أخبرنا الله تعالى عن المنافقين أنهم بطيئون عن النهوض للصلاة، لا يقومون لها إلا رياء، فقال تعالى ﴿وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصّلَاة قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ الل...َّهَ إِلّا قَلِيلاً﴾ [النساء:142]، وقال تعالى ﴿وَلَا يَأْتُونَ الصّلَاةَ إِلّا وَهُمْ كُسَالَى﴾ [التوبة: 54]، ولئن كانوا كسالى عن سائر الصلوات فإنهم أكثر كسلاً عن صلاة العشاء لأنّها فى وَقْت الرّاحَة وَالسّكُون، وعن صلاة الفجر، لأنّها فى وَقْت النّوْم، وَلأنّهُما فى ظُلْمَة اللّيْل وَدَاعِى الرّيَاء الّذى لأجْله يُصَلّونَ مُنْتَفٍ لعَدَم مشاهَدَة مَنْ يُرَاءُونَهُ من النّاس إلّا الْقَلِيل، ولهذا كانتا أثقل الصلوات عليهم، فقد أخرج الشيخان واللفظ لمسلم عَن أَبى هُرَيْرَة (رضى الله عنه) قال: قال رَسُولُ الله (صلى الله عليه وسلم): «إِنّ أَثْقَلَ صَلاَة عَلَى الْمُنَافقينَ صَلاَةُ الْعِشَاء وَصَلاَةُ الْفَجْر، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فيهما لأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْواً، وَلَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ بالصّلاَة فَتُقَامَ، ثُمّ آمُرَ رَجُلاً فَيُصَلّىَ بالنّاس، ثُم أَنْطَلِقَ مَعِى بِرِجَال مَعَهُمْ حُزَمٌ مِنْ حَطَب إلَى قَوْم لاَ يَشْهَدُونَ الصّلاَةَ فَأُحَرِّقَ عَلَيْهمْ بُيُوتَهُمْ بالنّار».
ولتعظيم المحافظة على صلاتهما فى جماعة أخرج مسلم عن عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ (رضى الله عنه) قال: سَمِعْتُ رَسُولَ الله (صَلّى الله عَلَيْه وَسَلّمَ)، يَقُولُ: «مَنْ صَلّى الْعِشَاءَ فى جَمَاعَة فَكَأَنَّما قَامَ نِصْفَ اللَّيْل، وَمَنْ صَلّى الصُّبْحَ فى جَمَاعَة فَكَأَنما صَلّى اللَّيْلَ كُلّهُ».
وفى رواية عند البيهقى فى شعب الإيمان: «لَأَنْ أُصَلِّىَ الصُّبْحَ فِى جَمَاعَة أَحَبّ إِلَىَّ مِنْ أَنْ أُصَلِّىَ لَيْلَةً وَلَأَنْ أُصَلِىَ الْعِشَاءَ فى جَمَاعَة أَحَبُّ إِلَىَّ مِنْ أَنْ أُصَلّىَ نِصْفَ لَيْلَة».
وأخرج ابن أبى شيبة عن عمر (رضى الله عنه) قال: «لأن أشهد العشاء والفجر فى جماعة أحب إلىّ من أن أحيا ما بينهما».
وكان النبى (صلى الله عليه وسلم) يتفقد الحضور فى جماعة الصبح، فقد أخرج النسائى وأحمد وصححه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم عن أُبَىِّ بْنِ كَعْبٍ (رضى الله عنه) قال: صَلّى رَسُولُ اللهِ (صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ) يَوْماً صَلَاةَ الصُّبْحِ، فَقَالَ: «أَشَهِدَ فُلَانٌ الصَّلَاةَ؟» قَالُوا: لَا. قَالَ: «فَفُلَانٌ؟» قَالُوا: لَا. قَالَ: «إِنّ هَاتَيْنِ الصّلَاتَيْنِ مِنْ أَثْقَلِ الصَّلَاةِ عَلَى الْمُنَافِقِينَ، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فيهمَا لَأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْواً، وَالصَّفُّ الْأَوّلُ عَلَى مِثْلِ صَفِّ الْمَلَائِكَة، وَلَوْ تَعْلَمُونَ فَضيلَتَهُ لَابْتَدَرْتُمُوهُ، وَصَلَاةُ الرَّجُل مَعَ الرّجُلِ أَزْكَى مِنْ صَلَاته وَحْدَهُ، وَصَلَاةُ الرَّجُلِ مَعَ الرَّجُلَيْنِ أَزْكَى مِنْ صَلَاته مَعَ الرّجُل، وَمَا كَانُوا أَكْثَرَ فَهُوَ أَحَبّ إِلَى اللَّهِ عَزّ وَجَلّ».
ولذلك قال ابْنُ عُمَرَ فيما أخرجه البيهقى فى شعب الإيمان: «كَانَ الرَّجُلُ إذَا لَمْ يَشْهَدْ مَعَنَا الْعِشَاءَ وَالْفَجْرَ أَسَأْنَا بِهِ الظَّنَّ»، وفاتت عبدالله بن عمر (رضى الله عنهما) صلاةُ العشاء فى الجماعة، فصلى تلك الليلة حتى طلع الفجر؛ جبراً لما فاته من صلاة العشاء فى الجماعة.
فهلم نواظب على جماعة العشاء والفجر وليوقظ بعضنا بعضا، والله الموفق والمعين.