أبدى الكاتب الصحفي عبدالحكيم حيدر إعجابه الشديد بثبات قادة الإخوان وأعضاء الجماعة في سجون الانقلاب أمام طغيان الحكم العسكري؛ مؤكدا أن الإخوان "يموتون" في السجون في رجولة أثارت حتى ثناء من الخصوم؛ وكأنهم خلقوا لتحمل مصائبهم وحدهم. في المقابل هاجم حيدر المعارضة العلمانية مؤكدا أنهم تسببوا في تدمير ثورة يناير ونسف المسار الديمقراطي الذي كانوا يتمتعون خلاله بحرية واسعة.
وفي مقاله المنشور الخميس 5 نوفمبر بصحيفة "العربي الجديد" تحت عنوان "المعارضة المصرية وخروف ممدوح حمزة"، يعيد الكاتب المعروف بميوله القومية العروبية إلى الأذهان ما كان يتمتع به الجميع من حرية واسعة وأمان غير مسبوق رغم أنهم كانوا يتطاولون على الرئيس. يقول حيدر: "لا أعرف لماذا تذكّرت خروف (الناشط)، ممدوح حمزة، بعد الحكم عليه بستة شهور سجنا. هل لأنه كان الأقل كراهية للإخوان المسلمين، وأكثرهم خفة في الدم خلال سنة حكمهم؟ وذلك حينما دخل الأستديو على الممثل، هاني رمزي، وفي يده ذلك الخروف الأملح (نكاية في الإخوان بالطبع وسخرية من حكمهم في عز سطوتهم). وبالطبع، خرج الممثل هاني رمزي بعد ذلك من الاستديو، من دون أن تعترض طريقه نملة، وخرج المهندس ممدوح حمزة كذلك، وعلى الجهة المقابلة الأراجوز (باسم يوسف)، حيث الضحك للركب وإلى ما فوقها، من دون أيضا أن يناله أي أذى خلال سنة كاملة".
أين المعارضة؟
ويتساءل الكاتب في دهشة "من ذلك الذي قاد طبيبا حصل على الدكتوراه في الطب (في إشارة إلى باسم يوسف)، ثم هجره إلى تسبيل الرموش والمؤخرة وترقيصهما على رئيس منتخب من الشعب؟ وما الذي جعل ممثلا، كهاني رمزي، له جمهوره وأفلامه، يتفرّغ سنة لإسكتشات هزلية، مرة بخروف ومرة بأنبوبة بوتاغاز؟ وما الذي جعل من معماري ومهندس إنشاءات عالمي، وعالم في الطبقات وهندستها البنائية، (ممدوح حمزة) يترك ذلك كله، ويتفرّغ لشراء خروف من السوق، ثم يتوجه به إلى الأستديو مربوطا بحبل؟
وراح حيدر يتساءل عن المعارضة التي قلبت الدنيا في عهد الرئيس مرسي "أين ذهبت الآن المعارضة؟ أين حزب الوفد (مكان اجتماع المعارضة ضد الإخوان ليل نهار خلال سنة)، بعدما تم تقسيمه ما بين "أبو شقة" وخصومه، أو بالأصح، بيعه، أخيرا، للحكومة، ثم تعيين أبو شقة (هدية على تخريبه بيت الأمة) عضوا في البرلمان والشيوخ معا؟. وأين حسين عبد الغني، المتحدّث الرسمي والإعلامي عن المعارضة (بالعربي)؟ لا أحد يعرف. وأين المتحدث عن المعارضة بالنسخة الإنجليزي، خالد داود؟ في السجن. وأين كمال أبو عيطة (بعد ستة شهور وزارة ومطعم كباب وكفتة لأولاده؟)؟ ذهب مباشرة إلى أميركا، رافعا علما ومرتديا برنيطة بجوار يسرا وياسمين الخيام لاستقبال عبد الفتاح السيسي، تاركا صديقه، كمال خليل، للسجن مرات. وأين شباب الناصريين، مثل زياد العليمي وغيره؟ في السجون. أما حمدين صباحي فما زال مع السمك وفنجان القهوة.
الإخوان والمعارضة العلمانية
ويرى الكاتب أن وضع المعارضة العلمانية قياسيا بثبات الإخوان في السجون يصيبه بالحزن والأسى وأحيانا الاندهاش؛ متسائلا: "هل كنا في مصر نعيش كذبة اسمها معارضة، وقفت باقتدار كثورة مضادّة ضد الثورة، فأنهت الثورة تماما، وأعادوا البلد ثانية إلى حجر من قامت ضدهم الثورة؟ مؤكدا أن ما قامت به المعارضة العلمانية وساخة؛ فقد نال رئيس حزب التجمع مقعدا (بقرار سيساوي) في البرلمان. وبعدما انتهى البرلمان نال مقعدا ثانيا، وبقرار جمهوري أيضا، في مجلس الشيوخ (كتوزيع حلاوة المولد على المساكين والأيتام تتم المسألة)، فيصمت اليسار (بعد التعيين المبارك)، ويعود الهدوء إلى حزب الوفد بعد التخريب، وتتكفل مستشفيات القوات المسلحة بعلاج كبار السن من الموتى (الوطنيين جدا) وتكفينهم، إثر السكتات وتأثير الدخان والبلغم، مع لفهم بعلم مصر! في إشارة إلى وفاة قادة هذه الأحزاب الذين مالئوا الانقلاب على الثورة والديمقراطية.
وانتهى الكاتب إلى التأكيد على أن الأيام دارت دورتها؛ فيدخل الممثل هاني رمزي سوق السينما بفيلمه "قسطي بيوجعني" في 2018، فلا يحصل فيلمه إلا على 34 ألف جنيه، ويُرفع من السينمات لتحل محله أفلام قديمة أنتجت وعرضت من سنوات. ولا شفع له إسكتش ولا برنامج ولا خروف ولا أنبوبة بوتاغاز ولا حتى كلب. ويحصل أخيرا المهندس ممدوح حمزة، قبل أيام، على حكم قضائي بالسجن ستة شهور. ويرحل الأراجوز (باسم يوسف) إلى أميركا هذه المرّة، لا ليدخل غرفة العمليات، أو يعود إلى الطب الذي هرب منه، ولكن لكي يتكلم في حبة البركة وزيت الزيتون، وذيل العجل البتلو حينما يتم شواؤه على الفحم في الخلاء بعد التتبيلة، وللناس في نهايتها حكم، أو لعلّه عقاب. بحسب الكاتب.

