12/02/2010

نافذة مصر / كتب - محمد حمدي:

قالت هيومن رايتس ووتش أمس الخميس إن الاحتجاز التعسفي من قبل قوات الأمن المصرية لـ 16 شخصية بارزة في جماعة الإخوان المسلمين في الثامن من فبراير 2010 هو نذير سوء لعام الانتخابات. والاعتقالات التي شملت نائب المرشد، تُضاف إلى 41 اعتقالاً آخر على الأقل منذ بداية العام.

وقالت سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "الاعتقالات والاحتجاز لكبار أعضاء أقوى جهة معارضة في مصر هي ضربة موجهة للآمال في انتخابات حرة بحق".

وعددت هيومن رايتس وتش حملات الاعتقال التي طالت أعضاء بالجماعة منذ بداية العام فقالت: في فجر 8 فبراير الجاري ذهبت قوات الأمن إلى منازل د/ محمود عزت، نائب المرشد، ود/ عصام العريان ود/ عبد الرحمن البر، أعضاء (مكتب الإرشاد) أكبر هيئة تنفيذية للجماعة، وقامت باعتقالهم، واعتقلت قوات الأمن 13 عضواً بارزاً آخرين على الأقل من الإخوان المسلمين في اليوم نفسه، بالإسكندرية وأسيوط ومدن أخرى، وسبقتها اعتقالات أخرى في 28 يناير و2 فبراير و7 فبراير.

وفي 9 فبراير، وجهت نيابة أمن الدولة الاتهام لنائب المرشد و15 عضواً بارزاً آخرين من الجماعة بالانتماء بالعضوية لتنظيم محظور بهدف منع مؤسسات الدولة من أداء واجباتها والمس بالسلم الاجتماعي، وقيادة فصيل داخل الجماعة يدعو للعنف ضد الحكومة - بحسب إدعاء أجهزة الأمن المصرية - وتم الأمر باحتجازهم 15 يوماً.

وما زال 25 عضواً على الأقل من الإخوان المسلمين محتجزين دون نسب اتهامات إليهم، وهو ما يتكرر حدوثه مع مثل هذه الاعتقالات، الأمر الذي يمثل احتجازاً متعسفاً غير قانوني حسب القانون الدولي.

وقالت هيومن رايتس ووتش إن على السلطات المصرية أن تنسب الاتهام إلى جميع المقبوض عليهم أو تفرج عنهم فوراً. وأي شخص يُنسب إليه أي اتهام يجب أن تُعرض عليه الأدلة القائمة بحقه للسماح له بالطعن في قانونية احتجازه بموجب القانون.

ومن المقرر أن تعقد مصر انتخابات لمجلسي الشعب والشورى هذا العام. ومن المقرر النظر في أمر تجديد العمل بقانون الطوارئ في مايو المقبل.

وأضافت هيومن رايتس أن مصر تخضع لحالة الطوارئ بشكل شبه دائم منذ عام 1967، ودون مقاطعة على الإطلاق منذ تولي الرئيس حسني مبارك الحُكم في أكتوبر 1981 بعد اغتيال الرئيس السابق أنور السادات. ويتكرر تجديد قانون الطوارئ منذ ذلك التاريخ. ويمنح القانون المذكور الجناح التنفيذي من السلطة - عملاً وزارة الداخلية - سلطات موسعة تؤدي لتجميد الحقوق الأساسية من قبيل حظر المظاهرات والرقابة على الصحف ومراقبة الاتصالات الشخصية واحتجاز الأفراد بلا أجل مسمى دون نسب اتهامات إليهم.

وقالت إن الحكومة المصرية تحظر جماعة الإخوان المسلمين منذ عام 1954 - بقرار غير مكتوب - لكن أعضاء الجماعة بتقدمهم للانتخابات كمرشحين مستقلين، تمكنوا من ربح 20 في المائة من مقاعد البرلمان في مجلس الشعب بانتخابات عام 2005.

وعلى مدار السنوات العشر الماضية وثقت هيومن رايتس ووتش حالات سابقة قامت فيها قوات الأمن باحتجاز المئات من أعضاء الإخوان المسلمين دون نسب اتهامات إليهم، في الفترات السابقة على الانتخابات، مثل انتخابات المجالس المحلية في أبريل 2008.

ودعت هيومن رايتس ووتش الحكومة إلى رفع الحظر على الإخوان، وإلى وقف اعتقال الأشخاص لمجرد الزعم بالانتماء بالعضوية بعد نبذ الإخوان للعنف منذ أكثر من 30 عاماً.
ولم يسبق إطلاقاً أن بررت الحكومة المصرية بشكل مقنع استمرار الحظر المفروض على الإخوان، على حد قول هيومن رايتس ووتش.

وتلجأ قوات الأمن المصرية إلى اعتقال أعضاء الإخوان المسلمين بشكل ممنهج دون أوامر قضائية أو اتهامات رسمية، وتحتجزهم تعسفاً بموجب أوامر قانون الطوارئ. وإذا نُسب إليهم الاتهام في نهاية المطاف، فإن قانون الطوارئ رقم 162 يسمح للسلطة التنفيذية بإحالة القضايا المتورط فيها مدنيون إلى القضاء العسكري أو محاكم أمن الدولة، التي يحدد أعضاءها الرئيس ولا يحق للمتهم فيها الطعن في حُكم إدانته، في خرق للمعايير الدولية للمحاكمة العادلة.

وفي فبراير 2006، بعد أيام من إسقاط محكمة مدنية لجميع الاتهامات بحق خيرت الشاطر، نائب المرشد العام للإخوان المسلمين، و15 عضواً بارزاً آخرين من الجماعة، تصرف الرئيس مبارك بصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة فأحال قضاياهم وقضايا 24 شخصاً آخرين إلى محكمة عسكرية. وفي 15 أبريل 2008 حكمت المحكمة العسكرية على الشاطر و24 مدنياً آخرين بأحكام بالسجن أقصاها 10 أعوام.

ومصر دولة طرف في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وصدقت عليه في 1982. والعهد يضمن حق الفرد في الحرية والأمن، وورد فيه أن: "لا يجوز توقيف أحد أو اعتقاله تعسفا. ولا يجوز حرمان أحد من حريته إلا لأسباب ينص عليها القانون وطبقا للإجراء المقرر فيه". و"توجب إبلاغ أي شخص يتم توقيفه بأسباب هذا التوقيف لدى وقوعه كما يتوجب إبلاغه سريعا بأية تهمة توجه إليه".

ومن المقرر أن يراجع مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان سجل مصر الحقوقي، ضمن آلية المراجعة الدورية الشاملة لجميع الدول الأعضاء بالمجلس، في 17 فبراير.

وقالت سارة ليا ويتسن: "يتعين على الحكومات المشاركة في مراجعة سجل مصر الحقوقي أن تحمل حكومة مبارك مسؤوليتها عن الاحتجاز التعسفي لآلاف السجناء تحت طائل قانون الطوارئ".