حذر خبراء ومحللون من استمرار ــ حكومة الانقلاب العسكري ــ في ممارسة سياسة التوسع في الإنفاق العام، في ظل ارتفاع معدلات التضخم بنسب غير مسبوقة، متوقعين ارتفاع الطلب العام على السلع والخدمات بشكل كبير خلال العام الجاري، خصوصا مع بدء تنفيذ حكومة الانقلاب، لخطة التنشيط الاقتصادي، كما أن الإنفاق الاستثماري الذي تمارسه الحكومة يؤدي إلى تحفيز الطلب الخاص إلى جانب عنصر انخفاض النشاط التصديري وذلك بخلاف الزيادات السعرية الناتجة في الأساس عن تعديل سياسات الدعم للطاقة و السياسات الضريبية.

وأوضح المحلل المالي صلاح حيدر، أنه لا يوجد بلد تسلط الضوء فيه على مخاطر السياسة بشكل صارخ أكثر من مصر، حيث القوى الاقتصادية تمتزج مع معدلات تضخم متباينة للغاية كما أن معدل البطالة المرتفع يخلق ما يسميه الخبراء الاقتصاديون "فجوة في الإنتاج" بين مستوى الإنتاج وحجم ما يمكن للدولة أن تنتجه في ظل حالة التوظيف الكاملة لعمالتها والذي يمنعها منه الركود الاقتصادي المستمر منذ سنوات.
وشدد حيدر في تقرير نشرة موقع "عرربي 21" على ضرورة أن تلجأ ــ حكومة الانقلاب ــ إلى بدائل في خفض الدين العام المحلي كما قامت الدول الأخرى، وذلك من خلال مبادلة جانب من هذا الدين بأصول عامة منتجة أو جزء منها، وخاصة الديون المستحقة للمؤسسات السيادية مثل التأمينات والمعاشات، إلى جانب طرح نسب من الأصول المنتجة للاكتتاب العام للمصريين وتوجيه حصيلتها لخفض الدين العام المحلي.
وأشار المحلل المالي إسلام عبد العاطي، إلى أنه بتحليل خطة ــ حكومة محلب الانقلابية ــ يتضح أنها تهدف لوضع إجراءات تقشف على مدى السنوات القادمة تخفض من العجز الحكومي وتقلل من حجم الدين العام وخدمته، ولكن دون التأثير على الطلب الكلي بإطلاق حزم تحفيز من أموال الخليج تذهب مباشرة للاقتصاد، لذلك فأن إعادة هيكلة الدعم وأنظمة الضرائب ليس بالضرورة أن تقترن بسياسة اقتصادية انكماشية، وإنما يجب على الحكومة أن تتخذ من القرارات الاقتصادية المحفزة للاستثمار والإنتاج بما يساعد على زيادة الدخل القومي ومن ثم استيعاب الآثار الناتجة عن تحريك أسعار السلع الاستراتيجية، خاصة وأن تأثير رفع الفائدة على قرار الاستثمار لا يحكمه سعر الفائدة فقط بل عناصر كثيرة أهمها الثقة في الاستقرار الاقتصادي وتيسير بيئة الأعمال، وتطوير التشريعات الاقتصادية و معدلات تكلفة الاقتراض.
وقال إن ملامح الخطة الاقتصادية لـ حكومة الانقلاب ــ حتى الآن تبدو شبيهة بتلك التي تم تبنيها في مطلع التسعينيات من القرن الماضي، عندما أقدمت الحكومة المصرية على إصلاحات هيكلية عميقة باستخدام التدفقات النقدية الضخمة التي حصلت عليها من الخليج، وطبقا لاتفاق "نادي باريس"، وقد أدت هذه الإجراءات بالفعل إلى خفض العجز، إلا أنها صوحبت بسنوات من الركود، خاصة مع عدم القدرة على زيادة الصادرات للخارج، وهو ما لا يمكن أن يتحمل لنظام السياسي الجديد في مصر عواقبه في المرحلة الراهنة، ومن هنا فإن كلمة السر في استعادة النمو الاقتصادي، وفي إصلاح الخلل الهيكلي في مالية الدولة، هي الأثر المنتظر لتدفقات استثمارية خليجية ضخمة منتظرة في السنوات القادمة، ومدى قناعة المستثمرين المحليين والأجانب بأن مصر تتجه نحو استقرار سياسي يبرر ضخ المزيد من الاستثمارات في الاقتصاد.