تقدم الرئيس التنفيذي والعضو المنتدب للشركة، أحمد عمرو رجب، باستقالته من منصبه، بعد 13 يومًا متواصلة من الإضراب عن العمل الذي نفذه نحو ألف عامل داخل المصانع التابعة للشركة بالإسكندرية. الاستقالة، التي أُعلنت جاءت على خلفية ضغوط متزايدة مارسها العمال عبر تحركهم الجماعي، والذي شل الإنتاج وأثار جدلًا في الأوساط العمالية والإدارية، في خطوة اعتبرها عمال شركة مصر العامرية للغزل والنسيج "انتصارًا جزئيًا".
مصادر عمالية أكدت أن الاستقالة كانت "نتيجة مباشرة" للإضراب، معتبرين أنها تمثل "إقالة غير معلنة"، خاصة أن مطلب رحيل رجب كان في صدارة مطالبهم منذ بداية التحرك.
وأوضح أحدهم أن مجلس إدارة بنك مصر، المالك الوحيد للشركة، سيقوم بتعيين قائم بأعمال الرئيس التنفيذي اليوم الثلاثاء، إلى حين انعقاد الجمعية العمومية واتخاذ القرار النهائي بشأن الإدارة الجديدة.
من جانبه، صرح رجب بأن قرار الاستقالة جاء رغم تمسك مجلس إدارة البنك ببقائه، لكنه رأى أن "هذه المرحلة ليست مرحلته"، موضحًا أنه منذ توليه المنصب عمل على الحد من الخسائر التشغيلية التي كانت ترهق الشركة، ونجح في القضاء عليها.
وأكد أنه طبّق الحد الأدنى للأجور المقرر بـ7 آلاف جنيه بمجرد صدور القرار، لكنه أشار إلى أن مطلب العمال بتطبيق التدرج الوظيفي كان سيتطلب أكثر من 30 مليون جنيه، وهو ما اعتبره عبئًا ماليًا يصعب تحمله.
الإضراب، الذي بدأ في 30 يوليو، جاء ردًا على ما وصفه العمال بـ"التلاعب في تطبيق الحد الأدنى للأجور" و"تجاهل التدرج الوظيفي"، إلى جانب سلسلة مطالب منها صرف العلاوات المتأخرة، واحتساب أجر الإضافي ليوم السبت على الأجر الشامل، وزيادة حافز الإنتاج، وإنهاء ما وصفوه بـ"الإجراءات التعسفية" في التعامل مع رصيد الإجازات السنوية.
التصعيد وصل إلى استدعاء خمسة عمال من قبل مباحث الأمن الوطني بالإسكندرية، قبل يوم واحد من انتخابات مجلس الشيوخ، في محاولة - بحسب العمال - للضغط عليهم لإنهاء الإضراب.
لكن التحرك العمالي استمر، خاصة بعد أن رفضوا عرضًا من إدارة بنك مصر بزيادة "بدل الوردية" 200 جنيه ليصل إلى 600 جنيه، مع توفير سيارة إسعاف مجهزة، مقابل إنهاء الإضراب، وهو العرض الذي وصفوه بـ"الاستهزاء".
العمال أبدوا استعدادًا للاستماع إلى القائم بأعمال الرئيس التنفيذي الجديد، مؤكدين أن موقفه تجاه المطالب سيحدد مسار الإضراب في الأيام المقبلة.
ورغم الاستقالة، يظل جوهر الأزمة متمثلًا في فجوة الأجور الهائلة داخل الشركة، حيث لا يتجاوز راتب العامل الذي أمضى 38 عامًا في الخدمة 5800 جنيه، بينما تصل رواتب المستشارين والمديرين الذين عيّنهم رجب إلى نحو 100 ألف جنيه.
معاناة عمال العامرية لم تبدأ اليوم؛ فالشركة شهدت على مدار العقد الماضي عدة احتجاجات وإضرابات. ففي 2019 أضرب العمال للمطالبة بتحسين الرواتب، وفي 2015 نظموا وقفة احتجاجية أمام مديرية القوى العاملة اعتراضًا على إغلاق الشركة، وفي 2013 دخلوا في إضراب بعد أنباء عن إنهاء عقود 300 عامل مؤقت.
تُعد شركة مصر العامرية للغزل والنسيج، المملوكة بالكامل لبنك مصر، من الكيانات الصناعية الكبرى في قطاع الغزل والنسيج، وتضم مصانع متخصصة في النسيج، الملابس، الغزل، التبييض، الصباغة، والطباعة. لكن تكرار الأزمات العمالية فيها يعكس تحديات متراكمة في الإدارة والسياسات التشغيلية، ما يثير تساؤلات حول مستقبلها وقدرتها على استعادة الاستقرار والإنتاج.