قبل عام من الآن، أعلن رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، وثيق الصلة بالأجهزة الأمنية، والذراع المالي لجهاز المخابرات المصرية عن تدشين حزب "الجبهة الوطنية"، كأحدث مولود تحت حكم الانقلاب ينضم إلى منظومة الأحزاب الموالاة التي انبثقت من رحم النظام وأجهزته الأمنية. 

 

وضم الحزب كلاً من وزير الإسكان الأسبق عاصم الجزار، ورئيس هيئة الاستعلامات التابعة لرئاسة الجمهورية ضياء رشوان، ووزيرة الاستثمار السابقة سحر نصر، ورئيس مجلس النواب الأسبق علي عبدالعال، ووزير الزراعة الأسبق سيد القصير، ورئيس مجلس الدولة الأسبق محمد حسام الدين، والبرلماني ورجل الأعمال محمد أبو العينين. علاوة على صحفيين ورجال أعمال وكتاب ووزراء سابقين بارزين.

 

تمخض الجبل فولد فأرًا 


منذ اللحظة الأولى للإعلان عن تأسيسه، كان يُنظر إلى حزب الجبهة الوطنية على أنه سيكون البديل لحزب مستقبل وطن الذي تأسس في عام 2014، والذي يسيطر على الأغلبية البرلمانية، ويحظى بدعم رسمي كبير، وهو ما نفته قياداته آنذاك، مشددة على أنه يضم قامات كبرى ومسؤولين سابقين ونقباء لهم شعبية عند الناس ولديهم ما يقدمونه للوطن والمساهمة في بنائه.

 

في الوقت الذي أعلن فيه عاصم الجزار رئيس الحزب، أن "الجبهة الوطنيبة" لا يهدف إلى الحصول على الأغلبية البرلمانية، مستبعدًا بذلك أن يكون بديلاً لـحزب "مستقبل وطن". وبدلاً من ذلك، قال إنه يسعى إلى المشاركة في الانتخابات من خلال تحالفات سياسية واسعة مع الأحزاب القائمة، مع التركيز على الوحدة الوطنية في ظل التحديات الراهنة.

 

لكن مع أول اختبار حقيقي يخوضه الحزب الذي كان ينظر إليه وقت تأسيسه على أنه سيكون الأكثر قوة ونفوذًا على الساحة السياسية، تعرض لموجة من الانشقاقات والاستقالات على أعلى مستوياته، وكان ذلك بالتزامن مع انتخابات مجلس النواب، وقرار الهيئة الوطنية للانتخابات بإعادة الانتخابات في 19 من الدوائر الفردية ضمن المرحلة الأولى من انتخابات مجلس النواب.

 

استقالة أمين الحزب بسوهاج


كانت بداية موجة الاستقالات التى شهدها الحزب في أكتوبر الماضي، مع إعلان أمين الحزب بمحافظة سوهاج صلاح شوقي عقيل استقالته بسبب الترشيحات لانتخابات مجلس النواب.  

 

وعز استقالته في رسالة صوتية نشرها على صفحة الحزب الرسمية لأمانة سوهاج على موقع "فيسبوك" إلى ما وصفه بـ "التمثيل الهزيل للحزب في استحقاق مجلس الشيوخ، فحلمنا أن يعوض الحزب في استحقاق مجلس النواب إلا أننا صدمنا بتمثيل سيئ أقصى كوادرنا بصورة أفقدتنا الأمل في تغيير يليق بنا".

 
استقالة أمين الحزب بالجيزة 


تلتها الاستقالة المفاجئة لأمين الحزب بمحافظة الجيزة، كمال الدالي، وإعلانه انسحابه من خوض جولة الإعادة بالمرحلة الأولى لانتخابات مجلس النواب عن دائرة الجيزة، حيث كان من المفترض أن يخوض جولة الإعادة أمام المرشح المستقل هشام بدوي، بعد حسم مرشح حزب مستقبل وطن أحمد الوليد للمقعد الأول من الجولة الأولى.

 

وقال الدالي في بيان: "‏‎لقد تقدمت للهيئة الوطنية للانتخابات بالاعتذار عن عدم استكمال السباق الانتخابي لمجلس النواب 2025 عن الدائرة الأولى لمحافظة الجيزة، كما أُعلن استقالتي من حزب الجبهة الوطنية كأمين للحزب بمحافظة الجيزة، لقد وقفت مع نفسي وقفة رجل يحترم من يقف خلفه، وسألت نفسي: هل الأنسب الآن هو الاستمرار أم أن الحكمة تقتضي الاعتذار والتوقف؟ ‏‎ومن هنا جاء قرار الاعتذار عن الاستمرار".

‏‎

وأضاف: "قرار اتخذته وأنا أعلم أنه قد يثير دهشة وتساؤل البعض لكنني واثق أنه سيُقرأ مع الوقت على أنه قرار قدّمتُ فيه العقل قبل الطموح، والقيم قبل المنافسة، وأشهد الله أنّنى ما اقترفت خطأ قط، وأنّى التزمت تقواه فى كل خطوة خطوتها خلال مسار الانتخابات".

 

استقالة أمين مساعد الحزب بأسوان 


أعقب استقالة الدالي، إعلان محمد سليم أمين عام مساعد حزب الجبهة بأسوان، استقالته واعتذاره عن خوض انتخابات مجلس النواب عن دائرة كوم أمبو.

 

وأرجع سليم، استقالته إلى اقتصار ترشيحات الحزب لمجلسى النواب والشيوخ على القيادات فقط، قائلًا: "كنا نظن أن الحزب سيقدم فكرًا جديدًا فانضممنا إليه، لكن حينما بدأنا إعداد الترشيحات لانتخابات مجلس النواب اكتشفنا أنه تم قصرها على القيادات فقط".

 

وأضاف: "قبل الاستقالة كنت أشغل منصب الأمين المساعد لأمانة التنظيم المركزية، ونرى أن هذه الترشحيات بعيدة تمامًا عن الشارع، ولا تمثل المواطنين، ويحكمها المال السياسي".

 

وتابع: "لقد فقدت كل الأحزاب المصداقية، ولن أترشح مرة أخرى ضمن أي حزب، لكن سيكون ترشحي مستقلًا، وهذا هو مبدأي منذ البداية، لأن عضو مجلس النواب يجب أن يأتى عن طريق إرادة شعبية حرة".

 

زيادة عدد القيادات عن المقاعد المخصصة للحزب 


وأكد رئيس الحزب، ردًا على الاستقالات التي شهدها "الجبهة الوطنية" خلال الفترة الأخيرة، أن المشكلة الكبرى التي واجهت الحزب خلال عملية الاختيار تمثلت في زيادة عدد القيادات عن المقاعد المخصصة للحزب في القائمة، أو حتى تلك المقاعد الفردية التى قرر الحزب خوض الانتخابات عليها في تجربته الانتخابية الأولى بمجلس النواب، وهو ما نتج عنه تقديم عدد من أعضاء الحزب للاستقالته.

 

وبعزو محللون، موجة الاستقالات التي ضربت حزب "الجبهة الوطنية" إلى الطموح الذي كان يراود أعضاءه عند تأسيسه، حيث كانوا يتطلعون لأن يكون الحزب في الصدارة، بالنظر إلى القامات السياسية والحزبية المنضمة إليه من مختلف التيارات، لكن آلية اختيار المرشحين لمجلس النواب أثارت غضبًا بين قياداته الذين كانوا يتوقون إلى الترشح، لكنهم تفاجئوا بعدم اختيارهم من الأساس، وتفاجئوا بأن الحزب جاء في المركز الثالث خلف "مستقبل وطن" و"حماة الوطن" ضمن "القائمة الوطنية لأجل مصر". 

 

وعلى الرغم من محاولة قيادات الحزب التهوين من الاستقالات، بالإشارة إلى أنها أمر عادي في موسم الانتخابات وسبق أن حدثت داخل عدد من الأحزاب ومن بينها "مستقبل وطن" و"حماة وطن"، إلا أنها اعترفت بالوقوع في أخطاء قالت إنه سيتم دراستها، ومعرفة أسبابها، والعمل على تلاشيها لضمان عدم تكرارها في المستقبل.