م. نبيه عبدالمنعم :
 
الاجتماع على هدف واحد مهما كانت الاختلافات من مقومات القوه وأسباب البقاء.
 
وكما أنه لولا اختلاف العناصر لما استقامت الخرسانه فلولا اختلاف الناس لما استقامت الحياه .
.
.هذا الأسمنت هو في حقيقته تراب لكنه تعرض لتجربة الحرق الصعبه . فتغيرت طبيعته . اصبح مختلفا ويتعامل مع غيره بطريقة مختلفه .
.
أصبح قادرا على التماسك . قادرا على جمع كل العناصر المتنافرة المختلفة الأشكال الأحجام . وكأنه يصالحهم مع بعضهم . يوفق بينهم على اختلاف اشكالهم واحجامهم .
.
فهذا زلط كبير وقاسى . ورغم مظهره القوى إلا أنه لم يتعرض لشيئ من تجارب الحياه . من محجره الى موقع العمل . لم يدخل عليه اى تعديل . وكأنه رجل مهيب الطلعه لكنه متواضع الطموح . أصابه الجمود ولا يستطيع أن يتطور . وهذا رمل اصفر وناعم لا يتفق مع الزلط شكلا ولا حجما . وهذا ماء سائل وشفاف يختلف عن الجميع . ومع أن الأسمنت اسودهم لونا وأنعمهم واضعفهم قوة في الظاهر . الا أنه قادر على التوفيق بينهم وجمعهم . فأصبحوا اقوياء به وهو قوى بهم .
 
وكأنهم جميعا على اختلاف الشكل واختلاف الحجم واختلاف العدد واختلاف القوه وافقوا ان يطيعوا ويتجمعوا ويتحدوا وينقادوا لمصلحة الجميع .
ومع أن الأسمنت يبدوا في ظاهره وفى أصله ترابا لا قيمة له . إلا أن محنة الحرق الشديدة أضافت له قوة هائلة وإمكانات خاصة وقيمة كبيرة وقدرة على القيادة وكأن صبره على الحرق جلب له احترام الجميع .
.
والحكمة أن المحن والابتلاءات تربى وتقوى وتحسن الطباع . وتؤهل للتميز والقيادة فهذه سنة الله فى خلقه وحتى فى انبياءه .
وأن القائد لابد أن يضحى أكثر من الجميع . لابد أن يكون ألين وأنعم من الجميع حتى يستطيع ان يحتويهم . فالغلظة والشدة لا تجدى . ربما تكسر وتهدم وربما تجرح ولكنها أبدا لا تجمع ولا تبنى .
 
وأن الاختلاف حينما يتم استغلاله وتوظيفه جيدا فإنه يكون من عوامل القوة . وأن الاتحاد مفيد للجميع . وأن وحدة الهدف أول طريق الانتصار .
.
و تعلمت من مهنتى
.
ولا بد من هز الأسف والأعمال والقواعد جيدا أثناء الصب لتتداخل عناصر الخرسانه . وبستخدم لذلك هزازات قويه . ويتم ضرب الأعمدة بالمطرقة بشدة من مختلف جوانب العمود .
.
ونتيجة للضرب والهز تتجمع الخرسانه حول بعضها وتتداخل . وكأنها المصائب تجمع المصابين .
.
وبقدر مايكون الطرق قويا والهز عنيفا بقدر ما تجد خرسانة قوية متلاحمه يصعب اختراقها أو النفاذ من خلالها بعد فك الخشب عنها فيما بعد .
تتحمل الطرقات فى فى بداياتها لتتحمل الأحمال الأكبر والطرقات الأشد فى قابل عمرها وحياتها .
.
فالهزات القويه والطرق الدائم المستمر يزيدها قوة عكس ما يبدو الناس .
فان لم يتم ذلك الطرق كان هناك تعشيش . فراغات لم تمتلئ جيدا . وكلما كانت الفراغات كبيره قلت كفاءة البناء حتى اذا زادت عن حدها لزم الهدم والصب من جديد . بتكاليف جديده ومجهود اخر ووقت اخر .
.
ويستمر الضرب والهز حتى يرى الناس الماء والزبد الذى لم يتحمل الضرب . يخرج من داخلها على السطح ليتبخر وتبقى العناصر النافعه التى تساهم فى قوة البناء .
.
قد تزيد الضربات من تماسك الصالحين النافعين .
 
وقد تزيد الهزات الصفوف قوه . حتى اذا زال الغطاء وانكشف الابتلاء . انكشف عن صف متماسك قوى . متلاحم ومترابط . ناعم الملمس من الخارج . لكنه اقوى واشد ما يكون من داخله . يصعب اختراقه او النفاذ من خلاله .
يحمل الجميع ويحتوى الجميع بقوة وكفاءة وقدرة اكبر على الاستمرار .