"قد طلبت الشهادة، وهذا طريقنا الذي تربينا عليه، فهي ليست شعارات وأناشيد.".. كلمات سيظل التاريخ يسجلها للشهيد المهندس ياسر الأباصيري صاحب الـ 49 عاما والذي ارتقى إلى ربه شهيدًا أمس السبت بعد تنفيذ حكم الإعدام بحق، يشكو ظلم نظام لم يعرف سوى القتل ولغة الدم في التعامل مع معارضيه الرافضين لطغيانه.

والشهيد "اعتقل 5مارس 2014، أثناء عودته من عمله، وتم إخفاؤه قسريا مدة 11 يوما مغمى العينين تعرض خلالها لأشد أنواع التعذيب من صعق بالكهرباء، والتعليق من الأرجل وخلع الملابس وجميع أنواع الضرب والشتم والإهانات.

وقالت زوجته إن "وقت الإخفاء القسري تم تسجيل اعترافات غير حقيقة تحت التعذيب بثتها وزارة الداخلية عبر صفحتها وتسلمتها النيابة في الوقت الذي لم يسمح فيه بحضور محاميه، واتهموه بالتجمهر عقب أحداث فض اعتصام رابعة العدوية، والقتل العمد وتخويف وترويع المواطنين والشروع بقتل وحيازة مولوتوف، بالقضية المعروفة إعلاميا بـ "مكتبة الإسكندرية"

رسالة من الشهيد

والعام الماضي أرسل المهندس ياسر الأباصيري رسالة موجهة إلى محاميه قال فيها: "السادة المحامين الأفاضل.. جزاكم الله خيرا على مجهودكم معانا، وأرجو ألا ترسلوا طلب التماس أو تليغرافات لوقف تنفيذ الحكم الصادر بحقي (إعدام)، لا أريدها من منقلب.. الطلب من الله سبحانه وتعالى..

قد طلبت الشهادة، وهذا طريقنا الذي تربينا عليه، فهي ليست شعارات وأناشيد.. دعواتكم لي بالثبات".

انتهاكات

وكان المعتقل الشهيد كشف عن جانب من التفاصيل والأحداث التي مر بها داخل زنزانته، ومشيرا إلى الظروف "القاسية" التي يتعرض لها المعتقلون السياسيون داخل سجن برج الغرب بالغربانيات في محافظة الإسكندرية.

وقال "الأباصيري": "أنا مُعتقل سياسي صدر ضدي حكم نهائي بالإعدام، بتهمة التظاهر، والانضمام لجماعة. وأنا محبوس في زنزانة تبلغ مساحتها نحو مترين في مترين، ومعي فردان بداخلها، وكل شخص معه نحو أربعة بطاطين نقوم بفرشها على الأرض، وكل شخص ينام على مساحة 65 سنتيمترا تقريبا، وأنا أنام في المنتصف، وأضع على يميني ويساري كرتونة ورقية حتى نتفادى الأمراض، خاصة أننا ننام جميعا ملتصقين مع ببعضنا البعض، وتكاد تكون أجسادنا متلاصقة تماما".

وتابع: "نقوم بتعليق ملابسنا في أعلى الزنزانة على شيء اسمه (سحورة)، وهي عبارة عن ثقب في حائط الزنزانة، ونضع فيه كل شيء من ملابس أو أدوات الطعام والنظافة أو الدواء، ونحاول أن نرتب متعلقاتنا فيه".

وأردف: "نحن ثلاثة أشخاص من ذوي أعمار متقاربة، وكل فرد منا لديه طبيعة خاصة وصفات بعينها، ونحاول أن نتحمل بعضنا البعض، ونهون على بعضنا البعض، ونشحذ همم بعضنا البعض، خاصة أننا نظل داخل الزنزانة لمدة 23 ساعة يوميا".

 ثبات الشهيد

وتروي زوجته "أم مصطفى" ثباته وعدم جزعه من تنفيذ حكم الإعدام قائلة ""دائما ما يخفف ألمي بقوله إنه طوال عمره يتمنى الشهادة في سبيل الله، مؤكدة أنه "دائما ما يذكرها بأن خروجه كان لله وللحفاظ على الدين والفقراء الذين سحقهم العسكر، وأنه لم يرتكب أي جرم بحق أي أحد، والاتهامات التي ألصقوها بهم باطلة ولم يعطوهم حق الدفاع عن أنفسهم وانتزعت منهم اعترافات تحت التعذيب بالكهرباء".

وأضافت أنه كان دائما يدعو للشعب الذي ضحى هو من أجل أن يعيش الناس في حرية وكرامة ومازال يؤيد الانقلاب أن "يهديهم الله ويظهر لهم الحق ويتكاتفوا من أجل إسقاط الباطل".
 وعن مشاعره نحو أولاده وأسرته التي قد تفقده بأي وقت أوضحت أنه يقول "أولادي وزوجتي وأهلي جميعا أتركهم في معية الله".