باتت حياة الفلسطينية، هدى عبد الرحمن (40 عاماً) أقرب إلى حياة البداوة بسبب الأزمات المتلاحقة في قطاع غزة، فهي تعد الطعام على نار الحطب، تشعلها في موقد حديدي صدئ، منذ ساعات الصباح الأولى، وتضيء الشموع ليلاً، لإنارة منزلها.

ولم تعد الغزية عبد الرحمن تعتمد على "موقد الغاز" لطهو الطعام أو على الأجهزة الكهربائية، في إتمام أعمالها المنزلية بسبب أزمتي الغاز والكهرباء اللتين تفاقمتا منذ أكثر من شهر، بسبب تقنين سلطات الاحتلال الإسرائيلي لكميات الغاز التي تدخل إلى قطاع غزة، وتوقف محطة توليد الكهرباء الوحيدة بالقطاع بسبب نفاد الوقود اللازم لتشغيلها.

وتقول الفلسطينية عبد الرحمن وهي أم لخمسة أطفال: "مع استمرار أزمتي الغاز والكهرباء لقرابة الشهر باتت حياتنا بدائية بشكل شبه كامل، فلم نعد نستخدم الأجهزة الكهربائية إلا بشكل نادر خلال تلك الساعات المحدودة التي يصل فيها التيار الكهربائي، وأصبحت نار الموقد هي الملاذ الوحيد لي لأعد الطعام لأفراد أسرتي".

وتضيف عبد الرحمن، وقد بدت عليها علامات الإرهاق وظهر احمرار شديد في عينيها بسبب الدخان المنبعث من موقد النار: "أصبحت أستيقظ في ساعة مبكرة من الفجر ولا أنام حتى منتصف الليل، فالقيام بالأعمال المنزلية في ظل أزمتي الكهرباء وغاز الطهي يستهلك وقتا وجهدا أكبر".

وامتد تأثير أزمة الكهرباء لدى أسرة عبد الرحمن إلى نجلها خالد الطالب في كلية العلوم، فهو يعاني من صعوبة في الدراسة خلال ساعات الليل بسبب انقطاع التيار الكهربائي.

ويقول خالد إنّ "انقطاع التيار الكهربائي بشكل شبه دائم يجبرني على مضاعفة جهود المذاكرة خلال ساعات النهار، والمنهاج الدراسي كبير ومعقد ويحتاج إلى هدوء وراحة نفسية، وهو ما لا يتوفر في النهار، بل في الليل".

ويتابع "نحن الآن في موسم الامتحانات وأضطر لاستخدام ضوء الشموع للدراسة أثناء الليل ولكن نورها الخافت لا يساعدني على التركيز مطلقاً، وبت أخشى أن أحصل على علامات متدنية هذا الفصل".

ويمتد تأثير أزمات غزة المتلاحقة إلى المرضى، فالفلسطيني محمود الوحيدي (55 عاماً) يعاني من ضعف في جهازه التنفسي ما يضطره لاستخدام جهاز طبي كهربائي يساعده على التنفس. وفي ظل أزمة الكهرباء المتفاقمة، أصبحت حياة الوحيدي مهددة بخطر الموت في أي لحظة في حال فقد القدرة على التنفس ولم يتمكن من تشغيل جهاز التنفس الصناعي.

ويقول الوحيدي : "نقلت إلى المستشفى خلال الشهر الماضي أكثر من عشر مرات بسبب فقداني القدرة على التنفس أثناء انقطاع الكهرباء، وأخشى في يوم أن أتأخر في الوصول إلى المستشفى فأفقد حياتي بسبب هذه الأزمة".

أما الفلسطيني ساجد الحلو (33 عاما)، والذي يقطن في منزل مدمر بشكل جزئي بعد استهدافه من المدفعية الإسرائيلية خلال العدوان الأخير على غزة، فيضطر إلى إشعال الفحم في موقد حديدي داخل منزله كل ليلة لينعم أطفاله بالدفء.

العربي الجديد