يواصل عمال شركة العامرية للغزل والنسيج بمحافظة الإسكندرية إضرابهم الشامل عن العمل لليوم الثالث عشر على التوالي، في واحدة من أطول التحركات العمالية التي شهدها القطاع الصناعي خلال السنوات الأخيرة.
ويأتي الإضراب احتجاجًا على ما يصفه العمال بـ"التلاعب في تطبيق الحد الأدنى للأجور"، إضافة إلى تجاهل الإدارة لمطالبهم بتحسين الأوضاع المعيشية والمهنية، وسط تصاعد التوتر بعد تدخل جهاز الأمن الوطني واستدعاء خمسة من العمال للتحقيق.
 

أسباب الإضراب: الحد الأدنى للأجور في قلب الأزمة
تعود جذور الأزمة إلى شهر مارس الماضي حين أعلنت إدارة الشركة نيتها تطبيق قرار الحكومة برفع الحد الأدنى للأجور إلى 7 آلاف جنيه.
لكن العمال يؤكدون أن التنفيذ كان "شكليًا" عبر إضافة بند جديد على قسائم الرواتب تحت مسمى "المتمم للحد الأدنى"، وهو مبلغ متغير يقل أو يزيد وفق راتب كل عامل، وغالبًا ما يتم تعديله بحيث لا يتغير صافي الراتب الفعلي.

أحد العمال، الذي فضّل عدم ذكر اسمه، أوضح أن راتبه كان 4 آلاف جنيه قبل القرار، وأضافت الإدارة 1500 جنيه كمتمم، ليصبح 5500 جنيه، ثم بعد إضافة علاوة قدرها 200 جنيه، خفضت الشركة المتمم إلى 1300 جنيه، ليبقى الراتب كما هو دون زيادة.
وأضاف: "كلما جاءت علاوة أو ميزة مالية، يخفضون المتمم بنفس القدر، فنظل عند نفس الصافي".
 

مطالب العمال: من الأجور إلى الحوافز
العمال يطالبون بصرف العلاوات المتأخرة، وزيادة بدل الوجبة، واحتساب العمل الإضافي عن يوم السبت على الأجر الشامل لا الأساسي، إضافة لزيادة حافز الإنتاج، ووقف سياسة إجبارهم على التنازل عن رصيد الإجازات السنوية أو القيام بإجازات إجبارية قبل المعاش.

عاملة بالشركة منذ 38 عامًا قالت: "بعد ما بنينا الشركة على أكتافنا وفنينا عمرنا فيها، المرتب اللي بناخده مش مكفينا ناكل ونشرب".
 

اتهامات بتمييز الرواتب واستقدام مستشارين برواتب ضخمة
العمال يشيرون إلى فجوة هائلة بين رواتبهم ورواتب مديري الإدارات والمستشارين الذين تم استقدامهم مع تولي الرئيس التنفيذي أحمد عمرو رجب المنصب، حيث تتراوح رواتبهم بين 50 و100 ألف جنيه شهريًا، مقابل رواتب العمال التي لا تتجاوز بضعة آلاف.
أحدهم قال: "لما واجهنا الرئيس التنفيذي قال إنهم مش بياخدوا حاجة من جيوبكم، لكن إحنا بنسأله مرتبه هو شخصيًا بييجي منين غير من شقانا؟".
 

تدخل الأمن الوطني ومحاولات لفض الإضراب
وفق روايات العمال، استدعت مباحث الأمن الوطني بالإسكندرية خمسة منهم للتحقيق قبل يوم من انتخابات مجلس الشيوخ، حيث حاول ضابط الأمن إقناعهم بإنهاء الإضراب مقابل وعد بزيادة 15% في يناير 2026، لكن العمال رفضوا العرض.
 

أعباء إضافية: التأمينات والخدمات الصحية
إلى جانب أزمة الأجور، يواجه العمال توقف بعض الخدمات الصحية نتيجة تراكم مديونيات الشركة للتأمينات الاجتماعية بنحو 5 ملايين جنيه، ما أدى لتعطيل عمليات علاجية لعدد من الموظفين.
 

تاريخ من الاحتجاجات
لم تكن هذه هي المرة الأولى التي يشهد فيها المصنع احتجاجات واسعة؛ ففي 2019 نفذ العمال إضرابًا للمطالبة برفع الأجور، وفي 2015 نظموا وقفة أمام القوى العاملة احتجاجًا على استمرار إغلاق الشركة، وفي 2013 أضربوا عقب أنباء عن إنهاء عقود 300 عامل مؤقت.