أقرّ الكنيست الإسرائيلي (البرلمان)، في القراءة التمهيدية، مقترحين قدمهما عضوان في الكنيست؛ أحدهما يدعو إلى فرض السيادة الإسرائيلية على كامل الضفة الغربية، والآخر يطالب بضمّ مستوطنة "معاليه أدوميم" على وجه التحديد. واعتبر مختصون في الشأن الإسرائيلي أن هذا التصويت يمثّل خطوة أولى لشرعنة الاستيلاء على ما تبقى من أراضي الضفة، عبر نهج "الضمّ المتدرج" بدلًا من الضمّ الشامل دفعة واحدة.
ويحمل المقترح الأول اسم "تطبيق السيادة الإسرائيلية على يهودا والسامرة 2025" (في الإشارة التوراتية للضفة الغربية المحتلة)، وقد تقدم به عضو الكنيست آفي ماعوز عن حزب "نوعام". وتم تمرير التصويت بفارق صوت واحد فقط (25 مقابل 24)، بعد نقاش محتدم داخل قاعة الكنيست، ليتقرر لاحقًا إحالة المشروع إلى لجنة الشؤون الخارجية والأمن لمناقشته قبل طرحه للتصويتين الثاني والثالث في الجلسة العامة.
وينص مشروع القانون على إخضاع جميع مناطق الاستيطان في "يهودا والسامرة" للقوانين الإسرائيلية، إلى جانب تبعية هذه المناطق للنظامين القضائي والإداري للدولة العبرية، بما يعني ضمّها رسميًا من الناحية القانونية.
وفي مداخلته قبل التصويت، قال ماعوز: "بتطبيق السيادة على يهودا والسامرة، نحن نصحّح ظلمًا تاريخيًا طال أمده، وبما أن الحكومة تباطأت في هذا المسار، فمن واجبنا كنواب أن نبادر".
وجاء هذا التصويت في وقت يتواجد فيه نائب الرئيس الأمريكي جيه دي فانس في إسرائيل، رغم إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في وقت سابق أنه لن يسمح بإتمام عملية الضم.
ولم يدعم حزب «الليكود»، بزعامة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، مشروع القانون، وقال إن «السيادة الحقيقية لن تتحقق بقانون استعراضي يهدف للإضرار بعلاقاتنا مع واشنطن وبالإنجازات التي تحققت».
ماذا يعني القرار؟
ويستخدم القرار صياغة ملتبسة برأي أمير داوود، مدير التوثيق في «هيئة مقاومة الجدار والاستيطان»، الذي أوضح أن مناطق الاستيطان في الضفة الغربية اليوم تشمل 3% مناطق بناء للمستوطنات، و8% وهي مناطق نفوذ تصل على 8%/ و12-15% تشمل مخططات المستوطنات المصادق عليها وغير المنفذة، فضلا عن 42% عبارة عن أراض مصادرة دائمة ومؤقتة ومحميات واراضي دولة. ويؤكد أنه حتى اللحظة من غير المعروف ما الذي سيشمله القرار تحديدا من بين كل ذلك، وفقًا لـ »القدس العربي».
وكان خبير الأراضي والاستيطان خليل التفكجي أوضح أن مناطق نفوذ المستوطنات الإسرائيلية تتجاوز 60% من مساحة الضفة، مع ان المبني فيها لا يتجاوز 1.6%.
خلفيات القرار
وحسب د. هنيدة غانم، مديرة «المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية- مدار»، فإنه كان على طاولة الكنيست العديد من مقترحات قوانين الضم، منها مثلا قانون ضم منطقة معاليه أدوميم، وقانون لضم منطقة ارئيل، وقانون ضم منطقة الخليل، وقانون لضم منطقة الاغوار، إضافة الى قانون ضم الضفة الغربية كلها.
وتضيف أن قوانين الضم تأتي تحت عنوان فرض القانون الاسرائيلي وتطبيق السيادة وليس الضم، لأن المناطق مضمومة من ناحية من يتقدم بالقوانين.
وعقبت على ما حدث في أروقة الكنيست قائلة: «اليوم وبالتزامن مع زيارة نائب رئيس الولايات المتحدة تم المصادقة بالقراءة التمهيدية على مقترح الضم للضفة، ما زال القانون يحتاج لثلاث قراءات ليتم سنه، وقد يتم لاحقا التغيير فيه أو دمجه بمقترحات اخرى من نفس النوع».
وأشارت إلى أن الكنيست فيه حالة من التنافس بين اعضاء الكنيست من تيارات اليمين على سباق الضم وتنافس من يقدم المشاريع الأكثر تطرّفا، «فالأحزاب من الوسط واليمين في حرب على كثير من الأشياء الداخلية، لكنها لا تختلف على مبدأ الضم، بقدر ما تختلف على التكتيك والتوقيت».
وتوقعت أن يجري تجميد القانون، وتمرير قوانين ضم بالقطعة، والبداية ستكون من منطقة القدس يعني ضم كتلة معاليه أدوميم.
ورأت محافظة القدس مصادقة الكنيست بالقراءة التمهيدية على مشروعي قانونين لضم الضفة الغربية وفرض السيادة الإسرائيلية على مستوطنة «معاليه أدوميم» شرق القدس، تصعيدًا خطيرًا وعدوانًا سافرًا على حقوق الشعب الفلسطيني، وإعلانًا رسميًا عن دفن حل الدولتين وتقويض أي فرصة لإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس.
وأكدت المحافظة في بيان صحافي أن هذه المصادقة «تمثل تورطًا رسميًا من المؤسسة الإسرائيلية في جريمة الضم والاستيطان، وتشكل خطوة جديدة ضمن سياسة استعمارية ممنهجة لشرعنة الاحتلال وتقطيع أوصال الأرض الفلسطينية إلى كانتونات معزولة تُحكم بالحصار والحواجز، في محاولة لتغيير الواقع الجغرافي والديمغرافي وفرض وقائع باطلة على الأرض، لتصبح حلقة جديدة من حلقات حرب الإبادة الجماعية المستمرة بحق الشعب الفلسطيني».
يشار أن مصادقة الكنيست على مشروعي القانون تمت بالقراءة التمهيدية، وحتى يتحولا لقانون فعليا ما زالت الطريق طويلة ويحتاج ذلك لمصادقة بثلاث قراءات وبأغلبية غير اعتيادية.
تفاصيل المشروعين
قال الكنيست، في بيان نشره على موقعه الإلكتروني:»وافقت الهيئة العامة للكنيست بالقراءة التمهيدية على مشروع قانون تطبيق سيادة دولة إسرائيل على مناطق يهودا والسامرة (الضفة الغربية)، الذي قدّمه النائب آفي ماعوز (عن كتلة نوعام اليمينية)».
ووفق بيان الكنيست الذي نشره على موقعه الإلكتروني، يقترح نص المشروع على أن «قانون دولة إسرائيل وسلطتها القضائية وإدارتها وسيادتها ستُطبّق على جميع مناطق المستوطنات في يهودا والسامرة» أي الضفة الغربية.
وقال: «تنص الملاحظات التوضيحية لمشروع القانون على أنه في الذكرى السابعة والسبعين للنهضة الوطنية لدولة إسرائيل (حرب 1948)، والثامنة والخمسين لعودة الشعب اليهودي إلى موطنه التاريخي في يهودا والسامرة (حرب 1967)، وبموجب حقنا الطبيعي والتاريخي، واستنادا إلى قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة، يُقترح أن تُطبّق دولة إسرائيل قوانينها وسيادتها على مناطق الاستيطان في يهودا والسامرة. وذلك لترسيخ مكانة هذه المناطق كجزء لا يتجزأ من دولة إسرائيل ذات السيادة».
جدير بالذكر أن الجمعية العامة للأمم المتحدة كانت قد أصدرت في نوفمبر 1947 القرار رقم 181، الذي قضى بتقسيم فلسطين إلى دولتين: يهودية (على نحو 55 بالمئة من الأرض) وعربية (على نحو 45 بالمئة)، مع وضع خاص للقدس تحت إدارة دولية.
ويتناقض ذلك مع ما تزعمه إسرائيل بشأن الضفة الغربية، التي لم يشملها القرار أصلا ضمن حدود الدولة اليهودية المقترحة آنذاك.
أما مشروع القانون الثاني الذي صوت عليه الكنيست بالقراءة التمهيدية، فقد قال الكنيست: «صوّتت الهيئة العامة للكنيست بالموافقة في قراءة تمهيدية على مشروع قانون تطبيق السيادة على معاليه أدوميم (مستوطنة بالضفة)، الذي قدّمه النائب أفيغدور ليبرمان (إسرائيل بيتنا) ومجموعة من أعضاء الكنيست».
وأضاف: «في التصويت، أيده 32 عضوًا في الكنيست مقابل 9 معارضين، وسيُحال مشروع القانون إلى لجنة الخارجية والدفاع لمناقشته، قبل عرضه للقراءة الأولى من أصل ثلاث قراءات ليصبح قانونًا نافذًا».
وأشار إلى أن «مشروع القانون يقترح تطبيق قانون دولة إسرائيل وسلطتها القضائية وإدارتها على منطقة معاليه أدوميم».
وقال: «تنص الملاحظات التوضيحية لمشروع القانون على أنه تأسست مدينة (مستوطنة) معاليه أدوميم عام 1977، وعلى مر السنين نمت لتصبح مدينة يبلغ عدد سكانها حوالي 40 ألف نسمة».
وأضاف: «تقع المدينة على بُعد حوالي 7 كيلومترات شرق القدس، على طول طريق القدس – البحر الميت، عند مفترق طرق استراتيجي بالغ الأهمية لتأمين الطريق إلى القدس».
وتابع: «تقع معاليه أدوميم في منطقة لطالما كانت جزءا لا يتجزأ من أرض إسرائيل التاريخية» وفق تعبيراته.
وزعم الكنيست أنه «وفقا للملاحظات التوضيحية، فإن هناك اتفاق واسع، في إسرائيل وعلى الصعيد الدولي، بشأن تطبيق السيادة الإسرائيلية على معاليه أدوميم».
وتقع «معاليه أدوميم» شرق القدس المحتلة، وهي إحدى أكبر المستوطنات بالضفة الغربية المحتلة.
ومن شأن ضمها عزل القدس الشرقية عن محيطها الفلسطيني من الناحية الشرقية، وتقسيم الضفة الغربية إلى قسمين.