فى الوقت الذي لم تتردد فيه حكومة الانقلاب في رفع أسعار الوقود والكهرباء والسلع الغذائية بمعدلات غير مسبوقة تصيب الفقراء بالعجز عن الوفاء عن توفير بالحد الأدنى من متطلباتهم, نجدها لا تتوانى فى دعم تذليل العقبات وتقديم الدعم لرجال الأعمال والأثرياء على حساب الفقراء والمطحونين وتعددت على مدار ما يقرب من عامين من عمر الانقلاب العسكري القرارات التي تصب فى صالح الأغنياء على حساب الفقراء.
كان أحدث هذه القرارات قانون ضريبة البورصة حيث تراجعت حكومة الانقلاب عن قانون بضريبة جديدة على الأرباح الناتجة عن التداول في البورصة والتي كان يفترض الحصول منها على عوائد تبلغ 10 مليار جنيه، وجاء ذلك التراجع جراء الضغوط التي مارسها المستثمرون ورجال الاعمال ضد حكومة الانقلاب خلال الفترة الماضية وقد سبق هذا القرار قرار اخر بقضي بتخفيض الحد الأقصى للضرائب والذى يستفيد منه الأغنياء إلى 22.5% بعد أن كان يصل إلى 30% بما فيه «ضريبة الثروة» التى كانت محددة بنسبة 5% لمن يزيد دخله عن مليون جنيه وقد حرصت السلطة الانقلابية منذ اليوم الأول على أن تعيد تمكين رجال الأعمال وتهيئ لهم مناخ التربح والإفساد فحصنت لهم العقود وأطلقت سراح المحبوسين منهم ومهدت لهم طريق فرض سطوتهم من جديد على الشعب فألغت الدعم عن البسطاء وهيأت مناخ لهم الاحتكار! .
كان من أبرز الامتيازات التي حصل عليها رجال الأعمال عليها في ظل الانقلاب العسكري قانون تحصين عقود الاستثمار، فتحت دعوى رغبة الدولة في استعادة الثقة بين الدولة والمستثمرين أصدر رئيس سلطة الانقلاب عدلي منصور في إبريل قبل الماضي قانون تحصين العقود من الطعون والذي بموجبه يمنع أي طرف ثالث من الطعن في العقود المبرمة بين الحكومة والمستثمرين لتصبح هذه العقود محصنة ومقدسة وغير خاضعة لرقابة القضاء ولا الشعب ولا منظماته، وهو القانون الذي يهدف بالأساس إلى تسهيل عملية نهب المال العام تحت دعوى عدم إخافة المستثمرين.
وبجانب تحصين العقود لم يتورع الانقلاب مستخدمًا أهم أذرعه وهو قضاء الانقلاب في إصدار أحكام البراءة على رؤوس عصابات دولة مبارك ليمكنهم من جديد من نهب أموال وأقوات المصريين، فصدر الحكم بإخلاء سبيل أحد أباطرة الفساد في عهد مبارك - أحمد عز- ومن قبل حكم براءة حبيب العادلي من تهمة التربح وغسل الأموال بما قيمته نحو خمسة ملايين جنيه، كما صدر حكم ببراءة أحمد شفيق المرشح الرئاسي الخاسر في قضية أرض الطيارين.
وبالرغم من ذلك لم تقتصر عطايا الانقلاب لرجال الأعمال ورموز دولة مبارك عند حدود البراءة وتحصين العقود؛ بل تجاوزت ذلك إلى غض الطرف عن عمد على المتهربين؛ منهم حيث تراجع نجيب ساويرس عن اتفاق التسوية الذي عقده مع النظام في عهد الدكتور محمد مرسي، الذي كان بموجبه سيسدد 7 مليارات و200 مليون جنيه للضرائب مقابل سحب قضية التهرب الضريبي، كما تراجع الملياردير الهارب حسين سالم أيضًا عن عرضه الذي قدمه في عهد الرئيس المنتخب بالتنازل عن 50 %من إجمالي ثروته، حيث أعلن محامي حسين سالم في يناير الماضي عن توقف مبادرة التصالح في عهد نظام الدكتور مرسي.. بما يؤكد حجم الطمأنة الذي أعطاها العسكر للكل الفاسدين.
إلغاء الدعم ولا يغيب عن أحد أن سياسيات الانقلاب الرامية لإلغاء الدعم بجانب أنها تصب بشكل مباشر في مصلحة رجال الأعمال فإن حكومة الانقلاب حرصت أيضًا على عدم المساس برجال الأعمال؛ حيث تم رفع أسعار بنزين رجال الأعمال بنسبة 7% فقط فيما بنزين 80 ارتفع بنسبة 87% والسولار بنسبة 63% .
في هذا السياق، قال الخبير الاقتصادي أشرف البربري: إن السياسات الاقتصادية غير العادلة لنظام السيسى تعيد إحياء النموذج الاقتصادي الفاشل لنظام مبارك حيث التوسع في الاستثمار العقاري واقتصاد الخدمات بفضل التسهيلات التى يقدمها النظام للمستثمرين والتى تجعل من بناء المنتجعات والمراكز التجارية الفارهة أكثر جاذبية من الاستثمار الصناعى أو الزراعي وهو ما يمكن أن يحقق للاقتصاد نموا «دفتريا» دون أن يكون لذلك انعكاسات حقيقية على الأغلبية الساحقة من الشعب، مؤكداً فى مقال له في جريدة الشروق، أن الفقراء هم من يدفعون الثمن من تقليص لمخصصات الإنفاق الاجتماعي وزيادة أسعار الخدمات العامة وخفض مخصصات الدعم وغير ذلك، فى ظل استمرار سياسة دعم النظام لرجال الأعمال.