في كلمات قليلة، لكنها مشحونة بالإيمان واليقين، خطّ إبراهيم حذيفة الكحلوت، نجل «أبو عبيدة»، سطورًا تحولت سريعًا إلى شهادة حيّة على معنى الصبر والثبات، وعلى امتداد الروح بين الآباء والأبناء في زمن الدم والنار.

 

منشور إبراهيم، الذي نعَى فيه أفراد عائلته الذين ارتقوا شهداء، لم يكن مجرد رثاء عائلي، بل رسالة مفعمة بالشجاعة والرضا بقضاء الله، عبّر فيها عن أمنيته أن ينال الشهادة إلى جوار أبيه وإخوته، في صورة أعادت إلى الأذهان مقولة طالما ترددت في الوجدان العربي: هذا الشبل من ذاك الأسد.

 

وجع الفقد… وكبرياء الإيمان

 

استهل إبراهيم الكحلوت كلماته بآية قرآنية تحمل شوق المؤمنين إلى منازل الشهداء: «يَالَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزًا عَظِيمًا».

 

ثم مضى يسرد أسماء أحبّته الذين ارتقوا في مشهد واحد، أمه إسراء غسان جبر «أم إبراهيم»، ووالده الشهيد حذيفة سمير الكحلوت «أبو إبراهيم»، وأخواته ليان ومنة الله، وأخيه يمان.


https://x.com/ebrahim_hodifa/status/2005682039568187666

 

لم تكن الكلمات باردة أو تقريرية، بل خرجت من قلبٍ يفيض حزنًا وإيمانًا في آن واحد.

 

فقد كتب إبراهيم عن المسافة القصيرة التي فصلته عن الشهادة، مؤكدًا أنه كان على بعد أمتار قليلة من اللحاق بأسرته، بل وملتصقًا بأخيه يمان الذي استشهد وهو يمسك بيده.

 

ورغم ثقل الفاجعة، لم تخلُ الكلمات من تسليم مطلق بقضاء الله: «لكن كتب الله لي الحياة، لأن الله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون».

 

في هذا المزج بين الألم واليقين، تجلت صورة شاب لم تكسره الخسارة، بل زادته صلابة، فحمل وجعه بكرامة المؤمن، ووقف أمام المصيبة موقف من يرى في الشهادة اصطفاءً لا خسارة.

 

شبل من ذاك الأسد… الامتداد الطبيعي للثبات

 

لم يكن تفاعل الجمهور مع كلمات إبراهيم نابعًا فقط من حجم الفقد، بل من الروح التي حملها النص.

 

فالكثيرون قرأوا المنشور بوصفه امتدادًا طبيعيًا لمسيرة والده، ورأوا فيه انعكاسًا واضحًا لمدرسة تربوية قائمة على الإيمان والثبات وعدم التراجع.

 

إبراهيم، وهو ينعي والده وإخوته، لم يكتب بلغة المنكسر أو الغاضب، بل بلغة من يتمنى أن يكون معهم، لا هربًا من الحياة، بل طلبًا لأعلى مراتبها.

 

هذه الروح جعلت كثيرين يصفونه بـ«الشبل الذي يشبه أسده»، معتبرين أن الشجاعة ليست فقط في حمل السلاح، بل في حمل الفقد دون انهيار، وفي تحويل الحزن إلى طاقة صبر وثبات.

 

وقد تناقل ناشطون عباراته على نطاق واسع، مؤكدين أن كلمات إبراهيم تمثل نموذجًا لجيل نشأ على معاني التضحية واليقين، جيل لا يرى في الشهادة نهاية، بل ذروة الطريق، ولا يرى في النجاة امتيازًا، بل ابتلاءً ومسؤولية.

 

كلمات تتحول إلى رسالة للأمة

 

مع اتساع انتشار المنشور، تحولت كلمات إبراهيم الكحلوت إلى ما يشبه الرسالة العامة، لا سيما في توقيتها وسياقها.

 

فقد وجد فيها كثيرون تعبيرًا صادقًا عن حال عائلات كاملة تُقدّم أبناءها وأحبتها، ثم تواصل الوقوف دون انكسار.

 

التفاعل الواسع مع النص لم يقتصر على التعاطف، بل حمل إشادة واضحة بثبات إبراهيم، وبروحه التي تمنّت الشهادة بدل التعلق بالحياة.

 

ورأى متابعون أن هذا الخطاب الصادق، الخارج من قلب شاب فقد كل شيء تقريبًا، يعيد التذكير بمعنى التربية على العقيدة، وبأن الأجيال التي تُربّى على الإيمان لا تموت معنويًا مهما عظمت الخسائر.

 

وفي وقت تتزاحم فيه الأخبار والصور، بقيت كلمات إبراهيم حاضرة بقوتها وبساطتها، شاهدة على أن البطولة ليست فعلًا لحظيًا، بل موقفًا طويل النفس.

 

وبين وجع الفقد ونبل الأمنية، كتب نجل «أبو عبيدة» اسمه في قلوب كثيرين، مؤكدًا أن دماء الآباء لا تذهب سدى، وأن الأشبال حين يكبرون، يحملون راية الأسود بثبات لا يتزعزع.


https://x.com/MekameleenMk/status/2005726956327711201
https://x.com/RTidikelt/status/2005966010831253977

https://x.com/saeedziad/status/2005713046098878645