في تطور مفاجئ هز الساحة السياسية الأفريقية، نجحت حركة شبابية عفوية، أطلقت على نفسها اسم "شباب زد"، في إجبار رئيس مدغشقر على الفرار من البلاد بعد احتجاجات عارمة شلت العاصمة. هذا الحدث، رغم بعده الجغرافي، يحمل في طياته دلالات عميقة ورسائل تحذيرية يمكن إسقاطها على العديد من الأنظمة السلطوية، وفي مقدمتها النظام المصري بقيادة قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي. إن نجاح شباب لا يملكون تنظيماً هرمياً أو دعماً خارجياً في إسقاط رأس السلطة يطرح أسئلة جوهرية حول مستقبل الأنظمة التي تعتمد على القبضة الأمنية وتتجاهل صوت الشارع.

وفي مقال للكاتب نظام المهداوي قال فيه إن مشهد احتجاجات مدغشقر وسقوط رئيسها يحمل ثلاث رسائل تحذيرية للأنظمة العربية، وفي مقدمتها نظام السيسي.

أولى الرسائل أن طاقة الشباب الكامنة قادرة على كسر حاجز الخوف الذي تعتمد عليه الأنظمة القمعية في بقائها، فحين تُسَدّ الآفاق وتُخنق الحريات، تتحول الأزمات الاقتصادية إلى شرارة انفجار لا يمكن احتواؤه.

الرسالة الثانية تتعلق بوهم السيطرة الأمنية؛ إذ أثبتت الأحداث أن الاعتماد على القبضة الحديدية والتقارير المضللة لا يمنع الانهيار، بل يعجّل به، وهو ما يجب أن يقلق النظام المصري الذي يراهن على الأجهزة الأمنية لتثبيت سلطته.

أما الرسالة الثالثة فهي عن عزلة الحاكم، فهروب رئيس مدغشقر كشف أنه كان يعيش في فقاعة من المستشارين والإعلام الموجه، بعيدًا عن معاناة شعبه. المشهد برمّته يعكس خطر الانفصال بين السلطة والشارع، وهي حالة تتكرر اليوم في مصر، حيث تتزايد معاناة المواطنين بينما تنشغل الدولة بتجميل صورتها بدل معالجة أزماتها.

ومن جهته قال الكاتب الخليجي أنور الرشيد " ما السر وراء عدم تغطية ولا وسيلة إعلامية في المنطقة ولا خارجها مليونية الضالع و شبام؟ العجيب إعلام منطقتنا يغطي تظاهرات مدغشقر ويتجاهل مطالبة الشعب الجنوبي بحقه المشروع!!! قليل من المصداقية يا إعلام بالذات الخليجي بالرغم من هذه الاعداد المليونية إلا أن تجاهل إرادتهم سيد موقف الإعلام الخليجي والدولي لكم الله ياشعب الجنوب ولن يضيع حق وراءه مطالب".

 

 

د.مراد علي " سيناريو مدغشقر هو نفس السيناريو الذي يحدث في كل بلادنا؛ يثور الشعب يقوده الشباب ضد طاغيةٍ فاسد، فيقفز قائد الجيش ليستولي على السلطة.. فيحل طاغيةٌ مكان طاغيةٍ، ويُستبدل فاسدٌ بفاسدٍ آخر!! إن لم يكن للثورات قلبٌ واعٍ وعقلٌ رشيدٌ وقيادةٌ تستطيع توحيد الصفوف، فبالتأكيد ستسقط الثورة في حجر الدولة العميقة مرة أخرى، سواء كانت المؤسسة العسكرية أو فلول التنظيم الحاكم."

 

 

وعلق زيد ربيع " جيل z في مدغشقر استطاع إسقاط رئيس مدغشقر الذي سرق أموال شعب مدغشقر أما جيل z في المغرب استطاعت أموال ال سعود في إضعافكم وجعلت ملك المغرب يزداد سرق أموال شعب المغرب".

 

 

وكتب رامز الحمصي " بعد إسقاطها الحكم في نيبال وإشعال احتجاجات في المغرب، تظاهرات جيل Z تطيح برئيس مدغشقر الذي فر من البلاد على متن طائرة عسكرية فرنسية. اندلعت الاحتجاجات في البلاد بسبب تدني مستوى الخدمات الرئيسية كالكهرباء وغيرها، سرعان ما دعمت قطعات من الجيش المحتجين وانضمت إليهم. جميع الاحتجاجات التي اندلعت في تلك البلدان خطط وحشد لها إلكترونياً عبر تطبيق "ديسكورد" (Discord) المخصص للعب والدردشة، والذي يستخدمه أفراد هذا الجيل. حظرت كل من تركيا والمغرب والجزائر التطبيق، فيما يتم الحديث عن عزم كل من تونس ومصر والأردن حظره أيضاً بسبب مخاوف من إندلاع احتجاجات مشابهة."

 

 

وذكر موسى " جيل Z في مدغشقر ينجح في الاطاحة برئيس البلاد أندري رجولينا الذي فر من البلاد. لكن انقلب الجيش فجأة على الثورة وأعلن في بيان رقم 1 توليه السلطة وإعلان مرحلة انتقالية أقصى مدتها عامين."

 

 

وأضاف ين يمين " رئيس مدغشقر هرب بعد احتجاجات ... وكالعاده العامل المشترك ابدية السلطه والتمسك بها 16 سنه بيحكم والبلد كلها مشاكل وعايز يكمل عادي ... وفي الظل دائما المستعمر القديم حامي الانظمه التي تنهب ثروات شعوبها لصالحهم فرنسا هي اللي هربته على طياره عسكريه تابعه ليها ومعاه الجنسيه".

 

 

في الختام، يمثل ما حدث في مدغشقر نموذجاً تحذيرياً صارخاً. فهو يؤكد أن الشرعية لا تُبنى على الطرق والكباري وحدها، بل على العدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية والمشاركة السياسية. كما يثبت أن الغضب الشعبي، خاصة وقوده الشبابي، قد يبقى كامناً تحت السطح لفترة طويلة، لكنه لا يموت، بل ينتظر الشرارة المناسبة لينفجر. الرسالة التي يجب أن تصل إلى السيسي وكل نظام يشبه نظامه هي أن تجاهل صوت الشباب، والاستخفاف بالأزمات الاقتصادية، والاعتماد المطلق على القوة، هي وصفة أكيدة ليس للاستقرار، بل لانهيار مفاجئ قد لا يترك للحاكم وقتاً حتى لحزم حقائبه.

.