سمعنا من قبل عن حوادث تمييز ضد المحجبات وتعرضهن لمضايقات في أماكن عامة وداخل مطاعم، لكنها عادة ما تحدث في دول غربية وتأتي في إطار "الإسلاموفوبيا"، لكن الغريب أن هذا التمييز بات مكررًا في بلد مصر، حيث يمثل المسلمون الغالبية العظمى.
أحدث مظاهر هذا التمييز شهدها أحد المطاعم الشهيرة في القاهرة، وكانت ضحيته ابنة رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، القريب من دوائر السلطة الحاكمة في مصر، بعد أن منعت من دخوله بسبب ارتدائها الحجاب.
وأعقب ذلك اتخاذ قرار بإغلاق جميع فروع مطعم وديسكو "إيسكا – Escā" في القاهرة، قبل أن يتم التراجع عن القرار بعد 48 ساعة فقط، ليؤكد استئناف العمل بشكل طبيعي.
ووفق ما تداوله شهود عيان، نشبت مشادة داخل أحد فروع المطعم عقب رفض دخول نسيم العرجاني، تنفيذًا لـ "سياسة داخلية غير معلنة" تمنع دخول المحجبات.
غضب واسع
وأثارت الواقعة التي حدثت في فرع المطعم بـ "نيو جيزة"، غضبًا على منصات التواصل الاجتماعي، بخاصة وأنها ليست المرة الأولى التي يحدث فيها ذلك.
وعلى الرغم من عدم صدور أي بيان رسمي يوضح أسباب القرار أو ملابساته، إلا أن ما تداوله منشورات رواد مواقع التواصل الاجتماعي كشفت عن حالة غضب واسعة، وسط مطالبات بمحاسبة مسؤولي المطعم، خاصة أن لا يوجد قانون يمنع دخول المحجبات، متهمين إدارة المطعم بالتمييز العنصري والتنمر.
وعلى الرغم من شكاوى مماثلة في السابق إلا أن هذه المرة ربط البعض إغلاق سلسلة المطاعم، بنفوذ والدة الفتاة إبراهيم العرجاني، وعلاقته القوية بالأجهزة الأمنية في مصر.
كتبت ابنة إبراهيم العرجاني: "العين التي تستصغرني أُعميها"، وذلك ردًا على منعها كمحجّبة من دخول أحد المطاعم، بعد أن قام والدها بإغلاق مجموعة المطاعم.
— AMR ABD ELHADY || عمرو عبد الهادي (@amrelhady4000) November 3, 2025
هذه أقل نتيجة يمكن أن تحدث في بلد أصبح يسوده الفوضى ويديره الفوضوي #السيسى وتُدار بسياسات فاسده.
وعندما تحدث عنصرية وتمييز في بلدٍ…
رغم تعدد شكاوى المصريات من مطاعم ترفض دخول المحجبات دون أي استجابة،
— حزب تكنوقراط مصر (@egy_technocrats) November 3, 2025
إلا أنّ الأمر تغيّر حين مُنعت ابنة إبراهيم العرجاني من الدخول بسبب حجابها؛
فأُغلق المطعم الشهير يومين متتاليين وأُجبر على تعديل لوائحه الداخلية.
في مصر... لا تُقاس الكرامة بالقانون، بل باسم العائلة. pic.twitter.com/OiwB6TMLLi
غياب الرادع القانوني
ويري مراقبون، أن تكرار مثل هذه الحوادث يكشف إلى أي مدى تمارس العنصرية ضد المحجبات دون اتخاذ أي إجراء قانوني تجاه هذا المطعم وغيره مما تعرف بمطاعم الصفوة. حيث لا توجد قواعد تسمح بذلك في مصر، إلا أن تراخي الجهة المسؤولة جعل من مثل هذه الممارسات أمرًا معتادًا ومكررًا.
وسبق وأن وثّق مقطع فيديو نشرته صحف ووسائل إعلام، عام 2023، واقعة طرد مجموعة من الفتيات من أحد فروع المطعم في منطقة الرحاب، بسبب وجود محجبات بينهن.
وروت طالبة بكلية الطب تدعى "عهود محمد" عبر صفحتها على "فيسبوك"، تفاصيل تعرضها و15 من صديقاتها للطرد من داخل المطعم الشهير بالقاهرة الجديدة، بسبب حجاب إحدى صديقاتها، على الرغم من أنه لم يخبرهن مسبقًا برفضه دخول المحجبات أو منعهن من الدخول.
وقالت إنها قامت بالحجز في المطعم للاحتفال بعيد ميلادها برفقة صديقاتها وأثناء الدخول اعترضت إدارة المطعم على دخول صديقتهن صاحبة الحجاب، كما رفضت الإدارة جلوس الفتيات سواء داخل المطعم أو المنطقة المحيطة به خارجيًا في ظل وجود الصديقة المحجبة.
وكشفت أن إدارة المطعم أخبرتهن أن هذا خطأ الموظف الذي قام بالحجز لهن، لكونه لم يخبرهن بتعليمات الإدارة بمنع دخول المحجبات، موضحة أنها حاولت التفاهم وحل المشكلة وديًا مع الإدارة والسماح لهن بالدخول لعدم علمهن بالتعليمات مسبقًا، إلا أن إدارة المطعم رفضت وهددت باستدعاء الأمن لطردهن.
يأتي ذلك على الرغم من اللائحة التنفيذية لعمل المنشآت السياحية تنص على أنه "يسمح للمواطنين والأجانب بالدخول أو الإقامة فى المنشأة، والالتزام باتباع التعليمات الصادرة عنها والمعتمدة من الوزارة المختـصة، دون تمييـز بيـنهم بسبب الدين، أو العقيدة، أو الجنس، أو الأصل، أو العرق، أو اللون، أو اللغـة، أو الإعاقــة، أو المــستوى الاجتمــاعى، أو الانتمــاء الــسياسى أو الجغرافــى، أو لأى سبب آخر، وبما لا يتعارض مع عادات وتقاليد المجتمع المصري".

