أوضح مصرفيون وخبراء اقتصاديون أن الانخفاض المفاجئ للدولار خلال الفترة القليلة الماضية يعد أمرًا مؤقتًا وغير مؤثر أو معبر عن حالة الاقتصاد، محددين 4 أسباب أدت إلى انخفاضه، هي موسم العطلات الرسمية، وتقفيل الميزانيات للشركات، وترحيل الأرباح، وتوقف التجارة بسبب الأعياد.

وتوقع الخبراء عودة ارتفاع سعر الدولار أمام الجنيه مرة أخرى خلال منتصف فبراير ليقترب من الـ20 جنيهًا، خاصة مع عدم وجود تحسن في مصادر النقد الأجنبي الـ4، وهي: "إيرادات قناة السويس، وتحويلات المصريين بالخارج، الاستثمار الخارجي، تنشيط السياحة".

وأوضح "أحمد سليم" - نائب المدير العام السابق بالبنك العربي الأفريقي - أن الانخفاض الحالي في سعر الدولار لا يعد انخفاضًا حقيقيًا بناء على معطيات السوق، غير أنه يعود إلى أن معظم الشركات والمؤسسات تقوم بتقفيل مراكزها المالية، وهي فترة يقل فيها الطلب على الدولار من كل عام.

وقال "سليم" إنه لا يتوقع أي هبوط آخر في سعر الدولار خلال عام 2017، إلا إذا تم حل مشكلات مصادر النقد الأجنبي، ومن أهمها "السياحة، والصادرات، وقناة السويس، وتحويلات المصريين بالخارج، والاستثمار"، إلى جانب تعزيز الاكتشافات البترولية في النصف الثاني من عام 2017، وبغير ذلك لن يكون هناك تغير جوهري في سعر الدولار خلال العام الجاري.

ومن وجهة نظر الخبير الاقتصادي المصري "رضا عيسى"، فإن الدولار سيواصل ارتفاعه خلال الربع الأول من العام الجديد 2017، ليصل إلى 22 جنيهًا مصريًّا، في ظل السياسات الاقتصادية الحكومية الطاردة للاستثمار، وغياب سياسة رشيدة من جانب البنك المركزي، وكذلك لتضاؤل التحويلات من العاملين في الخارج نتيجة لمجمل الأوضاع الداخلية في مصر، بحسبه.

وتبلغ العائدات الحكومية خلال العام الجديد، حوالي أربعة مليارات دولار تقريبًا، تحصل عليها مصر من حزمة القروض الدولية (من صندوق النقد والبنك الدوليين، والبنك الأفريقي)، فيما تبلغ العوائد المتوقعة من بيع السندات الدولارية إلى الخارج حوالي ستة مليارات دولار، وكذلك من المنتظر أن تبلغ التدفقات المتوقعة من بيع شركات القطاع العام والبنوك حوالي عشرة مليارات جنيه.

ويضيف "عيسى": "هذه العائدات الدولارية ليست كافية لمواجهة الاحتياجات الدولارية، في ظل تراجع الاستثمارات الأجنبية، وعائدات السياحة، وتخلي الدولة تدريجيًّا عن القطاعات الإنتاجية والسلعية"، متوقعًا أن أزمة الدولار ستستمر لبقية العام الجديد، في ظل استمرار الظروف المواتية لارتفاعه.

وكشفت وكالة "بلومبرج" الإخبارية الأمريكية - في تقرير سابق لها نهاية العام الماضي - عن أن الجنيه المصري هو أكثر عملة انخفضت قيمتها في العالم خلال عام 2016.

وأضافت أن البورصة المصرية احتلت أيضًا المركز الثاني في قائمة أسوأ بورصات العالم.

فيما أكد خبراء مصرفيون أن موجة الارتفاعات التي شهدها السوق خلال المرحلة المنقضية طبيعية في ظل حركة تذبذب السوق، متوقعين أن يصل الدولار إلى 21 جنيهًا في القريب العاجل، محددين 5 أسباب لارتفاعه، وهي:

وجود عجز للعملة في بعض البنوك وزيادة القوة الشرائية عليها، وانخفاض معدلات السياحة وتحويلات المصريين، وضعف الاستثمارات، واستئناف مستوردي السلع غير الاستراتيجية لنشاطهم، وعدم وجود مصادر دولارية يمكن من خلالها توفير العملة، وعدم استقرار سعر الصرف.

وتوقعت بنوك استثمار ومراكز أبحاث - منها مؤسسة "كابيتال إيكونومكس" - ارتفاع التضخم في مصر بعد تعويم الجنيه. وكان تحرير سعر صرف الجنيه وما تلاه من رفع أسعار الوقود المرتبطة بصرف الدولار، عاملين أساسيين لموافقة المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي على طلب مصر اقتراض 12 مليار دولار في الـ 11 من نوفمبر من العام الماضي، وتم صرف الشريحة الأولى من القرض بقيمة 2.75 مليار دولار.

ومنذ تعويم حكومة الانقلاب للجنيه ظهرت أزمات ضخمة في أسعار السلع وتوفرها، كان أبرزها نقص عدد كبير من الأدوية في الصيدليات، بما في ذلك أدوية علاج أمراض السرطان، إضافة إلى أدوية أساسية مثل الأنسولين والتيتانوس وحبوب منع الحمل.

وارتهن مستوى معيشة المصريين بقيمة الدولار، حيث جاء بعد القفزات الكُبرى التي حققها مقابل الجنيه المصري، والتي انعكست بدورها على موجة غلاء في أسعار السلع الأساسية، فضلًا عن إجراءات الإصلاح الاقتصادي التي اتخذتها الحكومة، مثل زيادة أسعار الوقود، وإقرار قانون القيمة المضافة.