أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي عن موافقته على مشروع إماراتي لنقل المياه من الأراضي المصرية إلى جنوب قطاع غزة، عبر خط أنابيب جديد يبدأ تنفيذه خلال الأيام القليلة المقبلة، بعد أن تم استيفاء الإجراءات الأمنية وموافقة القيادة في الاحتلال الاسرائيلي.

المشروع، الذي يندرج ضمن عمليات "الفارس الشهم 3" التي أطلقتها الإمارات منتصف يوليو الجاري، يمثل أكبر تدخل إنساني لتأمين المياه المحلاة لقرابة 600 ألف فلسطيني يواجهون شبح العطش في القطاع، خصوصًا مع تدمير أكثر من 80% من البنية التحتية للمياه بسبب الحرب المستمرة.

وقالت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية إن المعدات اللازمة لبناء خط الأنابيب بدأت تدخل مصر عبر معبر كرم أبو سالم الخاضع للسيطرة الإسرائيلية، مشيرة إلى أن "كل ما يتعلق بالمشروع يخضع لرقابة صارمة وإجراءات تفتيش أمنية دقيقة".

وبينما تمضي الأعمال اللوجستية قُدمًا، تُطرح تساؤلات حول الخلفيات السياسية والدلالات الإقليمية لهذا التعاون، خصوصًا أن المشروع يتم برعاية ثلاثية تجمع الإمارات، ومصر، والاحتلال وهي الأطراف نفسها التي اجتمعت سابقًا في "اتفاقيات أبراهام" الموقعة في سبتمبر 2020، حين دشّنت أبوظبي أولى خطوات التطبيع الخليجي العلني مع تل أبيب.

الإمارات تتصدر المشهد الإنساني.. و"الفارس الشهم" يحمل الماء لأهل العطش
وفقًا لما نقلته وكالة الأنباء الإماراتية "وام"، فإن المشروع يستهدف إيصال 15 لترًا من المياه المحلاة يوميًا لكل فرد في المناطق الأكثر تضررًا في جنوب القطاع، لاسيما خانيونس، التي تُعاني من شحّ مياه الشرب بشكل حاد.

 

مصر تُحضر الأرض.. وتحلية في العريش

من جهته، أعلن اتحاد قبائل سيناء في بيان له عبر منصة "إكس" (تويتر سابقًا)، عن الانتهاء من الأعمال الرئيسية لمشروع خط المياه، مؤكدًا أن الدعم جاء من مصر والإمارات معًا، إذ أقيمت ست محطات تحلية إماراتية في مدينة العريش بشمال سيناء بطاقة إجمالية تبلغ مليوني جالون يوميًا.

وأشار البيان إلى أن مصر قدّمت الأراضي والتسهيلات اللازمة لإنشاء تلك المحطات، إضافة إلى الدعم الفني والإداري اللازم لتشغيلها، مما يدلّ على وجود تنسيق عالي المستوى بين القاهرة وأبوظبي في إدارة هذه الأزمة الإنسانية.

 

تطبيع المياه.. تساؤلات سياسية تحت السطح

ورغم البعد الإنساني الظاهر للمشروع، إلا أن مراقبين يرون أن هذا التحرك لا يخلو من رسائل سياسية متشابكة، خصوصًا أن إسرائيل تملك الكلمة العليا في تمرير أو تعطيل أي مشاريع تدخل إلى قطاع غزة، المحاصر من البر والبحر والجو منذ نحو 17 عامًا.

كما أن ظهور التنسيق الثلاثي بين الإمارات ومصر وإسرائيل في توقيت بالغ التعقيد، يطرح تساؤلات حول الرؤية الإقليمية الجديدة لتقاسم أدوار "إغاثة غزة"، في ظل تعثر الحلول السياسية وغياب السلطة الفلسطينية عن تفاصيل المشهد.

 

أزمة مياه خانقة.. والحرب تُفاقم المأساة

تعاني غزة من أزمة مياه حادة نتيجة التدمير الواسع الذي طال شبكة المياه ومحطات التحلية والآبار خلال الحرب الإسرائيلية الأخيرة، إضافة إلى الحصار المستمر الذي يمنع دخول المواد اللازمة للصيانة أو إعادة الإعمار.

وكانت منظمات دولية قد حذّرت في وقت سابق من أن "أزمة المياه قد تتحول إلى كارثة صحية"، في ظل اعتماد مئات الآلاف من السكان على مصادر غير صالحة للشرب، مما أدى إلى انتشار أمراض خطيرة، خصوصًا بين الأطفال.