أعلنت وزارة العدل الأميركية، في 7 أغسطس 2025، رفع قيمة المكافأة المالية المقدمة لمن يدلي بمعلومات تؤدي إلى اعتقال الرئيس الفنزويلي الحالي، نيكولاس مادورو، من 25 مليون دولار إلى 50 مليون دولار، وهو أكبر مبلغ مكافأة في تاريخ الولايات المتحدة، وقد وصفت وزيرة العدل الأميركية بام بوندي مادورو بأنه «أحد أكبر تجار المخدرات في العالم» ويشكل «تهديداً للأمن القومي» للولايات المتحدة.
رفع المكافأة جاء في سياق تصعيد جديد في الاتهامات التي تفرضها واشنطن على مادورو وحكومته، حيث وصفته بوندي بأنه "أحد أكبر تجار المخدرات في العالم" و"تهديد للأمن القومي الأميركي"، متهمة إياه بالتعاون مع عصابات مثل Tren de Aragua الفنزويلية و سلالمويلا كارتيلي (Sinaloa Cartel) و "كارتل الشمس" (Cartel de los Soles) المكسيكية.
الآن، جاء إعلان بوندي ليشكل قمة هذا المسار التصعيدي؛ إذ قدمت مكافأة قياسية تحت ذريعة استهداف "التهديد للأمن القومي"، زادت الغيوم السياسية، إذ جاءت أيضًا بعد اتفاقات حساسة تضمّنت الإفراج عن محتجزين أميركيين وتخفيف العقوبات على شركات نفط مثل شيفرون
كما تحدثت الوزارة عن ضبط أكثر من 30 طنًا من الكوكايين المرتبط بمادورو وشركائه، بينها سبعة أطنان مرتبطة به شخصيًا، ويمثل ذلك تهديدًا للأمن القومي الأميركي بحسب الوزارة.
في يناير 2020، خلال إدارة ترامب، كانت الولايات المتحدة قد قدمت اتهامات مشابهة لمادورو ومسؤولين آخرين بتهم الإرهاب والاتجار بالمخدرات ورفعت مكافأة للقاطعين معلومات إلى 15 مليون دولار، ثم رفعت إدارة بايدن المكافأة إلى 25 مليون دولار في يناير 2025، لكن الزيادة الأخيرة إلى 50 مليون دولار تمثل قفزة كبيرة وتأتي في ظل تصاعد التوترات بين واشنطن وكراكاس.
الرد الفنزويلي كان سريعًا وغاضبًا؛ إذ وصف وزير الخارجية الفنزويلي إيفان جيل الإعلان بأنه «دعاية سياسية رخيصة» و«سيرك إعلامي» موجه لإثارة الشفقة فقط، وقال إن الأمر محاولة يائسة لصرف الانتباه عن الأزمات والمشاكل الداخلية في الولايات المتحدة، خاصة المتعلقة بفضائح مثل قضية جيفري إبستين، كما نددت كراكاس بالقرار واعتبرته «سخيفًا» و«مهزلة» تستهدف تشويه سمعة القيادة الفنزويلية.
هذه التطورات تعكس تصاعد الضغوط الدولية والعقوبات التي تواجه حكومة مادورو، والتي تشمل قيودًا من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وبريطانيا بعد إعادة انتخابه عام 2024 في انتخابات مثيرة للجدل ورفض اعتراف دولي واسع بنتائجها، كما يحتدم الجدل داخليًا حول مدى جدوى هذه العقوبات والتصرفات الأميركية مقارنة بالتداعيات السياسية والاقتصادية التي تعاني منها فنزويلا.
من جانبها، وصفت أميركا مادورو بأنه يستخدم «المخدرات كسلاح» ضد الولايات المتحدة، وبأنه على علاقات متشابكة مع جماعات إرهابية مثل القوات المسلحة الثورية الكولومبية (فارك) المصنفة إرهابية من قبل الولايات المتحدة، مما يزيد من حدة التوتر حول الملف الفنزويلي كأحد ملفات الأمن القومي الأميركي.
التصعيد الأميركي الأخير، وخاصة رفع المكافأة المالية بشكل كبير، يطرح تساؤلات حول أهداف هذه الخطوة السياسية وتأثيرها على الاستقرار في فنزويلا والمنطقة بأسرها، خصوصًا وأنها تأتي في وقت تشهد فيه فنزويلا أزمة اقتصادية وإنسانية مستمرة، وتوترات سياسية داخلية على خلفية أزمة الشرعية والاحتجاجات.
في خضم هذه الأزمة الدولية، يمكن اعتبار سياسة إدارة واشنطن تجاه مادورو نموذجًا لتصعيد سياسي يعتمد على الضغوط الاقتصادية والقانونية المكثفة، مع استبعاد الحوار السياسي البناء، وهو ما يعمق من مأساة شعوب المنطقة ويزيد من تعقيد المشهد الإقليمي والدولي.