كشف برنامج الغذاء العالمي، أن نحو نصف مليون فلسطيني في قطاع غزة، أي ما يعادل ربع سكانه، وصلوا بالفعل إلى حافة الجوع، فيما يعيش بقية السكان في «مستويات طوارئ من الجوع»، حيث أصبح أكثر من ثلث السكان يقضون أيامًا كاملة دون أن يتناولوا أي طعام.

البرنامج أوضح أن الكارثة تطال جميع الفئات العمرية، لكن الأطفال هم الأكثر عرضة للخطر، إذ يواجه أكثر من 320 ألف طفل دون سن الخامسة في غزة خطر سوء التغذية الحاد، بينهم الآلاف الذين دخلوا مرحلة «سوء التغذية الوخيم»، وهو أخطر أشكال نقص التغذية على الإطلاق، ويهدد الحياة بشكل مباشر.

وفي سياق متصل، أصدرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة «يونيسف»، وصفت فيه الارتفاع المفاجئ في عدد الأطفال المصابين بسوء التغذية الحاد بأنه «مذهل»، مؤكدة أن أعدادهم تضاعفت منذ يونيو الماضي، وزادت أربعة أضعاف مقارنة بشهر فبراير، حين كان هناك نحو ألفي طفل يعانون سوء التغذية. المنظمة حذرت من «تسارع وتيرة هذا التدهور» بما يهدد حياة جيل كامل من أطفال غزة.

من جهتها، أطلقت منظمة «أطباء بلا حدود» اتهامات غير مسبوقة، متحدثة في تقرير لها بعنوان «هذه ليست إغاثة بل قتل ممنهج» عن ممارسات القوات الإسرائيلية والمتعهدين الأمريكيين في مواقع توزيع المساعدات الغذائية، التي تديرها مؤسسة «غزة الإنسانية» المدعومة أمريكيًا وإسرائيليًا.

التقرير أشار إلى أن هذه المواقع تحولت إلى «مصائد موت»، حيث تم «عسكرة توزيع الغذاء» وارتكاب أعمال عنف موجهة وعشوائية ضد فلسطينيين جائعين. ودعت المنظمة إلى التفكيك الفوري لمخطط «غزة الإنسانية» وإعادة آلية المساعدات التي تنسقها الأمم المتحدة، كما طالبت الحكومات المانحة، وعلى رأسها الولايات المتحدة، بتعليق دعمها المالي والسياسي لتلك المؤسسة.

وبحسب ما وثقته «أطباء بلا حدود»، فقد استقبلت عيادتان تابعتان لها، خلال سبعة أسابيع فقط منذ 7 يونيو، 1380 مصابًا بينهم 71 طفلًا، إضافة إلى 28 شهيدا جميعهم جُلبوا من مواقع تديرها «غزة الإنسانية».

ردود الفعل الدولية لم تتأخر، إذ قال فيليب لازاريني، المفوض العام لوكالة «أونروا»، تعليقًا على التقرير: «هذه ليست مساعدة، بل قتل مُدبر، وترخيص بقتل الجائعين دون عقاب». بينما طالب المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم جيبريسوس، بإنهاء الحصار المفروض على غزة فورًا، وزيادة تدفق المساعدات الإنسانية لإعادة بناء المخزونات الأساسية.

أما على أرض الواقع، فقد أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية في غزة تسجيل 4 شهداء جدد خلال 24 ساعة جراء الجوع وسوء التغذية، بينهم طفلان، ليرتفع إجمالي شهداء سوء التغذية منذ بدء الحرب إلى 201 حالة، من بينهم 98 طفلًا.

وتفاقمت المأساة الإنسانية مع حوادث مرتبطة بعمليات إسقاط المساعدات، إذ تسبب سقوط مظلة محملة بالمساعدات على خيام نازحين في مدينة غزة بإصابة أحد الفلسطينيين، بينما أدى انهيار سقف أحد المباني جراء محاولة سكان إنزال مساعدات إلى إصابة عدد منهم.

هذا المشهد المأساوي يعكس تدهورًا غير مسبوق في الوضع الإنساني بقطاع غزة، وسط تحذيرات أممية من أن استمرار هذه الظروف سيقود إلى كارثة إنسانية شاملة، ما لم يتوقف الحصار ويتم تأمين دخول المساعدات بشكل آمن وكافٍ لجميع السكان.