ينقل فريق تحرير العربي الجديد صورة شديدة القتامة عن الوضع الصحي في قطاع غزة، بعد أن اضطر مستشفى العودة في مخيم النصيرات وسط القطاع إلى تعليق أغلب خدماته الطبية بسبب النقص الحاد في الوقود، في مشهد يعكس عمق الأزمة الإنسانية المستمرة رغم الهدنة الهشّة.
يرصد التقرير هذه التطورات في سياق الانهيار الواسع للقطاع الصحي، معتمدة على شهادات مباشرة من مسؤولي المستشفى وسكان لجأوا إليه بحثًا عن العلاج.
مستشفى تحت الحصار: خدمات موقوفة وقدرات محدودة
يعلن مستشفى العودة، أحد أكبر المرافق الطبية في وسط غزة، تعليق معظم خدماته نتيجة العجز الحرج في الوقود اللازم لتشغيل المولدات الكهربائية. يستقبل المستشفى يوميًا قرابة ألف مريض، ويضم نحو 60 مريضًا مقيمًا، لكنه يعمل الآن بطاقة شديدة الانخفاض.
يؤكد أحمد مهنا، أحد المسؤولين عن إدارة المستشفى، أن أقسامًا محدودة فقط تواصل العمل، وتشمل الطوارئ، والولادة، وطب الأطفال. يضيف أن الإدارة اضطرت إلى استئجار مولد كهرباء صغير لضمان استمرار هذه الخدمات الأساسية، في محاولة لمنع الانهيار الكامل.
أرقام الوقود.. خطر يهدد الحياة
يستهلك المستشفى في الظروف الطبيعية ما بين ألف و1200 لتر من الديزل يوميًا، لكن الكمية المتوفرة حاليًا لا تتجاوز 800 لتر فقط. يحذّر مهنا من أن استمرار هذا النقص يهدد مباشرة قدرة المستشفى على تقديم الحد الأدنى من الرعاية الصحية، مؤكدًا أن تعليق الخدمات مؤقت ومرتبط بتوفر الوقود.
تعكس شهادة ختام عيادة، وهي نازحة تبلغ 30 عامًا لجأت إلى النصيرات، الأثر الإنساني المباشر للأزمة. تقول إنها قصدت المستشفى بعد معاناة من آلام حادة في الكلى، لكن الطاقم الطبي أبلغها بعدم توفر الكهرباء لإجراء الأشعة، واكتفى بإعطائها مسكنًا للألم ونصحها بالبحث عن مستشفى آخر. تلخص ختام واقعها بقولها إن غزة تفتقر إلى كل شيء، حتى أبسط الخدمات الطبية.
قطاع صحي منهك وأزمة إنسانية أوسع
يدعو مسؤولو مستشفى العودة المؤسسات المحلية والدولية إلى التدخل العاجل لضمان تدفق مستمر للوقود، في ظل أزمة إنسانية خانقة يعيشها القطاع منذ أكثر من عامين من الحرب. ورغم سريان وقف إطلاق النار منذ 10 أكتوبر، تؤكد الأمم المتحدة أن أعداد شاحنات المساعدات التي تدخل غزة لا تتجاوز 100 إلى 300 شاحنة يوميًا، مقارنة بـ600 شاحنة نص عليها الاتفاق.
يعتمد معظم سكان غزة، البالغ عددهم نحو 2.2 مليون نسمة، على المساعدات الدولية للبقاء. ويعد القطاع الصحي من أكثر القطاعات تضررًا، إذ تعرّضت مستشفيات ومراكز طبية عديدة للقصف خلال الحرب، بينما تدير منظمة أطباء بلا حدود حاليًا نحو ثلث أسِرّة المستشفيات في القطاع، وتدعم المنظمات الدولية جميع مراكز علاج سوء التغذية الحاد للأطفال.
في هذا السياق، يبدو تعليق خدمات مستشفى العودة حلقة جديدة في سلسلة الانهيار الصحي، حيث يتحول نقص الوقود من مسألة لوجستية إلى تهديد مباشر لحياة المرضى، ويكشف هشاشة أي حديث عن تعافٍ إنساني في قطاع ما زال يعيش على حافة الكارثة.
https://www.newarab.com/news/gaza-fuel-shortage-forces-al-awda-hospital-suspend-services

