات الاحتلال واستخدامهم القوة المفرطة ضد أي شخص يعترض اقتحامات المجموعات اليهودية، ما أدى إلى توتر الأجواء وخروج المقتحمين الذين بلغ عددهم الإجمالي 323 مستوطنًا، دون توقفهم أثناء الاقتحام.
 
واستأنفت الجماعات اليهودية اقتحاماتها في الساعة الثانية ظهرًا، وسط انتشار مكثف لعناصر الاحتلال في الجهة الغربية للمسجد الأقصى، إلا أنهم اتخذوا مسار الهروب، وخرجوا مباشرة من باب السلسلة، وسط احتشاد المصلين وهتافهم تنديدا بالاقتحامات.
 
تظاهرة على مداخل القدس
 
صباحا، عند مدخل مدينة القدس، اعترضت قوات الاحتلال "الإسرائيلية" حافلات مسيرة البيارق المتوجهة من الداخل الفلسطيني إلى المسجد الأقصى، وقامت باحتجاز الركاب والحافلات، وأمرت بعودتهم إلى بلداتهم.
 
وفي ظل احتدام الجدال بين ركاب الحافلة وعناصر قوات الاحتلال، خرج الركاب من الحافلات، ونظموا مظاهرات عفوية للاحتجاج على منعهم من الوصول إلى مدينة القدس.
 
وشهدت التظاهرة تكبيرات وهتافات مؤيدة للمسجد الأقصى في وجه قوات الاحتلال قبل أن تعود 14 حافلة أدراجها، وتأكيد الركاب على العودة مجددا إلى المسجد الأقصى.
 
أضرار في المصلى القبلي
 
ذكر رضوان عمرو، مدير قسم المخطوطات في المسجد الأقصى، أنه تم تحطيم عدد من نوافذ المصلى القبلي الزجاجية والجبصية وقصّ حديد النوافذ، إضافة إلى تدمير منظومة إطفاء المصلى القبلي، وتدفق المياه بغزارة داخله لمدة نصف ساعة على الأقل.
 
وأضاف عمرو إن موظفي الأوقاف وحراس المسجد الأقصى تعرضوا للتنكيل والاعتداء عليهم بالهراوات والغاز المسيل للدموع، إضافة إلى تعطيل دوام كافة دوائر ومكاتب وموظفي الأوقاف.

المصدر: المركز الفلسطيني للإعلام