29/01/2010
المبحث الثاني : فلسطين ... ثوابت وواجبات
بقلم : أ/ فرج أبوطير
من أخطر ما يقوم به أعداء الأمة المحاولات المستمرة لتغييب الوعي والفهم الصحيح لقضية فلسطين حتى تموت أو تشوش في ذاكرة الأمة فلا يهتم بها أحد , كما أنهم يحاولون قلب الحقائق وخداع الجماهير بألفاظ براقة مطاطة عبر وسائل الإعلام المختلفة فيسمون الجهاد والدفاع عن النفس والعرض والمقدسات إرهاباً والالتزام بالدين والحل الإسلامي تطرفاً.
ولذلك يجب علي المسلمين الوعي الكامل بثوابت هذا الدين ومنها ثوابت قضية فلسطين وواجب المسلمين نحوها ولا نكتفي بذلك بل علينا بتوريثها لأولادنا حتى يأتي الموعد المحتوم لتحرير فلسطين والمسجد الأقصى وهذا وعد الله الذي لا يخلف .
وهي ثوابت نؤمن بها ونتربى عليها ونجاهد لتحقيقها مهما كانت التضحيات ولا يخدعنا أحد بغيرها ولا نقبل المساومة عليها مهما كان الثمن . وذلك لأنها ثوابت شرعية من كتاب الله وسنة رسول الله .
أولاً.- الثوابت
فلسطين أرض إسلامية وستبقى إسلامية وسيحررها المسلمون و هي عقيدة في قلب كل مسلم : وقد كتبها الله للمسلمين المؤمنين الموحدين , وبهذا يقول الإمام القرطبي في قوله تعالي ( التي كتب الله لكم ) أي فرض دخولها عليكم ووعدكم دخولها وسكناها لكم . فهي وقف إسلامي لا يجوز التنازل عن شبر منها وليس لشخص أو جهة أن تقر اليهود على أرض فلسطين أو تتنازل لهم عن أي جزء منها أو تعترف لهم بأي حق فيها . وإن هذا الاعتراف خيانة لله والرسول والأمة , والله تعالي يقول ( ياأيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون ) الأنفال ( 27 ) . وأي خيانة أكبر من بيع مقدسات المسلمين والتنازل عن بلاد المسلمين إلى أعداء الله ورسوله والمؤمنين .
- من الواجب علي المسلمين العمل علي تحرير فلسطين فهي أمانة في عنق كل مسلم : ونحن نعمل من أجل تحريرها ليس لمجرد أنها عربية أو أن بها المسجد الأقصى المبارك برغم ما للعروبة وللمسجد الأقصى من مكانة في الإسلام ولكن لكونها في الأصل بلاد إسلامية فتحها المسلمون وحكموها بالإسلام ويعيش عليها مسلمون هم إخوة لنا في العقيدة ولأن أمتنا هي أمة النبي الخاتم والذي صلي بالأنبياء إماماً في ليلة الإسراء والمعراج بأمرٍ من الله تعالي إعلاناً عاماً بأن الإمامة قد آلت للرسول – صلي الله عليه وسلم – وأمته من بعده ، ثم أضف إلى هذا الأصل مكانة بلاد الشام وفلسطين والمسجد الأقصى المبارك وكلها تستحق الجهاد والتضحية لإنقاذها وعودتها لأمة الإسلام والحكم الإسلامي .
- الجهاد هو الطريق الوحيد لتحرير فلسطين والمسجد الأقصى : ولتحرير الأسري والحفاظ علي ثرواتنا وأعراضنا وأمن بلادنا . والأمة المسلمة هي أمة مجاهدة ويجب أن تكون كذلك إلي يوم القيامة ( وجاهدوا في الله حق جهاده هو اجتباكم) الحج (78) .
و الجهاد بالنفس والمال بيعة مع الله تعالي يجب الوفاء بها ( إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة ) التوبة (111)
والجهاد هو المحك الحقيقي الذي يتميز من خلاله الخبيث من الطيب داخل الأمة الإسلامية . يقول تعالي : ( ليميز الله الخبيث من الطيب ) الأنفال ( 37 ) وللجهاد في الإسلام صور متعددة فمنها الجهاد التبليغي والتعليمي والسياسي والمالي والإعلامي وكل جهد يبذل لنصرة الإسلام والمسلمين وأعلاه القتال في سبيل الله . وأما ما يسمونه بالحلول السلمية ومقترحات الشرعية الدولية التي يزعمونها فهي في حقيقتها كذب ووهم واستسلام . والجميع يعلم أن اغتصاب فلسطين لم يكن إلا مؤامرة أوربية أمريكية صهيونية .
- ولا يجوز الصلح أو التطبيع مع العدو الصهيوني : لا يجوز شرعاً لما فيه من إقرار الغاصب على الاستمرار في غصبه والاعتراف بأحقية يده علي ما اغتصبه , وتمكين المعتدي من البقاء على عدوانه وقد أجمعت الشرائع السماوية والقوانين الوضعية على حرمة الغصب ووجوب رد المغصوب إلى أهله وحثت صاحب الحق على الدفاع والمطالبة بحقه ففي الحديث الشريف : ( من قتل دون ماله فهو شهيد , ومن قتل دون عرضه فهو شهيد ) رواه البخاري وقال تعالي : ( يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء) الممتحنة (1 )
- اليقين بأن النصر للمسلمين قدر محتوم وأنه بيد الله وحده سبحانه : ( وما النصر إلا من عند الله العزيز الحكيم ) آل عمران ( 26 ) . وما علي المؤمنين إلا أن يأخذوا بالأسباب ليتحقق نصر الله عز وجل ومنها الإيمان بالله والتوكل علي الله وطاعته فيما أمر ونهى وإعداد العدة بكل أنواعها . السياسية , الإعلامية , الاقتصادية ، العسكرية , .... ) قال تعالي : ( وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ) الأنفال (60)
- الأمل والبشرى أولى معالم طريق النصر : لابد أن نستبشر بنصر الله قريبا وزوال الكيان الصهيوني . والحمد لله نري يوما بعد يوم انتصارات للمقاومة الإسلامية . فلا نيأس أبدا من النصر . وليحذر المسلمون من الهزيمة النفسية التي يحاول الأعداء زرعها في النفوس ، والله تعالي يقول : ( إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد ) غافر ( 51 )
ثانياً : واجبنا تجاه فلسطين
1- جهاد النفس : فتحرير النفوس هو الطريق لتحرير فلسطين والمسجد الأقصى الأسير وأولي درجات القوة هي قوة الإيمان وطريقها الصحيح مجاهدة النفس ، يقول الرسول - صلي الله عليه وسلم : ( المجاهد من جاهد نفسه لله عز وجل ) رواه أبو داود والترمذي ، وفي إصلاح النفوس صلاح للأمة كلها ، قال تعالي : ( .... إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ) الرعد ( 11) .
ومن أولي خطوات إصلاح النفس وجهادها أن تستيقظ الأمة لصلاة الفجر – ومن صلاة الفجر يبدأ الطريق للنصر إن شاء الله . والقارئ للسيرة النبوية والتاريخ الإسلامي يجد أن الغزوات والفتوحات الإسلامية كانت انطلاقتها تبدأ من صلاة الفجر– والتاريخ يذكر أن صلاح الدين قبل أن يحرر المسجد الأقصى كان يتفقد المسلمين في قيام الليل وعند صلاة الفجر ويقول من هنا يأتي النصر . ويقول الأديب الكبير جابر قميحة في قصيدته – أحمد ياسين :
قم عطر الفجر بالإسرا وياسينا
ورتل الفتح والأنفال والتينا
وعانق الفجر في شوقٍ وفي لهف ٍ
واكتب على الشفق الوردي ياسينا
2 - موالاة المؤمنين المجاهدين ومعاداة الكفار المحاربين : قال تعالى : (يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة وقد كفروا بما جاءكم من الحق يخرجون الرسول وإياكم أن تؤمنوا بالله ربكم إن كنتم خرجتم جهادا في سبيلي وابتغاء مرضاتي تسرون إليهم بالمودة وأنا أعلم بما أخفيتم وما أعلنتم ومن يفعله منكم فقد ضل سواء السبيل ) الممتحنة ( 1)
3- العمل بكل الوسائل المشروعة لرفع الحصار وإزالة الجدران والحواجز عن الشعب الفلسطيني : فالشرع الإسلامي قد حرم حبس هرة وتوعد بمن حبسها ومنع عنها طعامها وحرمها من السعي لجلب رزقها فكيف يحل لنا حبس وحصار بشر والأكثر من ذلك أنهم مسلمون ومرابطون علي أرض فلسطين وحول المسجد الأقصى المبارك ويحمون ظهور المسلمين من عدوهم ويرفعون راية التوحيد وكرامة الأمة .
4- الجهاد بالمال : قال تعالي : ( إن الله اشتري من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة .... ) التوبة (111) ، وقال رسول الله صلي الله عليه وسلم : ( من جهز غازيا فقد غزا ومن خلف غازيا في سبيل الله بخير فقد غزا ) رواه البخاري
5 - المقاطعة الاقتصادية : فكل من اشترى البضائع الإسرائيلية والأمريكية من المسلمين فقد ارتكب حراماً وباء بغضب من الله ؛ فالمقاطعة واجب شرعي . قال تعالي : ( إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا علي إخراجكم أن تولوهم ومن يتولهم فأولئك هم الظالمون ) الممتحنة ( 9 ) وولايتهم إنما تكون بحبهم ونصرتهم ومساعدتهم وشراء بضائعهم وكل صور التعاون معهم فمن فعل ذلك فهو ظالم ، وقال تعالى : ( .... ولا تعاونوا على الإثم والعدوان ) المائدة ( 2) .
6 - الجهاد باللسان : بتوعية الناس بالمفاهيم والثوابت الصحيحة للقضية بكل الوسائل المتاحة وفي كل مسارات الحياة مع المساندة المعنوية للمجاهدين ونشر بطولاتهم وصفحات حياتهم المضيئة لبث الأمل في النفوس ومعرفة ما يجب أن يقوم به كل مسلم ومسلمة .
7 - سلاح الدعاء : وهذا هو هدي النبي – صلي الله عليه وسلم – خاصة عند لقاء العدو كما حدث في غزوة بدر الكبرى والخندق , وكان من دعائه – صلي الله عليه وسلم - ( اللهم منزل الكتاب ومجري السحاب وهازم الأحزاب اهزمهم وانصرنا عليهم , اللهم اهزمهم وزلزلهم ) آمين .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ