أجلت المحكمة الإدارية العليا بمجلس الدولة إلى الأربعاء المقبل (26 نوفمبر) النطق بالحكم في الطعون المقدمة في المرحلة الأولى من انتخابات مجلس النواب، والبالغ عددها 259 طعنًا.

 

 وجاء ذلك بعدما استمعت المحكمة إلى المرافعات والاطلاع على الأوراق المقدمة من مقدمي الطعون على نتائج الجولة الأولى من الانتخابات التي جرت في 14 محافظة.

 

وتوعت الطعون بين مطالب بإلغاء العملية الانتخابية بالكامل، وأخرى تطالب بإلغاء إعادة الانتخابات في بعض الدوائر، إضافة إلى طعون ببطلان النتائج المعلنة، بدعوى وجود خروقات في عمليات فرز أصوات الناخبين والحصر العددي لها.

 

وعقب انتهاء المهلة القانونية لتلقي الطعون، التي استمرت لمدة 48 ساعة – من الأربعاء حتى الخميس الماضيين – أحيلت الطعون الطعون إلى المحكمة الإدارية العليا، وهي الجهة القضائية المختصة بالفصل في المنازعات الانتخابية المتعلقة بسير العملية الانتخابية وسلامة إجراءات الفرز والتجميع. 

 

وقد أتاح القانون للحمكمة مهلة 10 أيام للفصل في الطعون، بما يعني الانتهاء منها قبل 30 نوفمبر، لضمان عدم تعطيل الجدول الزمني لإعلان النتائج النهائية.

وتنافس في المرحلة الأولى 1281 مرشحًا، وشملت محافظات الجيزة، والفيوم، وبني سويف، والمنيا، وأسيوط، وسوهاج، وقنا، والأقصر، وأسوان، والبحر الأحمر، والإسكندرية، والبحيرة، والوادي الجديد، ومرسى مطروح.

 

إلغاء التصويت في 19 دائرة انتخابية

 

وكانت الهيئة الوطنية للانتخابات أعلنت الثلاثاء الماضي، أنه سيتم إلغاء التصويت في 19 دائرة انتخابية من أصل 70 دائرة تنافس فيها المرشحون على المقاعد الفردية في الجولة الأولى، بعد تلقي الطعون وتوثيق "المخالفات".

 

وجاء ذلك بعد أن أقر حازم بدوي رئيس الهيئة الوطنية للانتخابات بحدوث خروقات، منها وضع إعلانات انتخابية أمام مراكز الاقتراع، وعدم إعطاء المرشحين أو ممثليهم نسخًا من نتائج فرز الأصوات، وعدم تطابق نتائج اللجان المختلفة.

 

وجاءت هذه الخطوة عقب توجه قائد الانقلاب عبدالفتاح السيسي برسالة إلى الهيئة الوطنية للانتخابات حث فيها على "التدقيق في جميع الأحداث والطعون" واتخاذ أي قرارات ضرورية، بما فيها إعادة الانتخابات، لإعلاء الشفافية وضمان أن يعكس  البرلمان الجديد "الإرادة الحقيقية للمصريين".

 

وقال السيسي إن الهيئة يجب أن تنظر في "إلغاء هذه المرحلة من الانتخابات كليًا أو جزئيًا في دائرة أو أكثر، على أن تجرى الانتخابات لاحقًا في تلك الدوائر.

 

انعدام استقلالية الهيئة الوطنية للانتخابات


واعتبرت عشر منظمات حقوقية بارزة في بيان مشترك السبت، أن "الفوضى التي شابت انتخابات مجلس النواب 2025، فضلاً عن غموض آلية اتخاذ القرار، والتدخل المباشر من الرئيس السيسي في مجريات العملية الانتخابية، تعكس بشكل واضح الطبيعة الزائفة لهذه العملية، وتبرهن على انعدام استقلالية الهيئة الوطنية للانتخابات".

 

واستندت في ذلك إلى تراجع الهيئة الوطنية للانتخابات في 17 نوفمبر الجاري بشكل مفاجئ عن تصريحاتها التي دافعت لأسبوع كامل عن نزاهة العملية الانتخابية، وذلك بعد ساعات من نشر السيسي رسالة علانية طالب فيها الهيئة، التي يفترض أنها مستقلة، بتكثيف الرقابة على عملية فرز الأصوات، والتحقيق في التجاوزات، بل وإلغاء النتائج إذا اقتضت الضرورة. هذا التدخل الاستثنائي، وما تلاه من امتثال فوري من الهيئة، الأمر الذي اعتبرته "يكشف مدى خضوع العملية الانتخابية والمجال السياسي برمته لإرادة السيسي".

 

وأضافت المنظمات في بيانها: "رسالة السيسي لا تشير، بأي حال من الأحوال، إلى أي تحوّل حقيقي نحو نزاهة الانتخابات أو تمثيل ديمقراطي فعلي، وإنما تؤكد أن الانتخابات في مصر لا تزال -كما هو الحال منذ انتخابات 2015- مرهونة بمصالح سياسية مبهمة تخدم أصحاب السلطة والأجهزة الأمنية وشبكات المنتفعين الجدد من السياسيين، مما يجعل البرلمان مجرد مؤسسة شكلية، كما أشرنا مرارًا".

 

ورأت أن "هذه التصريحات الرئاسية ربما تسفر فقط عن إعادة توزيع المقاعد بين الأجهزة الأمنية والموالين للسلطة، لكنها قطعًا لن تؤد إلى نتائج انتخابية تعكس تمثيلًا ديمقراطيًا حقيقيًا، الأمر الذي يتطلب توافر شروط وبيئة سياسية مختلفة، تم القضاء عليها بالكامل في مصر. فإغلاق المجال العام والسياسي، وقمع أصحاب الآراء المستقلة والنقدية، والتنكيل بالمعارضة السلمية والديموقراطية واستهدافها، يحول دون تشكيل حركات سياسية راسخة، قادرة على تمثيل المصريين والدفاع عن مصالحهم". 

 

هندسة الأجهزة الأمنية للقوائم الانتخابية


كما تحدثت عن "هندسة الأجهزة الأمنية للقوائم الانتخابية"، الأمر الذي قالت إنه أدى "إلى الاستبعاد التعسفي للمرشحين؛ ومن ثم، إحكام سيطرتها على المجال السياسي. فضلاً عن استمرار الحرمان غير القانوني للسجناء السياسيين السابقين والمحبوسين احتياطيًا من ممارسة حقوقهم السياسية عبر شطبهم من قواعد الناخبين، الأمر الذي طال حتى من حصل منهم على أحكام قضائية برد الاعتبار". 

 

وخلصت إلى أن "السبيل الوحيد للخروج من هذه الأزمة هو أن تضع السلطات المصرية حدًا لتدخل السلطة التنفيذية في العملية الانتخابية، وتفكيك البنية الأمنية والتشريعية التي تتحكم في نتائج الانتخابات، واتخاذ خطوات فورية لإعادة تهيئة الشروط الأساسية للحكم الرشيد والمشاركة الديمقراطية الحقيقية، بما في ذلك محاسبة المسئولين والمتورطين في المخالفات الانتخابية التي تسببت في إلغاء النتيجة وإعادة الانتخابات في 19 دائرة انتخابية في المرحلة الأولى".

 

الفائزون في المرحلة الأولى


وفاز في المرحلة الأولى 42 مرشحًا لحصولهم على أكثر من 50 بالمائة من الأصوات الصحيحة للناخبين المشاركين، بواقع 24 مقعدًا لحزب مستقبل وطن، و9 مقاعد لحزب حماة الوطن، و5 مقاعد لحزب الجبهة الوطنية، ومقعدين لحزب النور، ومقعدا واحدا لحزب لشعب الجمهوري، ومقعدًا آخر لأحد المستقلين.

 

وستجرى الإعادة في هذه المرحلة بين 120 مرشحًا على 60 مقعدًا في 7 محافظات المرحلة الأولى، فضلاً عن إعادة الانتخابات بين جميع المترشحين في 19 دائرة ألغيت العملية الانتخابية فيها. 

 

وفازت "القائمة الوطنية من أجل مصر" -التي تضم عددًا من أحزاب الموالاة أبرزها "مستقبل وطن"- في دائرتي الصعيد وغرب الدلتا، بعد تجاوزها نسبة 5 بالمائة من أصوات الناخبيين المقيدين.

 

وحصلت القائمة في دائرة قطاع شمال ووسط وجنوب الصعيد على 5.295 مليون صوت بنسبة تعادل 20 بالمائة من أصل 26 ميلون ناخب مقيد بالدائرة، فيما حصلت القائمة في دائرة غرب الدلتا على 1.671 مليون صوت بنسبة تعادل 18.09 بالمائة من أصل 9.239 مليون ناخب مقيد بالدائرة.