23/12/2009

• الجماعة لها خصوصياتها التي قد تغيب عن الكثيرين
• مصطلح (التربيطات) لا نعرفه والجماعة أكبر من ذلك
• مؤسساتنا شورية وأنا مع كل من ينادي بتطوير اللائحة
• ضمانات اللجنة المشرفة على الانتخابات أنها من الإخوان
• نعمل باللائحة حتى يتم تطويرها على أيدى المتخصصين
• أطالب المشككين بأن يراجعوا موقفهم من الدعوة

حوار- وليد شلبي: 

 (الانتخابات مزورة.. اللجنة المشرفة عليها لا توجد أي ضمانات لنزاهتها واستقلالها.. الإخوان ربَّطوا لتوجيه الانتخابات..) هذه وغيرها من اتهامات كلها باتت تتفجر على الساحة الإعلامية؛ محاولة أن تشوه جماعة الإخوان المسلمين في مقتل، وذلك لأنها تمس أول ما تمس أركان الإخلاص والتجرد والثقة التي تميز حركة الإخوان، وتعتبر أهم الأعمدة التي يقوم عليها تنظيمها.
ويبدو أنه كان مطلوبًا من الإخوان أن يغضوا الطرف عن ترتيب بيتهم الداخلي، وينصرفوا للرد على الادعاءات التي يروّج لها البعض، ومما لا شك فيه أن الإخوان يحطمون بإجراء انتخاباتهم الداخلية أحد "تابوهات" المجتمع السياسي الحالي؛ حيث حالة الجمود تسيطر ومسلسلات البقاء على الكراسي رائجة.
وانتهى موسم التكهنات.. وأتم الإخوان بفضل الله الأمر.. وصار لزامًا على المسئول أن يكشف التفاصيل، وأن يرد الشبهة وأن يخرج ما في جعبته من أوراق...
ويجيب عن هذه التساؤلات التي تشغل الرأي العام فضيلة الأستاذ محمد مهدي عاكف المرشد العام للإخوان المسلمين، في هذا الحوار الذي اتسم بالصراحة، غير أنه كان سائرًا في فلك (أن للجماعة شأنها الداخلي الذي يجب على الرأي العام أن يحترمه وعلى الإخوان أنفسهم أن يقدروه)، وسار الحوار على النحو التالي:  

* بداية فضيلة المرشد كان اليوم أول اجتماع لك مع تشكيل المكتب الجديد؛ فكيف كانت كلماتك الأولى معهم؟

** أكدت لهم أن تاريخ الإخوان مشرق في كل مكان، وأن الأخوة والحب والصدق والإخلاص مع الله هو أساس حياتنا ودعوتنا بمظهرها ومَخْبَرها، وحذرتهم من السماع لأي أقوال مغرضة، فالجماعة فوق الجميع بمؤسساتها الشورية ولوائحها الداخلية وضوابطها الدعوية.

وأوضحت لهم ضرورة وضوح الرؤيا في جميع أعمالنا، وأن أمامنا قضيتين مهمتين: الأولى قضية فلسطين، وموقفنا فيها حازم ولو وقف ضدنا العالم كله. والثانية هي ضرورة مواجهة الاستبداد والعبث بمصالح الشعب والأمة.

وشددت في حديثي معهم على أن الإخوان هم أمل الأمة وأحرص الناس على سلامة الوطن والنهوض به، وأننا نستمد شرعيتنا من الإسلام الحنيف ومن حب الشعوب لنا؛ ومما لا شك فيه أن العبء ثقيل، ويحتاج لكل الجهود وأن المستقبل لهذه الجماعة المباركة.

وكانت وصيتي لهم ولنفسي قبلهم هي ضرورة العمل بقلوب مفتوحة وعقول واعية وحب عميق وأخوة صادقة، وأن يعملوا الشورى في جميع أعمالهم، وأن يتوكلوا على الله فنحن نتعبد لله بهذه الأعمال وتلك الجهود. 

* فضيلة المرشد تردد في الآونة الأخيرة تشكيك البعض في الإجراءات التي صاحبت انتخابات مكتب الإرشاد، ووصفها بأنها تمت بتربيطات؛ فما قولكم في هذا؟

** أنا لا أحب أن أجر لمثل هذه المناطق التي يحكمها الجدل، ويشغل عن العمل؛ غير أني أحب أن أقول لكل من تقوَّل على الإخوان: لكل مؤسسة خصوصياتها، وإجراء الانتخابات يتم وفق نظمها ولوائحها، ولا يحق لأحد أن يتدخل في إجراءاتها الداخلية، وأنا أرفض قول أن هناك تربيطات؛ لأننا نتعامل مع رجال لهم مكانتهم وقدرتهم وجهادهم وتاريخهم، ومن الصعب وصفهم بهذه الأوصاف غير اللائقة، وما أعتقده أن مثل هذه الادعاءات هي محاولة؛ لأن ينسحب علينا ما ينسحب على البعض.

* إذن فما الضمانات التي اتخذت في تشكيل اللجنة التي رأستها للإشراف على هذه الانتخابات؟

** الإخوان الذين اخترتهم هم أهم ضمانة؛ هم فوق مستوى أي شبهات، إضافة لكونهم أعضاء في مجلس الشورى العام، وأنا شخصيًّا راضٍ كل الرضا عن هذه الإجراءات وسلامتها، فلا يعقل أن يبيع أحدهم دينه لإرضاء فرد أو جهة كائنًا من كانت.

* لكن اسمح لي يا سيدي أن أقول إن هناك بعض ممن شككوا في نزاهة وصحة هذه الانتخابات حتى من بعض الأصوات المحسوبة على الإخوان؟

** هؤلاء عليهم أن يتقوا الله، ولا ينساقوا وراء القيل والقال، وأي مؤسسة هي صاحبة الحق الأصيل والأول والأخير في جميع إجراءاتها، ونحن من أركان بيعتنا ركن الثقة بكل أنواعها وأشكالها؛ فالأصل عندنا أن جميع الأفراد ثقات، ولا يمكن لنا أن نشكك في بعضنا البعض، ومن يخالجه شك في صدق إخوانه وأمانتهم، فلا ينبغي له أن يستمر في الجماعة، أو أن يراجع نفسه ويتقي ربه؛ لأنه بذلك أهدر ركنًا مهمًّا من أهم أركان البيعة، أو عليه أن يراجع إخوانه ما دام تسرَّب إليه الشك الذي يزول بالمراجعة، والحوار وليس بإلقاء الاتهامات جزافًا.

* كيف ترون مستقبل الجماعة في ظل هذه الأحداث المتتالية؟

** مستقبل الجماعة مشرق بإذن الله؛ لأنها قائمة على منهج قويم وأسس ثابتة وراسخة ومتجذرة وصاحبة تاريخ عريق في خدمة الأمة كلها، وتبني قضاياها، ولها مشروع واضح المعالم لنهضة الأمة، وتحمل دين الله وتدعو إليه، وتضحي في سبيله بكل ما تملك، كما أنها تضم رجالاً ونساءً وشبابًا يحبون الله ورسوله ويصدقون في القول والعمل، وهؤلاء هم الطاقة الحقيقية التي تجعل من جماعة الإخوان متجددة دائمًا.

* هناك أصوات تطالب حاليًّا بضرورة تعديل اللائحة المنظمة للجماعة؛ فهل ترون ذلك تجاوزًا لخطوط الجماعة الحمراء؟

** لا يوجد عند الإخوان خطوط حمراء، وإدارة الجماعة وشئونها الداخلية اجتهاد خاضع للتطوير، ومن يطالب به أشجعه، وأضم صوتي لصوته؛ ولقد بدأ الإخوان فعلاً في إعمال النظر في اللائحة الحالية، وبمعاونة أهل الاختصاص، وأسأل اللهَ سبحانه وتعالى أن ينجز في أقرب وقت، وما أريد أن أؤكد عليه هو أنه مع احترامنا للائحة، والتزامنا التام بها؛ فإنه ينبغي ألا تؤثر على حبنا وأخوتنا وسلامة صدورنا، فما جعلت هذه اللوائح إلا لتيسير العمل وإثرائه وإنجازه لا مدخلاً للفرقة والتشاحن. 

* بعد إعلانكم نتائج انتخابات مكتب الإرشاد في دورته الجديدة رأى بعض المراقبين أن الجماعة ستنكفئ على نفسها نتيجة ما مر بها من أحداث قبل و أثناء هذه الانتخابات وربما تنكمش ويقل انتشارها في المجتمع؟

** أنا لست مع (الأرأيتيين) الذين يفترضون قضايا ومسائل جدلية؛ فالجماعة هيئة مؤسسية شورية، وتحترم المؤسسية في جميع أحوالها، ولا تقوم على شخص واحد أبدًا؛ فلقد استشهد من قبل الإمام الشهيد المؤسس حسن البنا رحمه الله، وظن البعض أن الجماعة إلى زوال، ولكن الله حفظها ورعاها؛ فالجماعة لا تعتمد على شخص كائنًا من كان مهما كان وضعه، وبها من المؤسسات الشورية ما يحميها بعد فضل الله سبحانه وتعالى، وكذلك فإن فهمها الوسطي والشمولي للإسلام يمنعها من الانكفاء، بل إن رسالتها الأساسية هي العمل مع عموم الأمة في كل المجالات لما فيه صالح الأمة والوطن بما يرضي الله، وعمومًا تلك أمانيهم لكن على الإخوان أنفسهم أن يتمسكوا بأسباب تميزهم من فهم دقيق وإيمان عميق وحب وثيق وعمل متواصل. 

* هل تعتقد أن الحملات الإعلامية السلبية المتواصلة ضد الإخوان أثَّرت على الصف سلبًا؟

** الجماعة بخير ورجالها ونساؤها وشبابها وحتى أشبالها؛ يدركون جيدًا حجم ما يحاك ضدهم، ولولا أنهم أكبر من كل تآمر لما صمدوا على مدار تاريخهم؛ فيا أيها الإخوان.. دعوتكم قائمة على الحب والأخوة في الله، وهذه من أهم دعائمها فحافظوا عليهما، وعلينا أن نعمل وفق ما يرضي الله عنا، ونسترشد بالقرآن ونطبقه قولاً وعملاً وبخاصة قوله تعالي: ﴿فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ(159)﴾ (آل عمران).. فاعملوا بكل طاقتكم في سبيل الله ونصرة دينه، ولا تركنوا إلى ما يعطلكم أو يؤثر سلبًا في مسيرتكم وجهدكم وجهادكم، واتقوا الله في كل أعمالكم، فهو معكم ولن يتركم أعمالكم.