استحوذ أبناء الشهداء والمعتقلين على قائمة الأوائل في الثانوية العامة بالأراضي الفلسطينية، وذلك على الرغم من الأوضاع الصعبة التي تعيشها عائلاتهم، فيما التقت "عربي21" بعض هؤلاء الأوائل الذين حصدوا أعلى الدرجات ليؤكدوا بأن إرادة الحياة لا تزال أقوى من رصاص الاحتلال.

مواصلة مسيرة العلم


واستقبلت ندى عوض الله (18 عاما)، وهي ابنة الشهيد عادل عوض الله، الذي اغتالته قوات الاحتلال الإسرائيلي عام 1998، خبر تفوقها وحصولها على معدل 99 بالمئة، في الثانوية العامة (التوجيهي) فرع العلوم الإنسانية، بفرحة كبيرة، مرجعة الفضل لله ومن ثم لعائلتها التي ساعدتها ودعمتها ووقفت بجانبها كي تتمكن من حصد هذا التفوق.

وأكدت ندى التي تربعت على قمة المتفوقين في محافظتي البيرة ورام الله بالضفة الغربية المحتلة لـ"عربي21" أن فرحتها بالنجاح "منقوصة بسبب الاحتلال الذي قتل والدي"، مؤكدة حرصها على أن تكمل "طريق التحرير الذي سلكه والدي، وضحى بنفسه وماله من أجله، عبر مواصلة مسيرة العلم والنجاح".

وأضافت: "برغم كل ما يمارسه الاحتلال من انتهاكات يومية وقتل وتدمير واعتقالات؛ سنبقى متمسكين بأرضنا ومقدساتنا التي سنحررها بالعلم والبندقية"، وقالت في رسالتها للاحتلال: "نحن أقوياء ولن نسمح بسرقة فرحتنا؛ فالموت بكرامة ولا عيشة الذل؛ وهذا مبدأ كل فلسطيني"، كما قالت.
 


الفرح مع الحزن


وتعتقد ندى، أن والدها الشهيد "فخور بها"، لافتة الى أن وصية والدها لوالدتها؛ والتي "أخدتها على محمل الجد؛ هي الحرص على العلم والتفوق الدراسي".

وأوضحت الطالبة التي فقدت والدها وهي جنين في بطن أمها، أن والدتها "أم الفدا"، كانت لها الأم والأب، مشيدة بدعم أهلها وصديقاتها لها؛ مما كان عظيم الأثر في تفوقها.

ولقي تفوق ابنة الشهيد عوض الله، ترحيبا كبيرا وسط نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي، وكتب "اسماعيل المسحال" على صفحته على "فيسبوك": "الطالبة ندى عوض الله ابنة القائد القسامي تحقق إنجازا مبدعا موازيا لإبداع والدها في المقاومة والبطولة"، مضيفا: "ذرية متفوقة بعضها من بعض، هنيئا لشعبنا الفلسطيني وأمتنا بتفوق أبناء قادة المقاومة"، كما قال.

من جانبها، أوضحت الطالبة مرح جميل زيادة، من سكان مدينة البريج، والتي حصلت على معدل 97.6 بالمئة، فرع العلوم الإنسانية، أنها استقبلت خبر تفوقها بمشاعر "امتزج فيها الفرح مع الحزن"، مؤكدة أن استشهاد "أركان أسرتها"، مثل لها "دافعا قويا للنجاح والتفوق، وهو ما يحقق رضى والدي الشهداء"، بحسب قولها.



واستهدفت الطائرات الحربية الإسرائيلية خلال العدوان الأخير على قطاع غزة عام 2014، منزل عائلة زيادة في مخيم ?‏البريج وسط قطاع غزة؛ ما أدى الى استشهاد والد الطالبة ووالدتها وشقيقها وعمها.

قادرون على النجاح


وشددت زيادة في حديثها لـ"عربي21" على أن تفوقها هو "رسالة خلود لذكرى الشهداء الذين ارتقوا على يد قوات الاحتلال"، لافتة أن "العدوان والفقدان والحصار؛ ليست مبررا لتقف حياة الإنسان، بل يجب أن تستمر بشكل أكبر نحو تحقيق الهدف".

وفي رسالتها لشهداء عائلتها قالت مرح: "لقد حافظت على رغبتكم التي لم تغب عني للحظة واحدة، أمي وأبي وجودكم  معي في كل امتحان؛ كان هو الحافز لتفوقي"، مبينة أن "أصعب المواقف"، التي مرت عليها خلال دراستها في الثانوية العامة، عندما كان يتحدث بعض المعلمين عن "بر الوالدين؛ وهم لا يعلمون أن أبي وأمي شهداء".

أما الطالب عاهد محمد مدوخ من سكان مدينة غزة، والذي استشهد والده عام 2001؛ على يد قوات الاحتلال في بداية انتفاضة الأقصى، أكد أن اللحظات التي سبقت إعلان النتيجة كانت "صعبة للغاية"؛ عليه وعلى إخوانه ووالدته التي وقفت بجانبه وساعدته بشكل كبير، في ظل الظروف الصعبة التي يمر بها قطاع غزة والانقطاع المستمر للكهرباء.

وأعرب مدوخ، الحاصل على معدل 82 بالمئة، لـ"عربي21" عن حزنه الشديد لعدم مشاركة والده الشهيد له فرحة نجاحه، مؤكدا أن سيجتهد بشكل أكبر خلال المرحلة القادمة.

وتمنى الطالب، أن "يحصد أبناء الشهداء أعلى الدرجات العلمية؛ ليؤكدا للجميع أنه برغم الألم الكبير بفقدان الأب، إلا أنهم قادرون على النجاح والتفوق في مختلف مناحي الحياة".

وكان وزير التربية والتعليم العالي صبري صيدم أعلن أن نسبة الناجحين في الثانوية العامة بلغت 64.66 بالمئة، بواقع 50284 طالب وطالبة.