على سلالم نقابة الصحفيين بوسط القاهرة، تجمّع عشرات الصحفيين من جريدة وموقع «البوابة نيوز» ومتضامنون معهم، في وقفة احتجاجية حملت رسائل غضب واضحة، بعد مرور أكثر من ثلاثين يومًا على اعتصام مفتوح داخل مقر المؤسسة، احتجاجًا على تأخر صرف الرواتب وعدم تطبيق الحد الأدنى للأجور، إلى جانب مطالب مهنية ومعيشية أوسع تتعلق ببيئة العمل وحقوق العاملين.

 

الوقفة، التي نُظّمت مساء أمس الثلاثاء، جاءت باعتبارها خطوة تصعيدية بعد ما وصفه الصحفيون بـ«نفاد كل محاولات الحل الودي»، وفي ظل استمرار الأزمة المالية داخل المؤسسة، وعدم التزام الإدارة بتعهدات سابقة قُطعت أمام نقابة الصحفيين وجهات رسمية بصرف المستحقات المتأخرة.

 

هتافات الغضب ورسائل الاحتجاج

 

ردّد المشاركون هتافات عبّرت عن عمق الأزمة التي يعيشها الصحفيون، من بينها: «الاعتصام حق مشروع ضد الفقر وضد الجوع»، «الحد الأدنى للأجور حق»، و«عبد الرحيم فينك فينك.. القانون بينا وبينك».

 

كما وجّه المحتجون هتافات مباشرة ضد إدارة الجريدة، وأخرى طالبت نقابة الصحفيين باتخاذ إجراءات نقابية حاسمة، في إشارة إلى تحميلها مسؤولية التدخل لحماية حقوق أعضائها والعاملين بالمؤسسة.

 

ورفع الصحفيون لافتات كُتب عليها: «حد أدنى للأجور.. حد أدنى للحياة»، و«الحد الأدنى للأجور.. حق لا يُنسى»، و«من يحمي عبد الرحيم علي»، في تعبير صريح عن شعورهم بغياب المساءلة، وتنصل الإدارة من الالتزام بالنصوص القانونية المنظمة للعمل والأجور.

 

مطالب لا تتجاوز «الحقوق الأساسية»

 

أكد صحفيون مشاركون أن تحركهم لا يهدف إلى الحصول على امتيازات خاصة أو زيادات استثنائية، بل يقتصر على المطالبة بحقوق مقررة قانونًا.

 

وقال أحد الصحفيين إن الأزمة تجاوزت كونها خلافًا إداريًا، لتتحول إلى «مسألة كرامة مهنية ومعيشية»، مضيفًا أن الرواتب تأخرت لأكثر من شهر، في وقت تتزايد فيه الأعباء الاقتصادية، دون أي ضمانات أو بدائل.

 

وشدد المحتجون على أن الوقفة جاءت في إطار سلمي وقانوني، وبعد استنفاد جميع قنوات التفاوض داخل المؤسسة، مؤكدين استمرارهم في الاعتصام لحين الاستجابة لمطالبهم.

 

حضور نقابي ودعم للمطالب

 

شهدت الوقفة حضور عدد من الصحفيين المتضامنين، إلى جانب عضوي مجلس نقابة الصحفيين إيمان عوف ومحمود كامل، اللذين عبّرا عن دعمهما الكامل لمطالب صحفيي «البوابة نيوز»، وأكدا ضرورة التزام المؤسسات الصحفية الخاصة بحقوق العاملين بها، وتطبيق الحد الأدنى للأجور وفقًا للقانون.

 

وطالب المعتصمون الجهات الحكومية والرسمية بالتدخل لمحاسبة رئيس مجلس إدارة الجريدة، البرلماني السابق عبد الرحيم علي، وإلزام المؤسسة بتطبيق الحد الأدنى للأجور وصرف المستحقات المتأخرة.

 

مهلة انتهت ورد إداري مثير للجدل

 

وكان صحفيو «البوابة نيوز» قد أمهلوا إدارة الجريدة 24 ساعة لصرف رواتبهم المتأخرة، ملوّحين بخطوات احتجاجية أوسع حال عدم الاستجابة. غير أن تصريحات منسوبة لرئيسة التحرير داليا عبد الرحيم، أكدت فيها عدم توافر السيولة المالية، وأن المؤسسة مهددة بالإغلاق، زادت من حالة الاحتقان، واعتبرها الصحفيون دليلاً إضافيًا على غياب الحلول الجادة.

 

أزمة أعمق من الرواتب

 

لا تقتصر مطالب الصحفيين على الأجور فقط، إذ كشف بيانهم عن أوضاع وصفوها بـ«غير الآدمية» داخل مقر العمل، تتضمن غياب التأمين الصحي والاجتماعي، وحرمان العاملين من الترقيات والمكافآت، رغم عمل بعضهم بالمؤسسة منذ عام 2012، إضافة إلى عدم تطبيق أي زيادات دورية أو بنود قانونية تتعلق بالأرباح.

 

وطالب الصحفيون بوضع لائحة مالية وإدارية عادلة، وتوفير بيئة عمل لائقة، وتمكين العاملين من تشكيل لجنة نقابية داخل المؤسسة، باعتبارها ضمانة أساسية لحماية الحقوق ومنع تكرار الأزمات.

 

بيان حاد اللهجة

 

في بيانهم الداعي إلى الوقفة، وجّه الصحفيون اتهامات مباشرة لمالك الجريدة ورئيس مجلس إدارتها بالتنصل من التزاماته القانونية والأخلاقية، وبالتناقض بين تعهداته السابقة أمام نقيب الصحفيين، وبين ما وصفوه بممارسات مالية وإدارية تهدف إلى الضغط على المعتصمين بدلًا من حل الأزمة.

 

وأكد البيان أن الوقفة تمثل «صرخة مهنية» في وجه ما اعتبروه إفسادًا للعمل الصحفي وإدارته بمنطق الربح فقط، مشددين على تمسكهم بالدولة ومؤسساتها، وبحقهم في تطبيق القانون، والدفاع عن كرامة الصحافة وحقوق الصحفيين.

 

تصعيد مفتوح

 

مع استمرار الاعتصام ودخول الأزمة شهرها الثاني، يلوّح صحفيو «البوابة نيوز» بخيارات تصعيدية جديدة، في حال استمرار تجاهل مطالبهم، مؤكدين أن معركتهم ليست فردية، بل تعكس أزمة أوسع تتعلق بأوضاع العمل داخل بعض المؤسسات الصحفية الخاصة، وضرورة تفعيل القوانين والضمانات التي تحمي الصحفيين في مواجهة الضغوط الاقتصادية والإدارية.