قال المحلل الاسرائيلى Nahum Barnea فى مقال نشر بصحيفة يديعوت أحرونوت العبرية تحت عنوان Hamas, not Israel, is running the conflict أن حركة المقاومة الاسلامية حماس أصبحت هى التى تدير المعركة فى غزة وأصبحت توجه كامل طاقتها العسكرية ضد الجنود الصهاينة فى أرض المعركة بسبب قرار الحكومة الاسرائيلية بالتوغل البرى وأن تترك جانبا أحد أهم مميزاتها الاستراتيجية المتمثلة فى منظومة القبة الدفاعية فى انجرار لرغبة حماس لايقاع الاسرائيلين فى شرك العملية البرية لاسقاط أكبر كم من الخسائر فى صفوف جيش الاحتلال.

وقال المحلل أن الحقيقة هي أن الثرثرة الاسرائيلية على شاشات التلفاز حول استراتيجيات العملية البرية هى محض أكاذيب، حيث أن الصراع لم تعد تديره إسرائيل، بل حماس.

فالتحول إلى حرب على الأرض فى غزة يلغى ميزة كبيرة لااسرائيل المتمثلة فى نظام القبة الحديدية، وعوضا عن ذلك انجرت أمام الأسلحة الفلسطينية المضادة للدبابات، و العبوات الناسفة، والمباني المفخخة/ فالآن جميع منظومات الأسلحة التى بحوزة حماس صارت تستخدم بكامل طاقاتها ضد جنود الجيش الإسرائيلي.

وقال المحلل أن التعاطف الرسمى للحكومات الغربية والعربية لدعم عدوان اسرائيل غزة يعتبر مؤقت ومحدود. فالولايات المتحدة تدعم العملية الاسرائيلية طالما أنها تقتصر على المنطقة القريبة من الحدود، ومواجهة قاذفات الصواريخ والأنفاق. لكنها ستعارض عملية الاقتحام الى قلب غزة.

فالقوات المشغولة أساسا فى الكشف الأنفاق ستكون عالقة في غضون يومين أو ثلاثة ، فى كمائن القسام.

اذا فالحكومة الاسرائيلية تواجه معضلة قاسية: هل يجب تحريك القوات إلى الأمام، في عمق غزة، بما يترتب عليه خطر فقدان العديد من الجنود والقتل الجماعي للمدنيين الفلسطينيين، أو الانسحاب الذى ينبنى عليه إعطاء حماس الفرصة لاعلان الانتصار؟

برزت معضلة مماثلة خلال عملية الرصاص المصبوب، في الفترة بين ديسمبر 2008 ويناير 2009 م. فبعد 12 أو 13 يوما، وصلت إلى استنتاج مفاده أن الجيش الإسرائيلي بدخول غزة قد استنفدت نفسها. واستغرق الأمر 10 يوما أخرى من الحجج والتلكؤ قبل اعلان إسرائيل قرارا بوقف إطلاق النار من جانب واحد.

منذ بداية العملية، كانت إسرائيل تبحث عن الوسيط للتوصل الى وقف اطلاق النار. كان المصريون وسيطا مريحا لإسرائيل – مريحا جدا too convenient حسب قول المحلل.

عرض الأمريكاناللمساعدة، مما يشير إلى أن القطريين، وربما الأتراك، يمكن أن يضافوا إلى جهود الوساطة. مصر وإسرائيل رفضت، لأنها لا تقبل تركيا وقطر. وأظهرت أبوظبي مصلحة أيضا فى التوسط، ولكن هذا الاقتراح تم رفضه من قبل قطر.

وهكذا ظهر اسم عباس مرة أخرى. فهو الشخص الوحيد الذي يعتبره جميع اللاعبين خارج إسرائيل على استعداد للاستماع إليه، بما في ذلك قيادة حماس الخارجية. ويبدو أن الحكومة الإسرائيلية بدأت أيضا أن عباس ليس هو المشكلة، بل الحل. حتى أن نتنياهو ذكره كشريك في أحد تصريحاته خلال عطلة نهاية الأسبوع.

المفارقة هي أن حكومة الوحدة الوطنية الفلسطينية، التي عارضتها حكومة نتنياهو بكل ما أوتيت من قوة، صارت الآن الأساس لتوجيه عباس في حل مشكلة غزة ومبررا لدعم إسرائيل للتعاون معه. تلك الحكومة التى كان ينظر إليها على أنها غير ملائمة صارت اليوم المشروعة.

عباس سوف يقدم تفاهمات حول تحسين حياة سكان غزة في نهاية العملية، ولن يقدم فوائد او يلبى شروط حماس، وبذلك سوف تكون حماس فى مأزق بين تلبية آمال شعب غزة لتحسين أوضاعهم المعيشية بجانب استسلام المقاومة.

الحكومة الاسرائيلية لديها العديد من المحللين الاستراتيجين، لكنها ليس لديها استراتيجية للخروج من هذا المأزق. وقد أثيرت هذه القضية في مناقشات مجلس الوزراء، ولكن كما سبق أن قلت، فإن إسرائيل لا تقود هذه القضية، بل حماس.

المصدر: يديعوت أحرونوت

ترجمة وتحرير: المرصد العربى للحقوق والحريات