كشف نظام عبدالفتاح السيسي عن نواياه تجاه التظاهرات المقررة في ذكرى تحرير سيناء في 25 أبريل الحالي، والرافضة للتنازل عن جزيرتي تيران وصنافير للسعودية بعد ترسيم الحدود البحرية بين البلدين، عبر إطلاق حملة اعتقالات ممنهجة في عدة محافظات، استهدفت عدداً من المقاهي وخصوصاً في منطقة وسط البلد بمحافظة القاهرة، فضلاً عن حملات أخرى للاعتقالات من المنازل.


وليست المرة الأولى التي تُنفذ فيها أجهزة الأمن حملات اعتقالات ممنهجة وعشوائية، فقد سبقت ذلك حملة قبل التظاهرات التي شهدتها مصر في ذكرى ثورة 25 يناير الأخيرة، مع عودة ظاهرة "زوار الفجر"، بمداهمة الأمن لمنازل المطلوبين من النشطاء أو السياسيين الفاعلين في أي حراك ضد النظام المصري.

وشنت قوات أمن الانقلاب حملات لاعتقال العشرات من مؤيدي الرئيس مرسي ومعارضي الانقلاب العسكري في عدة محافظات، كما طالت حملات الاعتقال في القاهرة، عشرات الشباب في المقاهي، وتحديداً في منطقة وسط البلد، كما نفذت قوات الأمن حملات اعتقالات فجراً، استهدفت منازل عدد من النشطاء والصحافيين، أبرزهم القيادي في حركة "الاشتراكيين الثوريين" هيثم محمدين، الذي تم اعتقاله.


ويعتبر مراقبون أن حملات الاعتقالات في المحافظات، خصوصاً في القاهرة الكبرى، لن تزيد الراغبين في التظاهر يوم 25 الحالي إلا إصراراً وعزماً على المشاركة بقوة. ويرى هؤلاء أن الحملات الأمنية باتت طريقة فاشلة في التصدي لأي حراك، وإن كانت مؤثرة لاستهداف واعتقال نشطاء بارزين في الحراك ضد النظام الانقلابي، ولكنها لن تقضي على أي مظاهر غاضبة ضد النظام.


ويشير بعض المراقبين إلى أن حملات الاعتقالات في الأساس تتم بشكل عشوائي في المقاهي ويُلقى القبض على شباب ليس لهم علاقة لا بتظاهرات ولا حركات ثورية واحتجاجية، ما يزيد رقعة الغضب والرفض للنظام الحالي. ويُجمع المراقبون على أن نظام عبدالفتاح السيسي ينتهج السياسات نفسها للأنظمة السابقة، معتبرين أن حملة الاعتقالات تشير إلى قلق وفزع لدى السيسي وأركان نظامه، ليس من التظاهرات بشكل مطلق ولكن الأشد خطراً عليه هو اتحاد قطاع كبير من الفرقاء السياسيين على هدف واحد وهو رفض التنازل عن تيران وصنافير، باعتبارها قضية وطنية وليست سياسية.


وتقول مصادر في برلمان الانقلاب مقرّبة من دوائر اتخاذ القرار، إن أكثر ما يقلق السيسي هو اتحاد عدد من الفرقاء السياسيين واستعادة بعض الحركات الشبابية نشاطها على هدف واحد، وهو أمر لم يحدث تقريباً منذ 30الانقلاب على محمد مرسي من الحكم في 3 يوليو 2013.


وتضيف المصاد، أن السيسي قلق من ترجمة هذا الاتحاد إلى فعاليات ضد سياسات نظامه خلال الفترة المقبلة، خصوصاً أن أزمة تيران وصنافير أوجدت فرصة للشعب للنزول إلى الشارع. وتشير إلى أن جزءاً من الشعب يرفض بشكل كبير حصول تظاهرات تطالب بإسقاط النظام الحالي برئاسة السيسي، ليس إلا خوفاً من سوء الأوضاع الاقتصادية والمعيشية ونشوب اضطرابات تؤثر عليهم مجدداً.


وتلفت المصادر إلى أن هذه المرة لا يمكن لأحد أن يشكك في المتظاهرين الرافضين للتنازل عن تيران وصنافير باعتبارها قضية وطنية، خصوصاً مع تأكيدات السيسي نفسه للأمر، مشددة على أن السيسي يخشى من تفاقم الأوضاع ضده وتحوّل التظاهرات بشكل أساسي لرفض استمراره في الحكم، مع تصاعد دعوات إسقاط النظام، وتجاوزات أفراد الشرطة، فضلاً عن تردي الأوضاع الاقتصادية والمعيشية. وتشير إلى أن حاجز الخوف كُسر خلال تظاهرات يوم الجمعة 15 الجاري، إذ ترك الأمن المتظاهرين أمام نقابة الصحافيين متظاهرين من دون محاولة فضّ تجمّعهم إلا في المساء.


في المقابل، لجأ السيسي ودائرته الأمنية إلى حشد بعض الأحزاب المؤيدة له، في سباق ما يعرف بـ"الحشد والحشد المضاد" الذي ظهر مع ثورة 25 يناير 2011. وقرر حزب "مستقبل وطن"، أحد أكثر الأحزاب قرباً من النظام الانقلابي، تنظيم فعالية احتفالية بذكرى تحرير سيناء في ميدان عابدين، وسط محاولات للحشد لدعم السيسي ضد التظاهرات التي من المقرر أن تتجه إلى ميدان التحرير أو على الأقل التواجد في منطقة مجاورة له مثل نقابة الصحافيين.