في مشهد يجسد قمة المفارقة والاستهتار بعقول المصريين، خرج عبد الفتاح السيسي خلال زيارته لأكاديمية الشرطة ليحذر المصريين من "أخذ الفلوس وانتخاب واحد يطلع أحمق أو جاهل أو متخلف أو متردد أو مش جاهز"، مضيفًا أن ذلك "بيضيّع 120 مليون مواطن مصري". هذه التصريحات من رجل حكم مصر 11 عامًا وحولها إلى دولة منهارة اقتصاديًا واجتماعيًا وسياسيًا، تطرح السؤال الأكبر: هل يدرك السيسي ما يقول؟. فالرجل الذي يصف الآخرين بـ"الجاهل والأحمق" هو من اعترف بأنه "لا يعرف السبب" لفشله في إدارة الاقتصاد، وهو من أغرق مصر في ديون تجاوزت 161 مليار دولار، وحول ثلثي المصريين لفقراء، وأشرف على أسوأ انتخابات مزورة شهدتها البلاد.

 

"أحمق أو جاهل": وصف ينطبق على من؟

 

السيسي قال في خطابه: "لو أخدت فلوس وانتخبت واحد وطلع أحمق أو جاهل أو متخلف أو متردد أو مش جاهز، أنت كده بتضيع 120 مليون مواطن مصري". وأضاف: "لو أنا أو حد تاني إديتك فلوس وقولتلك انتخبني، إوعى تعمل كده علشان ده مش كويس، هتمكن واحد جاهل أو أحمق وده هيقلقك جدًا".
 

 

المفارقة الصارخة أن هذا الوصف ينطبق تمامًا على السيسي نفسه: الرجل الذي اعترف علنًا بأنه "لا يعرف السبب" لفشله في إدارة الاقتصاد. الرئيس الذي وصفه الكاتب محمد العجاتي بأنه "ضد العلم! كل العلم.. ضد الطب وضد الهندسة وضد التخطيط وضد السياسة وضد الاقتصاد". القائد الذي حوّل مصر من دولة مُصدّرة للغاز إلى مستوردة ذليلة، ومن دولة نسبة فقرها 26% إلى 65% من السكان تحت خط الفقر.

 

آراء النشطاء

 

وتمثلت أراء النشطاء حول إذا كان هناك "أحمق أو جاهل أو متخلف أو متردد أو مش جاهز" ضيّع 120 مليون مصري، فهو عبد الفتاح السيسي نفسه الذي يحذر منه الآن بعد 11 عامًا من الفشل الذريع.
فعلقت سميرة " كل الصفات فيه وكأنه بيوصف نفسه"

 

 

وقال فكري " الشيطان يعظ".

 

 

ولفت الضو " الراجل دا لابد من الكشف علي قوته العقلية !! دا منفصل عن نفسه ومش واخد باله انه هو نفسه عمل ذات الشيء الي بيستنكره ومتوثق دا صوت وصورة !".

 

 

وأشار عبودي " طيب انت يا حمار وانا بعتذر للحمار لولا انت ابن لبوه احمق ومتخلف عقليا مكنتش هتقول كده لان انت الجهل نفسه والتخلف العقلي نفسه وفوق كل الصفات الوسخه شكلك عره وسمج وصهيوني خنزير".
 

 

وأكد محمد بحيري " التافهه مش عارف انه بيتكلم عن نفسه وانه بحماقته وجهله وتخلفه ضيع 120مليون مصرى كلنا بندعى عليك اقسم بالله منك لله".
 

 

انتخابات مزورة ونصائح عن النزاهة!

 

السيسي يتحدث عن "المال السياسي" وخطورة شراء الأصوات، بينما تكشف الوقائع أن الانتخابات البرلمانية التي أشرف عليها نظامه هي الأكثر تزويرًا في تاريخ مصر. نادي القضاة فضح أن "القضاة وأعضاء النيابة العامة لم يشاركوا من الأساس في الإشراف على الانتخابات"، في كشف صريح لعدم وجود رقابة قضائية حقيقية.

 

المرشح محمود جويلي كشف عن ابتزازه بـ20 مليون جنيه مقابل مقعد برلماني، قبل أن يُعتقل 24 ساعة لمجرد فضحه للفساد. فيديوهات التزوير انتشرت على نطاق واسع، دفعت السيسي نفسه للتدخل وإلغاء نتائج 19 دائرة انتخابية. فكيف لمن يشرف على هذا الفساد الانتخابي أن يخرج وينصح المصريين بعدم بيع أصواتهم؟

 

تدخل السيسي: فضيحة "الاستقلالية" المزعومة

 

السيسي الذي يصف الهيئة الوطنية للانتخابات بأنها "هيئة مستقلة في أعمالها"، خرج بمنشور على فيسبوك يأمرها بـ"التدقيق التام" في الطعون، مهددًا بـ"إلغاء الانتخابات كليًا أو جزئيًا". هذا التدخل الفاضح يفضح كذبة "الاستقلالية"، ويؤكد أن الهيئة مجرد أداة في يد النظام تعمل بأوامر مباشرة من القصر الرئاسي.

 

النائب عمرو رضوان، نائب رئيس الحزب الناصري، خرج ليدافع عن تدخل السيسي، واصفًا بيانه بأنه "يؤكد أن إرادة الشعب المصري هي فوق كل اعتبار". لكن الواقع يقول إن إرادة السيسي هي فوق كل اعتبار، وإن "استقلالية" الهيئة مجرد مسرحية هزلية فضحها تدخله الفج.

 

"120 مليون مواطن": ضيّعهم السيسي لا غيره

 

السيسي يحذر من أن انتخاب "أحمق أو جاهل" سيضيّع "120 مليون مواطن مصري". لكن الحقيقة أن هؤلاء الـ120 مليون ضاعوا فعلًا على يد السيسي نفسه: ضاعوا في ديون بلغت 161 مليار دولار لم يعرفوا أين ذهبت. ضاعوا في فقر وصل إلى 65% من السكان. ضاعوا في تعليم منهار احتل المركز 119 من بين 144 دولة. ضاعوا في صناعة تعاني من إغلاق 20 ألف مصنع.

 

المفارقة أن السيسي نفسه يعلم أن نصائحه لن تُطبّق في انتخابات يديرها نظامه الفاسد، حيث الأصوات تُشترى بعشرات الملايين، والمرشحون الشرفاء يُعتقلون، والنتائج تُزوّر بالجملة. فكيف لمن يشرف على هذا الفساد أن يخرج وينصح الناس بالنزاهة؟

 

وأخيرا فإن المصريون يعرفون جيدًا من هو "الأحمق والجاهل" الحقيقي: إنه من حكمهم 11 عامًا وحول مصر إلى دولة فاشلة في كل المجالات. المصريون يدركون أن نصائح السيسي مجرد مسرحية هزلية من رجل فقد أي مصداقية بعد سنوات من الفشل والكذب والاستهتار بمعاناتهم. والسؤال الذي يطرح نفسه: هل يدرك السيسي فعلًا ما يقول، أم أنه يعيش في عالم موازٍ لا يرى فيه حجم الكارثة التي صنعها بيديه؟