رغم مرور سبعة عشر يومًا على بدء تنفيذ اتفاق وقف الحرب بين المقاومة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي، إلا أن غزة ما زالت تنزف بصمت. فبين الركام والخراب، يعيش أكثر من مليوني فلسطيني واقعًا إنسانيًا مأساويًا، تتجدد فصوله كل يوم، وسط غيابٍ فعلي لأي تحسن في الأوضاع المعيشية والخدمية.
هدوء هش يغطي على وجعٍ متجذر
على الرغم من الهدوء النسبي الذي يسود جبهة القتال منذ توقيع اتفاق شرم الشيخ في التاسع من أكتوبر الأول الجاري، فإن سكان القطاع لا يشعرون بأي طعمٍ للسلام.
الهدنة، كما يصفها الأهالي، "هدوء فوق الركام"، فالمعاناة تشتد في ظل غياب الخدمات الأساسية وانهيار البنية التحتية.
أزمات معيشية خانقة وغلاء فاحش
تتواصل شكاوى سكان القطاع من ارتفاع الأسعار ونقص المواد الغذائية والوقود، إلى جانب تراجع حاد في عدد الشاحنات التي يُسمح لها بالدخول عبر المعابر المغلقة جزئيًا.
ويؤكد تجار محليون أن أسعار السلع الأساسية ارتفعت بنسبة تتجاوز 60% خلال الأسابيع الأخيرة، بسبب القيود المفروضة على حركة البضائع.
وفي الأسواق، لا يجد المواطنون سوى بقايا السلع القديمة بأسعار لا يطيقها معظم السكان الذين فقدوا مصادر دخلهم منذ اندلاع الحرب.
ظلام دائم وانقطاع للمياه
تعيش معظم مناطق غزة ساعات طويلة في الظلام جراء انقطاع الكهرباء المستمر، فيما تعتمد بعض الأسر على مولدات بدائية تعمل بالوقود الذي أصبح شحيحًا للغاية.
أما المياه، فهي غير صالحة للشرب في أغلب الأحيان، مما ينذر بكارثة صحية وبيئية، خصوصًا في المخيمات المكتظة بالنازحين.
مستشفيات تصارع للبقاء
في القطاع الصحي، المشهد لا يقل مأساوية.
المستشفيات المدمّرة ونقص الأدوية والمعدات الطبية جعلت الطواقم الطبية تعمل في ظروفٍ أشبه بالمستحيلة.
ويقول أحد الأطباء في مستشفى الشفاء بمدينة غزة إنهم يجرون عمليات جراحية باستخدام أدوات محدودة وبدون كهرباء منتظمة، مضيفًا: "نحن نُعيد الحياة للمرضى بالمعجزة، لا بالإمكانات".
نازحون في خيام لا تقي من البرد ولا الجوع
آلاف العائلات التي دُمّرت منازلها ما زالت تعيش في خيام مؤقتة أو في مدارس متهالكة تفتقر لأبسط مقومات الحياة.
وفي تلك المخيمات، يزداد الوضع سوءًا مع اقتراب فصل الشتاء، حيث تتسرب المياه إلى الخيام الهشة، بينما يقضي الأطفال لياليهم بلا غذاء كافٍ أو بطانيات تقيهم البرد.
مشاهد الحزن لا تغيب عن غزة
وفي مشهدٍ مؤلم يعكس عمق المأساة، يستعيد أهالي غزة جثث ذويهم من ساحات مستشفى الشفاء لدفنهم في مقابر المدينة، بعد أسابيع من البحث تحت الأنقاض.
تسير الجنازات بصمتٍ حزين، وسط دموع الأمهات وزغاريد الوداع الأخيرة التي تختلط بصوت الأذان، لتؤكد أن الحرب لم تنتهِ بعد، حتى لو صمتت المدافع.
مساعدات محدودة ومعابر مغلقة
ورغم الهدنة، فإن إدخال المساعدات الإنسانية لا يزال محدودًا للغاية.
تتعطل قوافل الإغاثة على الجانب المصري من معبر رفح، فيما تواصل إسرائيل فرض قيود مشددة على دخول الشاحنات، ما يحرم عشرات آلاف الأسر من الغذاء والدواء.
ويشير ناشطون إنسانيون إلى أن الكميات التي دخلت حتى الآن لا تكفي سوى لجزء بسيط من الاحتياجات اليومية للقطاع المحاصر.
المرحلة الثانية من الاتفاق.. أمل مؤجل
تعلّق الفصائل الفلسطينية آمالًا على المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار، التي من المقرر أن تشمل انسحاب القوات الإسرائيلية من بعض المناطق وإعادة فتح المعابر بشكل كامل.
ويرى مراقبون أن هذه الخطوة – إن نُفذت فعليًا – قد تشكل بداية لتخفيف المعاناة الإنسانية وعودة تدريجية للحياة في القطاع.
اتفاق بلا التزام
الاتفاق الذي رعته مصر وقطر وتركيا بمشاركة الولايات المتحدة، جاء بعد عامين من العدوان الإسرائيلي الشامل على غزة، لكنّ إسرائيل لم تلتزم بوقف العدوان تمامًا، إذ ما زالت تُنفّذ غاراتٍ وتفرض حصارًا خانقًا يمنع أي تعافٍ حقيقي للقطاع.
https://www.tiktok.com/@joe.palestine12/video/7565792257324895496

