بدأت آية حجازي بتبني وجهة نظر أثارت جدلاً عميقًا، مفادها أن "مطالب سكان غزة العاديين هي فقط أن يعيشوا".

هذا الطرح، الذي يطرح غزة كمساحة لطلب عيش فقط، أثار استياءًا كبيرًا، إذ جُرّد الفلسطيني والمقاومة من حقهم في الحرية والاستقلال، وحوّل القضية إلى تكرار لأدب "حقوق الإنسان بلا سياسة".

الرأي هذا يُعرض غزة في صورة "معتدى عليه"، دون احترام لشخصية الشعب الفلسطيني، حقوقه في الحرية الوطنية، وفي العودة، وفي إقامة دولة ذات سيادة.

وفي واقع التدمير الشامل والعزلة، ليس المعيشة هي الأصل، إنما الكرامة والاستقلال. الحفاظ على الهوية الوطنية حق، ليس رفاهية.

الانتقادات جاءت من أوساط وطنية وفكرية منتقدة، اعتبرت أن هذا الموقف "يخدم الاحتلال" لأنه يقلّل من المطالب الوطنية الجوهرية، ويحصر الهدف في البقاء الشخصي بدل التحرّر.

هذا التخفيف يُروّج لمذهبية بصيغة "علمانية مُخففة"، منسجمة مع سلطات الاحتلال دون التمسك بحق الإنجاز السياسي.

 

فريدمان: نقد معتدل أم تشتيت للتركيز؟

بينما واجهت حجازي اللوم الصاخب، كان فريدمان، الباحث المعروف، أكثر تريثًا في تعليقه.

لم ينقد الآثار المرتبة على طرحها بعمق، بل استخدم لغة "حقوق إنسان عامة" دون التفريق بين الاحتلال كعدو والاستعمار الفكري كأداة.

هذا الموقف يعزز الانقسام الفكري الداخلي، ويضع المتناقضات الإنسانية على قدم المساواة، رغم أن الكفاح الوطني لا يمكن اختزاله في مجرد طلب حياة بلا أهداف.

هذا التردد في نقد حجازي بوضوح حاد يعكس فعليًا أجندة غائبة: دعم المطالب الوطنية التحررية، وليس استبدالها بإنسانية عامة منفصلة عن السياق السياسي.

 

التحليل العميق: لماذا خطاب "عيشوا فقط" خطر؟

  • تقليل الهوية الجماعية والتحريرية: المطالبة بالعيش فقط تتجاهل مشروع التحرر الوطني، وتحوّل قضية شعب إلى حالة إنسانية دون إطار سياسي.
  • فقدان المصداقية أمام الاحتلال: أي طرح لا يرتكز على حق تقرير المصير بدل أن يعزذستحق العيش فقط يبقى ذريعة غير مباشرة للتهدئة والتطبيع.
  • العلمانية بلا عمق التحرر: حين يُفصل مطلب البقاء عن البناء السياسي، تصبح العلمانية عملية نفسها مجرد تبنٍ لما يقدّمه الاحتلال دون مقاومة.

 

الرد النقدي الشامل

لذلك، يجب أن يتيح أي تحليل شامل:

  • دعم كل مطالب غزة—من الغداء والمأوى—مع التمسك بالمطلب الأسمى، وهو الاستقلال والعودة.
  • رفض كل خطابات التهوين التي تمنع مناداة برفع الظلم.
  • إنشاء رؤية إنسانية – وطنية متكاملة، لا تنحصر في مطعوم يومي فقط.

 

الموقف الصحيح – الجمع بين الإنسانية والعدالة

لننتقل من "عيشوا" إلى "حرية وعودة وكرامة".

الشعب الفلسطيني لم يطلب فقط الطعام، بل العيش الحرّ في وطنه.

هناك حاجة إلى نظرة شمولية تجمع:

  • دعم إنساني عاجل (غذاء دعم دوائي)،
  • مقاومة أوسع سياسية (حق العودة، إنهاء الاحتلال)،
  • علمانية تحترم المكونات الدينية وتدفع نحو الدولة الليبرالية الديمقراطية وليس الدولة العلمانية الغربية فقط.

 

الخلاصة: المهزلة الإنسانية ليست بديلاً لمقاومة

التخلي عن مطلب الدولة والكرامة في مقابل "أن يعيشوا فقط" هو سمة من علامات النضحيّة المتناقضة: صوت بلا بناء، كلمة بلا استراتيجية.

ما تحتاجه غزة ليس الشعور فقط، بل دعم الشعور ولحمه في أجساد سياسة حقيقية.

وعندما يوقف فريد مان أو غيره النقد، فإنه يساعد في نشر طمس الحقوق التي يجب أن تُعلَن وتُطوّر من منظور التحرر.