عاش ركاب رحلة "إير كايرو" القادمة من جدة كابوساً حقيقياً استمر لأكثر من 21 ساعة، افترشوا خلالها أرضية المطار وسط غياب تام لأي دعم لوجستي أو إنساني من الشركة. المشهد، الذي وثقته عدسات المسافرين الغاضبة، لم يكن مجرد تأخير عابر، بل صرخة في وجه ما وصفوه بـ "الاستهتار الممنهج" بكرامة المواطن المصري.

 

وبينما حاولت الشركة في بيان متأخر التقليل من حجم الكارثة، بدعوى أن التأخير "لم يتجاوز 5 ساعات" بسبب عطل فني، جاءت شهادات الركاب لتفضح هذا التناقض، مؤكدين أنهم تركوا لمصيرهم بلا طعام أو مياه أو حتى معلومة صادقة، في مشهد بات يتكرر بشكل شبه يومي مع الشركة.

 

21 ساعة من الإذلال: شهادات من قلب الأزمة

 

"من الساعة الثامنة وأنا واقف في المطار.. أجلوا الرحلة مرة واتنين وثلاثة دون أي اعتذار".. بهذه الكلمات لخص أحد الركاب معاناته، مشيراً إلى أن الشركة تعاملت مع المسافرين وكأنهم أرقام لا حقوق لهم. وتكرر السيناريو المعتاد: تأجيل أول، ثم تأجيل ثانٍ، ثم اختفاء لموظفي الشركة، ليجد الركاب أنفسهم محاصرين في صالات المطار بلا مأوى.

 

وتشير تجارب سابقة موثقة إلى أن هذا السلوك ليس جديداً، حيث اشتكى مسافرون سابقون من تأجيلات وصلت لـ 16 ساعة دون توفير فنادق أو وجبات، مع "كذب متعمد" في تحديد مواعيد الإقلاع الجديدة لامتصاص الغضب مؤقتاً.

 

 

أسطول متهالك وخدمة "تحت الصفر"

 

لا تتوقف شكاوى العملاء عند حدود التأخير، بل تمتد لتشمل حالة الطائرات نفسها.

 

فقد وصف العديد من المسافرين طائرات "إير كايرو" بأنها "قديمة ومتهالكة" ولا توفر الحد الأدنى من معايير السلامة والراحة، مع مساحات ضيقة للغاية للأرجل وروائح كريهة داخل الكابينة.

 

أما خدمة العملاء، فهي الغائب الأكبر، حيث يجمع المسافرون على صعوبة –إن لم يكن استحالة– التواصل مع الشركة لاسترداد الحقوق أو تقديم الشكاوى، واصفين الدعم الفني بأنه "منعدم" والردود بأنها "آلية وعديمة الجدوى".

 

تعويضات ضائعة وحقوق مهدرة

 

رغم أن القوانين الدولية ولوائح الطيران تلزم الشركات بتعويضات مالية ورعاية كاملة في حالات التأخير الطويل، إلا أن "إير كايرو" تبدو وكأنها تعمل خارج هذا السياق القانوني.

 

ويؤكد مسافرون أنهم لم يتلقوا أي تعويضات عن تأخيرات سابقة، بل إن بعضهم خسر رحلات ربط (Transit) وتذاكر قطارات بسبب تأخير الشركة، دون أن تتحمل الأخيرة مليماً واحداً.

 

ويرى مراقبون أن استمرار هذا النهج يعود لغياب الرقابة الصارمة من سلطة الطيران المدني، مما يترك المواطن فريسة لشركة تتصرف بمنطق الاحتكار وتعتبر الراكب "الطرف الأضعف" في المعادلة.