4/2/2009
أيها الشعب المصرى الكريم ..
أيتها الشعوب العربية والإسلامية العزيزة ..
يا شعوب العالم الحر أصحاب الضمائر الإنسانية الحية ..
إن العدوان الإجرامى على شعب غزة الأبى لم يتوقف، فمنذ أن اضطر الصهاينة إلى وقف العدوان العسكرى دون تحقيق أهدافهم، إلا أن التحرش العسكرى هنا وهناك فى القطاع لا يزال مستمرا، والتهديدات باستئناف العدوان واستخدام القوة المفرطة تتصاعد من قادة العدو الصهيونى، وترتفع نبرتها كلما اقتربت انتخابات الكنيست الصهيونى، وكأنما الوصول إلى سدة الحكم لا يتم إلا على جماجم الأطفال والنساء ولا يمر إلا عبر الولوغ فى دماء الفلسطينيين، الأمر الذى ينذر بمجزرة جديدة .
إن القضية الفلسطينية فى جوهرها إنما هى قضية احتلال صهيونى استيطانى عنصرى لأرض فلسطين منذ عشرات السنين حيث ارتكب الصهاينة خلالها المذابح الإجرامية والمجازر الوحشية فى حق أهل فلسطين وقاموا بأعمال التدمير والتخريب والطرد والتهجير للفلسطينيين والاستيلاء على وطنهم وديارهم وممتلكاتهم وتحويل معظمهم إلى لاجئين مشردين فى الآفاق، ورغم أن مقاومة المحتل حق مشروع فى كل الشرائع والقوانين إلا أن القوى الغربية الظالمة التى مكنت للصهاينة من فلسطين ولا تزال تحميهم وتمدهم بكل أنواع الدعم تعتبر هذا الحق محرما فى حق الفلسطينيين بل تعتبره إرهابا، ورغم أن حق تقرير المصير حق أصيل لكل شعوب العالم، إلا أن أهل فلسطين وحدهم مستثنون من هذا الحق، ورغم أن حق العودة أمر أقرته قرارات الأمم المتحدة إلا أن اللاجئين الفلسطينيين محظور عليهم أن يعودوا إلى وطنهم وديارهم، ورغم أن من حق كل شعب أن ينتخب السلطة التى تمثله وتحكمه، إلا أن أهل فلسطين وخصوصا أهل غزة يعانون حصارا خانقا بل قاتلا منذ أن انتخبوا حركة حماس عقابا لهم على اختيارهم الديمقراطى، وهذا كله يقطع بسقوط الغرب الذى يزعم التحضر (!) أخلاقيا وقانونيا وإنسانيا، وأن العالم تحكمه شريعة الغاب وأن الذى يمتلك القوة وأدواتها يمتلك الشرعية وألا مكان للضعفاء، سواء كانوا حكومات أو شعوبا.
ألا يذكر الغرب يوم غزا (الاتحاد السوفيتى سابقا) أفغانستان وكيف هرعوا جميعا لدعم المقاومة الأفغانية بكل الوسائل وعلى رأسها السلاح لطرد الغزاة السوفييت، فلماذا الكيل بمكيالين ؟
أولا يذكر الصهاينة أن أجدادهم اضطهدوا فى أوربا وطردوا منها مرات عديدة ولم يجدوا لهم موئلا إلا العالم الإسلامى الذى آواهم وأمنهم وأكرمهم فهل يكون جزاؤه هذا التوحش والإجرام فى سفك الدماء وقتل النساء والأطفال وتدمير البشر والشجر والحجر بالأسلحة الأمريكية والمحرمة دوليا فى مشهد يُزرى بما فعله بهم النازى فى أوربا إبان الحرب العالمية الأخيرة؟
لقد خرقوا اتفاق التهدئة مع حركة حماس 195 مرة خلال ستة أشهر، وزاد حصارهم الخانق والمميت لأهل قطاع غزة فى العام الأخير، ولما فشلت استراتيجية الحصار فى تحقيق أهدافهم لجأوا إلى استراتيجية أخرى وهى العدوان العسكرى الوحشى على القطاع لكسر إرادة الشعب الفلسطينى، وإيقاف إطلاق الصواريخ والقضاء على المقاومة وبالتالى دفن القضية إلى الأبد، ولكن الصمود البطولى للشعب والمقاومة الذى أدهش العالم خيب تدبيرهم وأخرجهم من القطاع يجرون أذيال الفشل والعار .
أيتها المنظمات الدولية والأنظمة الحاكمة فى كل مكان .. أين ضميرك وأنت تقيمين الدنيا ولا تقعديها منذ سنتين من أجل إطلاق سراح الجندى الصهيونى الأسير (شاليط) وفى الوقت ذاته تغلقين عينيك وأذنيك وتكممين فاك عن أحد عشر ألف أسير فلسطينى فى سجون الاحتلال، منهم وزراء فى الحكومة ورئيس المجلس التشريعى وأعضاء فيه ونساء وأطفال مدنيون؟
أين ضميرك وأنت تحركين أساطيلك وقواتك ووسائل تقنياتك من أجل منع قطع السلاح البدائية أن تدخل إلى قطاع غزة ليستخدمها المقاومون – أصحاب الحق المشروع - فى مقاومة الاحتلال الظالم، وفى نفس الوقت تمدين الكيان الغاصب المعتدي بأضخم وأحدث وأبشع ما فى ترساناتك من سلاح ليستمر فى الاحتلال والبغى والقتل والتدمير ؟
أيتها الشعوب العربية والإسلامية والحرة .. إن القضية قضيتنا، إنها قضية الحق والعدل والحرية والإنسانية التى إن فرطنا فيها سمحنا للباطل والظلم والشر أن يسود وفقدنا جدارتنا بالانتماء إلى القيم الإنسانية النبيلة التى يجب أن تحكم العالم .
وأنتم أيضا يا حكام العرب والمسلمين .. إن القضية الفلسطينية هى قضية كرامتنا وعزتنا بل قضية وجودنا، لأن أرضها أرض المقدسات الإسلامية والمسيحية، وأهلها المقاومون إنما يمثلون خط الدفاع الأخير عن أرضنا وأمننا القومى، وأننا إن تخلينا عن المقاومة – لا قدر الله – كما يريد الغربيون والصهاينة فسوف يتحول أبناؤنا وأحفادنا إلى لاجئين وعبيد للصهاينة المجرمين، وسوف يتوسعون على حساب أرضنا وأوطاننا، وسوف يلعننا التاريخ فى كل صفحاته، ويحل علينا غضب الله والملائكة والناس أجمعين .
إن إخواننا فى غزة قد أبلوا أحسن البلاء وقدموا أعز وأغلى التضحيات ولئن أصابهم القرح فقد أفشلوا أهداف العدو، فلا ينبغى قط أن يعودوا إلى حالة الحصار الظالم، لا سيما وقد تهدمت البيوت وأصبح الآلاف منهم بغير مأوى فى هذا البرد القارس، فلابد من الإسراع بكسر الحصار وفتح المعابر وإعادة التعمير وعلاج الجرحى وإدخال مقومات الحياة رضى من رضى وسخط من سخط، ولا يجوز الابتزاز السياسى أو ربط ملف الإنقاذ والدعم والتعمير بملفات سياسية أخرى .
أيها الحكام العرب ... لقد رأيتم مشاعر شعوبكم وسمعتم مطالبها فعودوا إلى أحضانها ففى ذلك عزكم وكرامتكم بل وحمايتكم وشرعيتكم ولا تستجيبوا لمشروعات أعدائكم وأعدائنا واعلموا أن الأمة لن تفرط فى هذه القضية ولن تتخلى عن إخوانها فى فلسطين لأن : "المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه ولا يخذله" ( وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ )
وأخيرا : فإن ما يجرى على الساحة الآن من تهديدات وإجراءات وتدابير توحي بأن الصهاينة يرتبون فى هذه الأيام لشن حرب جديدة على أهلنا فى قطاع غزة، لذلك فنحن ندعو الشعوب العربية والإسلامية وقواها الحية ومنظمات المجتمع المدنى فى كل أنحاء العالم إلى:
أولا : القيام بفعاليات عالمية عاجلة يوم الجمعة الموافق 6/2/2009م وذلك بهدف تحذير الصهاينة ومن وراءهم من مغبة القيام بتنفيذ تهديداتهم الإجرامية .
ثانيا : الترتيب لفعاليات مستمرة تستهدف فك الحصار وفتح المعابر وبخاصة معبر رفح بشكل مستمر وكامل ودائم.
والله من وراء القصد، (وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ)
محمد مهدى عاكف
المرشد العام للإخوان المسلمين
القاهرة فى : 9 من صفر 1430هـ
4 من فبراير 2009م