شهدت منطقة المعصرة بحلوان ليلة فوضوية أشبه بمشاهد أفلام الأكشن،بعدما اندلعت معركة شرسة بين عدد من البلطجية وتجار المخدرات، استخدمت فيها الأسلحة البيضاء والسيوف والألعاب النارية، الثلاثاء الماضي.

الأهالي الذين تابعوا المشهد من نوافذمنازلهم أو عبر مقاطع الفيديو المنتشرة على مواقع التواصل، وصفوا ما حدث بأنه “حرب شوارع” حقيقية، استمرت لساعات دون تدخل فوري وحاسم من قوات الأمن.

المعركة، التي تسببت في إصابة عدد من الأشخاص وحالة ذعر بين السكان،أعادت إلى الواجهة ملف الانفلات الأمني الذي تعاني منه مناطق شعبية عدة، حيث تنتشر تجارة المخدرات وتفرض العصابات سيطرتها على الشوارع دون رادع. ومع أن هذه الحوادث ليست الأولى في المعصرة، فإن تكرارها يؤكد وجود خلل أمني واضح، إما نتيجة ضعف الإمكانيات أو غياب الإرادة السياسية لمعالجة جذور المشكلة.
https://x.com/i/status/1955291007374745679

هذه المفارقة تثير غضبًا واسعًا، إذ يرى المواطنون أن الشرطة، التييفترض أن تحميهم من الخطر المباشر على حياتهم وأسرهم، تختار بدلًا من ذلك ملاحقة النشطاء أو الصحفيين أو حتى من يكتبون منشورات ناقدة على فيسبوك، تاركة الشوارع نهبًا للفوضى والجريمة المنظمة.
 

غضب وسخرية
على فيسبوك وتويتر، امتلأت الصفحات المحلية ومجموعات المعصرة بمقاطع الفيديو والتعليقات الغاضبة التي توثق ما جرى في الشوارع. كثير من الأهالي عبرواعن استيائهم من غياب الشرطة وقت اندلاع الاشتباكات، فيما لجأ آخرون إلى السخرية المرة، قائلين إن “المعصرة بقت منطقة حرة لتجار المخدرات والبلطجية”، بينما الأمن مشغول بملاحقة من يكتبون رأيًا معارضًا.

انتشرت أيضًا دعوات لضرورة التحرك الشعبي عبر تقديم بلاغات جماعية، وتشكيل لجان شعبية لحماية الأحياء من العصابات، وهو ما يعكس شعورًا باليأس من تدخلالدولة بشكل فعّال.
بعض التعليقات حملت طابع التحذير، إذ أكد الأهالي أن تكرار هذه المشاهد قد يؤدي إلى سقوط قتلى أبرياء في أي لحظة، خاصة في ظل الاستخدام العشوائيللأسلحة البيضاء والألعاب النارية وسط مناطق سكنية مكتظة.

هذه الموجة من الغضب الرقمي أظهرت أن المواطن البسيط بات يرى الفجوة الأمنية بوضوح: الشرطة موجودة، لكن أولوياتها بعيدة كل البعد عن همومه اليومية ومخاوفه المباشرة، وهو ما يفاقم الشعور بأن الدولة تخلت عن مسؤوليتها الأساسية في حماية الناس من الخطر المباشر.

فمن جهته قال أحد المغردين يدعى محمد أبو شنب" بقالها 3ايام.وكانت على الكورنيش يوم السبت الماضى نسوان ورجالة وتكاتك موتوسيكلات وطوبوازاز وشوم. كانت ليلة كبيرة اوى".
https://x.com/elsherif70sheri/status/1955392990836560038

وقال حساب الريانة " واين الشرطة من كل ده بيخافوا زى لماالعصابة بتاعت السيارات الناس تروح القسم قالوا لهم خدوا شيخ عرب أصل لو جينا العصابة هتضرب رصاص وعربيتكم ممكن تتبهدل ودفعوا للعصابة ١٨ الف عشان يرجعوا عربيتهم".
https://x.com/NenoNG2020/status/1955587518981865750

وأشار المعلم " ماحدش يقول لـ وزارة الداخليه بقي عشان مش فاضيين عندهم تفتيش موبايلات الناس في الكمائن".
https://x.com/AhmaMahgub/status/1955296421545996752

وأكد جمال أن تلك الفواعل نتيجة "  ثمار دراما العوضي و محمد.رمضان و غيرهم".
https://x.com/gal619733/status/1955339938335011085

وأضاف حساب الأحلام " فيناللجان المتخلفة اللي فرحانة بالقبض علي بتوع التيك توك و سايبين تجار المخدرات والأمن و الأمان".
https://x.com/dreamer68000987/status/1955302391135228052
 

تجار المخدرات… نفوذ يتنامى في ظل الغياب الأمني
شهادات الأهالي تشير إلى أن نشاط تجار المخدرات في المعصرة أصبحعلنيًا بشكل لافت، حيث تُجرى عمليات البيع والشراء في وضح النهار أمام أعين الجميع، بما فيهم رجال الشرطة.
بعض السكان يذهبون أبعد من ذلك، فيتهمون الأجهزة الأمنية بغض الطرف عن هؤلاء التجار، سواء بسبب التواطؤ أو الاكتفاء بجمع المعلومات دون تدخل فعلي، بينما يتم توجيه الجهود نحو ملاحقة المعارضين السياسيين وأصحابالرأي.
 

انفلات أمني يهدد السلم الاجتماعي
حوادث مثل معركة المعصرة لا تتوقف عند حدود المواجهات بين عصابات متناحرة، بل تمتد آثارها إلى المجتمع بأكمله، حيث يشعر المواطنون بانعدام الأمان،وتزداد مخاوفهم على أبنائهم من الانجرار إلى دوامة العنف أو الإدمان.
كما أن استمرار هذه الظواهر يؤدي إلى تآكل ثقة الناس في مؤسسات الدولة، ويعزز من صورة أن القانون لا يُطبق إلا على الضعفاء أو من يجرؤون على معارضة السلطة.

الحاجة إلى إعادة ترتيب أولويات الأمن المطلوب ليس فقط القبض على مجموعة من البلطجية بعد الحادثة لتهدئة الرأي العام، بل وضع خطة حقيقية لتجفيف منابع الجريمة، تبدأ من ملاحقة كبار تجارالمخدرات وحماية الشهود، مرورًا بتكثيف الوجود الأمني الفعّال في المناطق الساخنة،

وليس الاكتفاء بالحملات الموسمية. كما يجب أن يتوقف استنزاف موارد الأمن في ملاحقةالأصوات المعارضة، فالتهديد الحقيقي للسلم المجتمعي يأتي من السكاكين في الشوارع والسموم التي تباع على الأرصفة، لا من التغريدات والمنشورات.